مقالات مختارة

القمة السرية في العقبة: «عزيزي نتنياهو لماذا هربت؟» سمدار بيري

 

مع عشرات شركاء السر ممن كانوا مشاركين في القمة التي عقدت قبل سنة في العقبة، كان واضحا أن الموضوع لن يبقى بين حيطان الفيللا الملكية البيضاء. فمن الصعب كتم حدث بمثل هذا الحجم، فما بالك انه تشارك فيه الكثير جدا من المصالح، الحسابات، النوازع والاحباطات الكبيرة في الطرف العربي. وكان السبق الصحافي الاكبر من نصيب براك رابيد من «هآرتس».

ولم يدخل الباحثون عن الطرف الذي سرب إلى لعبة التخمينات حين اشاروا إلى وزير الخارجية الأمريكي المنصرف جون كيري. فهو الذي ذهب إلى بيته مع بطن مليئة من كل الاتجاهات. فلم يكن لنتنياهو مصلحة في الكشف عن هربه من الجهود لاعادة الاطراف إلى المفاوضات أو مناوراته مع بوجي هيرتسوغ. والملك الأردني يواجه رأيا عاما معاديا لإسرائيل، وبالتالي فقد اخرج من دائرة الشبهات، ناهيك عن ان التجربة تفيد بان الاردنيين لا يسربون إلا ما يهدف إلى خدمتهم. والرئيس المصري هو الاخر ليس في القائمة. اذ يكفي قراءة الرد المتعلثم للقصر في القاهرة، وجدنا أنه لا يؤكد ولا ينفي.

ورويدا رويدا تنكشف المزيد من التفاصيل، فحسب تقرير جديد من العالم العربي، فإن مندوبا سعوديا كبيرا جدا حضر اللقاء السري في العقبة. وحسب تقرير آخر قرر كيري عن قصد إلا يدعو ابو مازن، ولكن في الصباح ما قبل القمة التقاه في عمان ووعد باطلاعه.

الاكاديمي، المصري، يحيى مصطفى كامل، نشر أمس كتابا علنيا موجها إلى «عزيزي نتنياهو»، يطرح فيه السؤال الذي يعتمل في عظام الطرف العربي: لماذا هربت؟ فاذا كنت قد جئت إلى اللقاء السري، واذا كنت دعوت اليك رئيس معارضتك واشركته في سر الخطوة الرامية إلى تحريك المفاوضات، واذا كنت شجعت هيرتسوغ على الاعلان بانه «يدرس بجدية» و «يستعد» و «يفكر» بالدخول إلى حكومتك اليمينية في اعقابها، واذا لم تعرب عن معارضة جارفة للافكار التي طرحت في اثناء القمة ولم تحدد خطوطا حمراء ـ فما الذي حصل لك إذن، «يا عزيزي نتنياهو»؟

حسب رواية د. كامل، فإن كيري لم يطرح فقط في العقبة خريطة طريق مفصلة تجلس نتنياهو أمام ابو مازن، بل ورتب ايضا توزيع الأدوار: السيسي، بفضل علاقاته المتوثقة مع نتنياهو، يتجند للضغط عليه؛ الملك عبدالله، بسبب مصالح الاردن، يفعل ذات الشيء مع ابو مازن. واذا كان هناك مندوب سعودي (وقد اقسمت الاطراف بالسرية الكاملة امام قصر الملك سلمان)، فقد تعهدت الرياض بالاسناد على أي حال.

هذه الاضافة تخلق نظرية مؤامرة جديدة في الطرف العربي: نتنياهو (حسب ادعاء مقربه، ايوب قارا) يتآمر لاقامة دولة فلسطينية بديلة بين غزة وسيناء، واستغل اللقاء في واشنطن كي يجند الرئيس ترامب للضغط على السيسي، المتطلع إلى المساعدات الأمريكية، للتخلي عن اراض في سيناء.

مصر، من جهتها، حسب تلك النظرية، تواصل الاصرار على اعادة جزيرتي تيران وصنافير إلى السيادة السعودية، لتجنيد السعوديين لتأييد الخطة. وفي نهاية الاسبوع قفز إلى القاهرة د. صائب عريقات، مندوب الفلسطينيين إلى المفاوضات، كي يتلقى مصادقة رسمية من وزير الخارجية المصري على ما سبق ـ لا أحلام ولا خطط ولا مؤامرة للاعلان عن دولة فلسطينية من خلف ظهر أبو مازن.

بعد أن انتهوا من الهزء بساتر السرية، كان المحللون العرب مستعدين للاعتراف بأنه لو وقعت هذه المعلومات في أيديهم ما كان بوسعهم أن يسمحوا لانفسهم بنشرها في عمان، في القاهرة او في رام الله.

وينهي د. كامل رسالته بالقول: «عزيزي نتنياهو، لعله انتهى عصر اللقاءات السرية؟ أشركنا ـ إشرح لنا لماذا تتحدث عن حل الدولتين وعن سلام شامل، وفي اللحظة التي يتعين فيها اتخاذ القرار، تخدع الجميع؟».

يديعوت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى