التقرير الدوري لمراكز الابحاث الأميركية 25/2/2017
نشرة دورية نصف شهرية تصدر عن مركز الدراسات الأميركية والعربية
25 شباط – فبراير/ 2017
المقدمة
يواصل الرئيس ترامب جهوده لتقويض دعائم المؤسسة الاميركية ورمي سهامه في اتجاهات متعددة في آن واحد، بدءا بحملة شرسة لترحيل الوافدين وتضييق الشروط على المعابر الحدودية والمطارات، ومرورا بعزمه بناء الجدار الفاصل على الحدود المشتركة مع المكسيك، الى تصعيد حدة الصدام مع روسيا على المسرح الدولي.
في عهد ترامب الفتي شهد الداخل الاميركي انتعاش النزعات العنصرية و”مأسسة” التيارات المتشددة بظهوره المباشر مخاطبا احد أهم اركان الحزب الجمهوري، تيار “ما بعد” المحافظين، وتعهده باعادة هيكلة الحزب ليميل بشدة باتجاه التيارات الاكثر رجعية واقصائية.
الأمر الذي لا جدال فيه هو تلقي ترامب صفعة قوية من مناوئيه داخل المؤسسة الاستخباراتية، بالدرجة الاولى، وانصياعه لضغوطها بالتخلي عن مستشاره السابق لشؤون الأمن القومي، مايك فلين. وما لبث ان عين جنرالا آخرا من صفوف العسكرين، ماكماستر، للمنصب الشاغر، والذي لقي ترحيبا عاليا من مختلف الاوساط المعنية.
بيد ان المحصلة العامة لا تزال تشير الى استمرار حالة الصراع بين ترامب، من ناحية، واركان الدولة العميقة – كما اضحى متداولا. تعيين مكماستر يؤشر ايضا على تخلي الرئيس ترامب عن ادارته دفة السياسة الخارجية وتراجعا عن وعوده بالانفتاح على الخصوم الدوليين.
يستعرض قسم التحليل آفاق وابعاد تعيين الجنرال في منصب بالغ الحساسية للاستراتيجية الاميركية الكونية، خاصة وانه يعد من “افضل الكفاءات الفكرية والعسكرية” معا، والتوجهات السياسية المرتقبة لا سيما ما يتعلق بتناقض التصريحات الاميركية حول التعامل مع روسيا وترجيح خطاب العداء والصدام معها، وانعكاساته على الساحات الدولية الاخرى.
ملخص دراسات واصدارات مراكز الابحاث
الترسانة العسكرية الاميركية
اشاد مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بتعيين الجنرال ماكماستر لمنصب مستشار الأمن القومي للرئيس ترامب، نظرا لما يمثله من رؤيا عسكرية تتمحور حول تعزيز الهيكلية العسكرية الاميركية عددا وعتادا. واستحدث المركز نص محاضرة القاها ماكماستر امام المركز العام الماضي حول طلائع الحرب المقبلة مؤكدا فيها على ما اعتبره “تحولات جيوسياسية عالمية رافقها تهديدات خطيرة رفعت وتيرة مخاطرة نشوب ازمة عسكرية عالمية كبيرة، ربما لأعلى مستوى خلال 70 عاما مضت.” واوضح قائلا ان تلك التهديدات أتت نتيجة “تخفيضات كبيرة في القدرات (الاميركية) لتحديث ترسانة قوات الجيش بشكل محدد.”
https://www.csis.org/analysis/harbingers-future-war-implications-army-lieutenant-general-hr-mcmaster
استعرض معهد المشروع الاميركي ما اعتبره الفجوة الراهنة في سلاح حاملات الطائرات الاميركية “وتراجع قدرتها على تغطية مناطق حساسة مثل الشرق الاوسط،” مناشدا صناع القرار “الاسراع في بناء حاملات جديدة،” وكذلك قيادة سلاح البحرية لتعديل الاستراتيجية الراهنة حول “نشر واقامة قواعد ثابتة .. وضرورة العمل وفق استراتيجية انتشار طويلة الأجل لنشر الحاملات حول العالم، بمن فيها في اليابان واستراليا .. وما تستدعيه من نشر مجموعة حاملات ضمن مرمى الصواريخ الباليستية الصينية بعيدة المدى.” واستدرك بالقول ان “مهام الانتشار لسلاح البحرية كانت مسنودة بمجموعة حاملات نووية منذ الحرب العالمية الاولى .. وادخال اي تعديل يستدعي التغلب على العقيدة العسكرية الراهنة وأفاق التوقعات لدى كبار القيادات العسكرية لناحية التوفر الفوري للحاملات كدليل على مدى الحزم الاميركي.”
http://www.aei.org/publication/fixing-the-navys-carrier-gap/
كما انضم معهد كاتو لمجموعة المطالبين “بتطوير الجهوزية العسكرية الاميركية التي لا تشترط انفاق مزيد من الاموال.” واوضح ان تحقيق ذلك يستدعي اعتماد اجراءات من شأنها توفير الاموال المطلوبة وتعديل توجهات الاستراتيجية الراهنة لناحية “تقليص حجم التوقعات المطلوبة من الترسانة العسكرية وتعديل سلم الاولويات عوضا عن السعي لتحقيق الاستقرار في معظم انحاء الكرة الارضية؛ .. باستطاعة الكونغرس اتخاذ قرار يلغي بموجبه الهدر المستمر على انظمة معقدة بالغة الكلفة مثل مشروعي سفن حرب السواحل ومقاتلات اف-35؛ تقليص الانفاق على القواعد الفائضة عن الحاجة يواكبه ابطاء معدل النمو في كلفة اعدلد القوات المسلحة.”
https://www.cato.org/publications/commentary/fixing-readiness-doesnt-require-spending-boost
سوريا
تناول مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الخيارات المتاحة امام ادارة الرئيس ترامب في سوريا التي تتلخص في “خيارين كلاهما غير مرغوب فيه .. الاول يكمن في التخلي عن سوريا لصالح الاسد وحلفائه .. وما يرافقه من كلفة بشرية هائلة؛ الثاني يرتكز على البحث في سبل حل لتعزيز النفوذ الاميركي في سوريا، وما يفترضه من زيادة وتيرة النشاطات العسكرية وانخراط الولايات المتحدة في دور ديبلوماسي دائم وما يرافقه من مغامرة تصعيد للصراع مع روسيا.” واستدرك بالقول ان مرحلة الصراع الراهنة تستدعي من الولايات المتحدة “الانخراط التام .. الخيارين كلاهما غير محبب، لكن يتعين على الولايات المتحدة ان تختار احدهما.”
https://www.csis.org/analysis/half-measures-syria
العراق
استعرض معهد ابحاث السياسة الخارجية عوامل الاستقرار المطلوب تثبيتها في العراق “في اعقاب الصراع الجاري ضد داعش.” واعتبر المعهد انه يتعين على الحكومة العراقية الموافقة على شروط اميركية ثلاثة: اولا “استمرار الدعم العسكري والاقتصادي مرهون بانشاء قوة عسكرية متماسكة بتعددية طائفية، تطوير جهاز للحرس الوطني مما يسمح بانخراط قوات سنية، ونزع الشرعية عن اي مجموعة غير مرخصة او ميليشيا مستقلة؛ ثانيا، استنادا الى واقع ان العراق يعتمد على تدفق الاسلحة الاميركية لمحاربة داعش، فينبغي استغلاله للمطالبة بتحقيق اصلاحات سياسية كمنصة انطلاق على طريق الاستقرار الشامل، تعزيز جهود انخراط ودمج السنة في النظام السياسي للعراق ومناهضة وتشكيل توازن امام النفوذ الايراني في العراق؛ اخيرا، ينبغي على الولايات المتحدة تبني جهود تحقيق الاستقرار في مرحلة ما بعد انتهاء الصراع واعادة الاعمار .. بمشاركة من اطراف التحالف والعمل مع الحكومة العراقية لفض الخلافات حول مسائل اللامركزية، وآلية الحكم، والأمن، والسيادة على الاراضي ..”
http://www.fpri.org/article/2017/02/iraq-post-conflict-stabilization-redux/
الاردن
سلط معهد واشنطن لسياسات الشرق الادنى الاضواء على الاضطرابات الداخلية التي يواجهها الاردن، وما ينبغي على الولايات المتحدة القيام به “لحمايته من الفوضى .. اذ ان المملكة ليست محصنة من تداعيات حالات الهيجان الاقليمية.” واوضح ان “استمرار الاستقرار في الاردن ينبغي ان ينال مرتبة اهتمام عاجلة عند صناع السياسة الاميركية، ليس بفضل اتفاقية السلام المعقودة مع اسرائيل فحسب، بل لكونه حليف موثوق في حرب العقائد ضد التطرف الاسلامي .. ويشكل قاعدة اساسية لعمليات سلاح الجو الاميركي ضد داعش في سوريا.” وناشد المعهد توفير الدعم الاميركي للاردن في مجالات عدة “المستوى الأمني؛ المستوى السياسي وتشجيع مزيد من آفاق التعاون الاردني – الاسرائيلي؛ الصعيد الاقتصادي بمساعدته على استحداث فرص عمل محلية وتشجيع استثمار الشركات الاميركية في المملكة؛ تحسين اوضاع اللاجئين السوريين الذين قد تبقى اعداد كبيرة منهم في الاردن “لسبع عشرة سنة على الاقل،” ووينبغي على واشنطن الضغط على حلفائها الاوروبيين والعرب لزيادة الدعم السنوي المقدم لميزانية الاردن بقيمة مليار دولار ..”
لقاء ترامب ونتنياهو
تناولت مؤسسة هاريتاج اللبقاء الرسمي الاول بين الرئيس ترامب ونتنياهو وما تمخض عنه من نتائج حول جملة من المسائل التي تصب في صميم “العلاقات الاميركية الاسرائيلية.” وحث المعهد الرئيس ترامب على “التنسيق واستشارة نتنياهو في مسألة توقيت اعلان نقل السفارة الاميركية .. كما يتعين على الولايات المتحدة توضيح الموقف من مسائل ترسيم الحدود والوضع النهائي للقدس بأنهما يخضعان لما ستتمخض عنه المفاوضات بين الجانبين؛ وكذلك توضيح مسألة السفارة للفلسطينيين بأنها لا تتنافى مع انشاء دولة فلسطينية، اذ ان القنصل الاميركي الحالي في القدس (الشرقية) سيستمر في عمله كممثل اميركي لدى السلطة الفلسطينية؛ وايضا انه لن يطرأ اي تعديل على وضع الاماكن المقدسة الاسلامية التي سيستمر الاردن بالاشراف عليها.”
http://www.heritage.org/middle-east/report/rebuilding-us-israel-ties-the-trump-netanyahu-summit