خطيئة تضاف للجريمة في أم الحيران: موشيه آرنس
اذا قال محققو قسم التحقيق ضد الشرطة إن يعقوب أبو القيعان لم يقم بدهس الشرطي عن قصد اثناء هدم المنازل في منطقة أم الحيران البدوية ـ ستكون هناك حاجة إلى الاعتذار على الاتهامات التي وجهت اليه. هذا ما قاله وزير الداخلية جلعاد أردان مؤخرا. الامر الواضح الآن، ولا يجب انتظار استنتاجات لجنة، هو أنه لم يكن هناك أي اساس لاتهام أبو القيعان بتأييد داعش. فالحديث هو عن اتهام تلقائي وغير مبرر ضد العرب.
هذا النمط وجد تعبيره ايضا بعد الحرائق التي اندلعت في الغابات في الصيف. في حينه ايضا تم القاء المسؤولية على مخربين فلسطينيين، قبل التحقيق في ظروف اندلاع الحرائق. الاتهام الذي وجه لأبو القيعان كان مثابة اضافة الخطيئة للجريمة. الجريمة هي هدم منازل العائلات البدوية التي تعيش في أم الحيران منذ سنوات طويلة، بعد أن تم نقلهم إلى هناك، بأمر من الحاكم العسكري. لا حاجة إلى أي لجنة تحقيق لقول ذلك. هل سيعتذر أحد أمام العائلات التي هدمت بيوتها؟ كيف سيتم تعويضهم عن الممتلكات التي ضاعت؟.
الحكومة هي التي يجب أن تجيب على هذه الاسئلة، التي يجب اعتبارها جزء من سياق أوسع ـ حيث أن أكثر من 100 ألف بدوي يعيشون في قرى «غير معترف بها» وينتشرون على مساحة كبيرة في النقب. يمكن فهم الموقف المعارض لتحويل هذه الخيام إلى قرى ثابتة. ومن يعتقد أن على السكان البدو الذين يعيشون هناك يجب أن ينتقلوا مع الوقت إلى المدن. ولكن يجب أن يكون واضحا ان هذه العملية يجب تخطيطها وتنفيذها بالتعاون مع البدو انفسهم. استخدام القوة لا يجب أن يكون الخيار أبدا.
الحديث يدور عن مهمة واسعة تحتاج إلى وقت. يجب أن تكون جزء من خطة حكومية تساعد البدو في النقب على التأقلم مع الحياة العصرية في إسرائيل. هذه الخطة يجب أن تكون مقرونة باستثمارات كبيرة في التعليم الذي يعطي الشباب البدو المهارات المطلوبة في الاقتصاد العصري، والذي يعتمد على التكنولوجيا العالية وتمكينهم من المساهمة في اقتصاد الدولة وكذلك استفادتهم الشخصية.
من الذي سيتحمل المسؤولية عن هذه المهمة الكبيرة؟ مع كل الاحترام، لا يمكن تنفيذ ذلك خلال هذه الوزارة أو تلك، فحسب الاتفاقات الائتلافية يفترض أن يتم الاهتمام بها سنة أو سنتين، وبعد ذلك نقلها إلى وزارة اخرى. يجب أن تكون هذه المهمة جزء من خطة متعددة السنوات ومستمرة تكون تحت مسؤولية سلطة خاصة في مكتب رئيس الحكومة. هذه السلطة يجب أن تشمل مهنيين واقتصاديين وباحثين اجتماعيين وانثروبولوجيين ومخططين، وعلى رأسها يجب ان يقف شخص يهب نفسه لهذه المهمة لبضع سنوات. ويجب ان تشمل البدو الذين يوجد بينهم المتعلمون الاكاديميون الذين يمكنهم الاسهام في الخطة بسبب معرفتهم للثقافة البدوية والصعوبات التي يجب التغلب عليها. ما حدث في أم الحيران كان من المحظور أن يحدث، لكن هذه التراجيديا قد تدفع أخيرا الحكومة إلى الصحوة والبدء في علاج التحدي الذي تواجهه إسرائيل في النقب. البدو في النقب هم 200 ألف مواطن إسرائيلي، وقد تم اهمالهم لفترة طويلة جدا.
هآرتس