بقلم غالب قنديل

سورية والعراق ومصر والجزائر

غالب قنديل

يتفق الخبراء في العالم بأسره على ان شبكات الإرهاب التكفيري عابرة للحدود الإقليمية والقارية وهي نشأت في حضن تنظيمات عقائدية عالمية متعددة الجنسيات من حيث تكوينها ومنذ قيام ما سمي “مكتب المجاهدين” في أفغانستان بتخطيط وإشراف سعودي أميركي باكستاني بالشراكة مع التنظيم العالمي للأخوان المسلمين في تأسيس ما عرف لاحقا بشبكة القاعدة وهي تسمية مقتبسة عن مصطلح قاعدة بيانات المخابرات الأميركية التي تضمنت لوائح المجندين للقتال.

يضرب هذا الإرهاب اليوم يتشكيلاته ومنظماته المتعددة عددا كبيرا من الدول في العالم وهو يركز نشاطه التدميري في المجال العربي حيث يستهدف دولا كبرى ومهمة هي سورية والعراق ومصر واليمن وليبيا والجزائر وبعيدا عن استرجاع السجال حول دور الحكومات الراعية والداعمة او المتورطة التي باتت معروفة منذ احتلال العراق والعدوان على سورية وفي مقدمتها حكومات الولايات المتحدة وتركيا والسعودية وقطر والأردن والكيان الصهيوني وهي لم توفر جهدا ماليا او استخباراتيا او تسليحيا في تصعيد هجمات الإرهابيين وتطوير مقدراتهم ولا في تجميعهم وحشدهم إلى ساحات القتال.

بات الخطر الإرهابي العابر للحدود يتهدد جميع الدول العربية وجوارها الآسيوي والإفريقي والمتوسطي وهو قابل للانتشار نحو الدول المتورطة في دعم الإرهاب رغم اعتقاد مسؤوليها بأنهم محصنون من خلال أدوات الضبط والربط المخابراتية المحركة لقوى التكفير والإرهاب التي يدعمونها ويشغلونها بالأمر الأميركي وبالتنسيق مع الكيان الصهيوني.

تتخذ القيادة السورية من موقع المسؤولية مبادرات للتنسيق والتعاون مع الدول الشقيقة ضمن حدود قدرات تلك الدول ومدى استعدادها ويمكن القول إن تبلور كتلة عربية مناهضة للإرهاب تنسق الجهود المشتركة في مقاتلته ومطاردة فلوله وتعمل معا على الصعيدين الدولي والإقليمي لخوض هذه المواجهة الدفاعية الوجودية يمكن ان يمثل تعديلا كبيرا في توازن القوى ولهذا السبب يمكن تفسير الضغوط التي تتعرض لها بصورة خاصة كل من القاهرة وبغداد للجم ميلها إلى التقارب مع دمشق والانتقال من التبادل السري للمعلومات والخبرات إلى الشراكة الاستراتيجية المعلنة في قيادة معركة الدفاع عن الوجود ومصدر هذه الضغوط معلوم ومنظور بكل وضوح.

لاخيار امام العراق ومصر سوى التنسيق مع سورية لصد خطر الإرهاب الذي يضرب مصر ويمكن ان يعاود ارتداده إلى العراق بعد الإنجازات الكبرى من دون التنسيق مع سورية والشراكة العسكرية والأمنية مع الدولة الوطنية السورية وقواتها المسلحة في ضرب معاقل الإرهاب والتكفير وكذلك إن مصر تواجه اخطارا كبيرة وداهمة تتطلب التنسيق مع سورية والعراق بعد تحول ليبيا إلى معقل للجماعات الإرهابية التكفيرية بينما يستمر الدعم التركي والقطري لجماعة الأخوان ولخططها تحت سقف التغاضي السعودي فرغم الكلام السياسي المعسول الموجه إلى القيادة المصرية لم تتخذ الرياض أي خطوة جدية تلجم تمادي التدخلات التي تشنها كل من انقرة والدوحة داخل مصر وفي الجوار الليبي حيث تنسق الحكومات الثلاث في دعم وتبني الجماعات الإرهابية القاعدية والداعشية والواجهات الأخوانية التي تهدد مصر وامنها الوطني .

توحيد الجهود العراقية والسورية والمصرية في مقاتلة الإرهاب والعمل المشترك مع الجزائر ومع أي حكومات عربية مستعدة للتعاون السياسي والميداني من شأنه التأسيس لمناخ جديد يضع قوى التوحش والتكفير في حالة صعبة ويمكن الجيوش الوطنية والحكومات المستهدفة من التقاط زمام المبادرة لا سيما وان هذه الدول المحورية تحوز من الإمكانات والقدرات والخبرات الكثير ولو وحدت جهودها سوف تستطيع تغيير المعادلات والتوازنات بخطوات عملية فاعلة ومؤثرة.

الخطوات الجارية على سكة التعاون السوري العراقي مهمة ومن المأمول تطويرها وتصعيدها لحماية البلدين ولتحقيق إنجاز مهم في الحرب على الإرهاب يصون التضحيات والدماء التي بذلت حتى الآن في هذه المعركة الوجودية وما بين مصر وسورية والعراق يستدعي تطويرا وارتقاء بمستويات التعاون والعمل المشترك ولا يبدو في مثل هذه الحال ان الجزائر وسواها من أصحاب المصلحة في صد الخطر قد يتخلفون عن النداء .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى