إدارة ترامب وإيران وكوريا الشمالية حميدي العبدالله
واضح أنّ بعض طروحات، وكذلك بعض إدارة الرئيس ترامب، هي أقرب إلى ما كان عليه الحال في عهد إدارة بوش الابن، على الرغم مما رفعه ترامب من شعارات إبان حملته الانتخابية، بدا معها وكأنه معارض لنهج الحروب الخارجية التي شنّها جورج بوش الابن وكبّدت الولايات المتحدة خسائر كبيرة.
ولكن كما أنّ إدارة بوش الابن وقفت عاجزة في مواجهة إيران وكوريا الشمالية، وذهبت إلى مواجهة خصومها الأضعف طالبان في أفغانستان، وصدام حسين في العراق ولم تستطع أن تفعل شيئاً في مواجهة كوريا الشمالية وسلاحها النووي، وإيران وبرنامجها النووي، فإنه من الواضح أنّ إدارة ترامب تسير على خطى إدارة بوش في كلا الساحتين.
في العراق لا يمكن للولايات المتحدة إدارة ظهرها للنفوذ الإيراني هناك من دون أن تأخذ في حساباتها إمكان خروجها من هذه الساحة. فغالبية القوى التي تسيطر الآن في العراق هي إما حليفة لإيران أو أنها لا تريد أن تتحوّل إلى مقاتلتها خدمة للسياسة الأميركية. وهنا يمكن الإشارة إلى الأكراد وإلى القوى السياسية والحزبية الشيعية التي تمثل غالبية الحكومة العراقية، وتهيمن على المفاصل الرئيسية في الدولة العراقية.
الخيارات أمام ترامب لا تختلف عن الخيارات أمام إدارة بوش التي اضطرت للتعاون مع إيران في العراق، وإنْ كان عن طريق طرف ثالث هو أعضاء الحكومة العراقية، أو بعضهم الذي يعتبر حليفاً لإيران، والصدام بين إدارة بوش ولاحقاً إدارة أوباما حول الملف النووي الإيراني لم يحل دون اعتماد واشنطن سياسية براغماتية في تعاملها مع النفوذ الإيراني في العراق.
مع كوريا الشمالية لا يبدو أنّ الوضع في ظلّ إدارة ترامب سيكون مختلفاً عنه في ظلّ إدارة بوش الابن. سوف تستمرّ التهديدات الأميركية وسوف تسعى الولايات المتحدة لاستصدار قرارات وبيانات جديدة من مجلس الأمن على غرار بيانه الأخير ضدّ كوريا الشمالية، ولكنها لا تستطيع أن تذهب أبعد من ذلك، ليس لأنّ لكوريا الشمالية نفوذ متداخل مع النفوذ الأميركي في ساحات عديدة كما هي حال الوضع مع إيران، وإنما لأنّ كوريا الشمالية تمتلك أسلحة نووية، وقدرات صاروخية تمكنها من تهديد الوجود العسكري الأميركي في كوريا الجنوبية وفي اليابان ومناطق أخرى في آسيا.
هذه المعادلة لا تترك أمام إدارة ترامب خيارات كثيرة سوى اللجوء إلى مجلس الأمن وقرارات مجلس الأمن بالنسبة لكوريا مثل الضرب بالميت، لا تقدم ولا تؤخر.
(البناء)