مقالات مختارة

خطة النقاط العشر: اسحق هرتسوغ

 

قبل بضعة ايام نشر براك ربيد في هذه الصحيفة معلومات دراماتيكية حول القمة السرية في العقبة، التي تم عقدها قبل عام بمشاركة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الخارجية الأمريكي جون كيري وعبد الله ملك الاردن والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. هذه القمة التي أكد رئيس الوزراء انعقادها، وخطوات اخرى تم اتخاذها في تلك الفترة، كانت الاساس الذي جعلني أكون مستعدا لنقاش خيار حكومة الوحدة الوطنية مع نتنياهو بين آذار ـ أيار 2016 من اجل تغيير صورة الشرق الاوسط.

لقد قلت مرارا وتكرارا في تلك الفترة إنه يوجد أمام إسرائيل فرصة تاريخية لخطوة سياسية دراماتيكية واعدة، تستوجب اتخاذ قرارات سياسية شجاعة. استعدادي للذهاب في خطوة تشبه الانتحار السياسي ـ بعد قولي في الانتخابات إما نحن وإما هو ـ نبع من شعوري بواجب انقاذ إسرائيل من كارثة الدولة الواحدة، ومنع قتلى اضافيين في الطرفين، شعرت أن من واجبي عدم ادارة ظهري للصورة التي ظهرت أمامي.

لقد قمت بالسعي طوال حياتي إلى السلام، لذلك قررت الدخول برأس مفتوح من اجل فحص هذه الفرصة، بعد أن حصلت على رسائل من الزعماء البارزين في المنطقة وفي السياسة الدولية، الذين اعتبروا أن انضمام المعسكر الصهيوني للحكومة هو الدليل على جدية الطرف الإسرائيلي. وأكدوا لي على أنهم قد حصلوا على تعهد من نتنياهو للتقدم في العملية السلمية، حيث كان لاعبا أساسيا في تشكله.

للأسف، نتنياهو تراجع في لحظة الحسم، واستسلم لليمين ولمخاوفه، ونفى تعهداته وقضى على فرصة حقيقية كانت قائمة في تلك الفترة من اجل اتفاق اقليمي لتغيير صورة الشرق الاوسط. أنا من ناحيتي كنت على استعداد لتحمل الاهانة والانتقاد من داخل البيت ومن الخصوم السياسيين كي أعفي شعبي ووطني من جولة دموية اخرى، التي يعدنا بها وزراء رفيعون في الكابنت في الاسابيع الاخيرة.

الرئيس المصري والملك الاردني عادا وكررا في هذا الاسبوع الشروط الاساسية لخطوة اقليمية على شاكلة هدف دولتين لشعبين. وليس اعتبار الاردن دولة فلسطين، مثلما تريد تسيبي حوطوبلي، وليس اعتبار شبه جزيرة سيناء دولة فلسطين، كما يريد أيوب قره. يجب علينا، نحن المسؤولون، السعي إلى السلام وحل الدولتين، لأن هذا هو الحل الوحيد الممكن.

في هذه اللحظة، وعلى ضوء قمة نتنياهو ـ ترامب، بات واضحا أكثر من أي وقت أن دولة إسرائيل توجد بعد خمسين سنة على حرب الايام الستة على مفترق تاريخي حاسم. في هذه اللحظة يجب علينا أن نقول الحقائق الصعبة.

احدى الحقائق هي حول مشروع الاستيطان الذي وصل إلى مستوى يهدد وجود إسرائيل كدولة يهودية. استمرار البناء في جميع المستوطنات طوال الوقت سيؤدي إلى استبدال دولة الاغلبية اليهودية إلى دولة اغلبية عربية. قانون التسوية، الاصوات التي تدعو إلى هذا الضم أو ذاك، بما في ذلك المطالبة بضم مناطق ج، والتي تصدر عن قادة الجمهور، هي التعبير الاكثر ملموسية لهذا الخطر. الكتل الاستيطانية الكبيرة هي جزء من الحل. قرارات استمرار البناء في يهودا والسامرة هي جزء من المشكلة.

حقيقة ثانية هي أن السيطرة المستمرة على شعب آخر وصلت إلى نقطة خطيرة تهدد طابع إسرائيل الاخلاقي وهويتها كدولة ديمقراطية.

حقيقة ثالثة هي أنه يجب علينا الاعتراف بأن محاولة التوصل إلى اتفاق دائم بخطوة واحدة في مؤتمر واحد أو في عملية تشمل صيغ ومعايير متفق عليها للاتفاق الدائم، لم تنجح. فقد فشلت المرة تلو الاخرى، مع إيهود باراك عندما حاول ذلك في كامب ديفيد، ومع إيهود اولمرت عندما حاول ذلك في أنابوليس ومع بنيامين نتنياهو في صيغة كيري، عندما حاول ذلك في السنوات الاخيرة. جميع هذه الجهود فشلت، والبعض منها أدى إلى تصاعد العنف والكراهية والشك بين القيادات والشعوب.

يحظر التسليم بالوضع القائم، لكن ايضا يحظر تكرار اخطاء السابق. ممنوع تهديد الأمن وممنوع السير بعيون مفتوحة نحو الانتحار القومي.

لا مصادرة ولا ضم لملايين الفلسطينيين، الذين سيطالبون بحقوق مدنية كاملة. فقط حل الدولتين من شأنه اعطاء المخرج لإنهاء الصراع الدموي الذي يستمر منذ سنوات طويلة. وأساس ذلك كان موجودا قبل عام وهو موجود الآن أكثر من أي وقت مضى.

إنه موجود على شكل الرغبة الاقليمية في الدخول إلى العملية السياسية بفضل حلفاء اقليميين جديين وأقوياء، وبفضل المصالح المشتركة لنا ولجيراننا في القضاء على داعش وكبح إيران والتقدم مع الفلسطينيين، وبفضل مباديء مبادرة السلام العربية التي ما زالت قائمة، والتي يجب دمجها مع صيغة للانفصال بيننا وبين الفلسطينيين، بغطاء من ادارة ترامب.

هاتان المسألتان ـ الاساس الاقليمي والانفصال ـ مع خطوات من خارج الصندوق يمكنهما أن تكونا الاساس لخريطة طريق جديدة. خريطة طريق واقعية ومدروسة تشكل النقيض لخطة نفتالي بينيت.

مقابل جمود الحكومة في هذا الشأن أقترح صيغة معدلة تشمل، من خلال عملية متعددة المراحل، الخطوات والمكونات التالية كخريطة طريق معدلة. خطة النقاط العشرة.

٭ يجب العمل من اجل اعادة المصادقة على تعهدات الاطراف والمجتمع الدولي حول الهدف النهائي للدولتين اللتين تعيشان إلى جانب بعضهما البعض بأمان وسلام.

٭ على الاطراف تحديد فترة من عشر سنوات يتم خلالها تثبيت المنطقة في غرب نهر الاردن كمنطقة خالية من العنف بجميع اشكاله. ويتم الاتفاق على العمل المشترك لتنفيذ ذلك ومعاقبة أي نوع من الإرهاب والتحريض بلا هوادة. مجلس الامن يتخذ قرار فيما يتعلق بذلك ويقوم بمتابعته بشكل مباشر.

٭ في نفس الوقت تتوجه الاطراف في هذه الفترة نحو تطبيق حل الدولتين. إسرائيل تستمر في عملية الانفصال عن الفلسطينيين من خلال استكمال الجدار الذي سيدافع عن القدس والكتل الاستيطانية، واقامة حاجز بين القدس والقرى الفلسطينية المحيطة بها، واعطاء صلاحيات اخرى للفلسطينيين في الميدان، بما في ذلك الصلاحيات المدنية في اجزاء من المناطق ج، من اجل التمكين من التطور والبناء للفلسطينيين بين الحاضرات القريبة من الجدار وبين المدن الفلسطينية الكبيرة. خلافا لما يطلبه بينيت بالضبط.

٭ تقوم إسرائيل بتجميد البناء خارج الكتل الاستيطانية، وتمتنع عن أي عمل يغير الواقع، باستثناء الاحتياجات الأمنية من اجل التمكين من تحقيق حلم الدولتين.

٭ يتم تسريع النمو الاقتصادي للفلسطينيين بشكل دراماتيكي وبأدوات اقليمية ودولية، بما في ذلك تطوير المدن واعمار مخيمات اللاجئين وخلق اقتصاد قابل للبقاء.

٭ الفلسطينيون من ناحيتهم يعملون على منع الإرهاب والتحريض. وايضا يعملون من اجل بلورة موافقة داخلية فلسطينية واسعة تشمل مناطق الضفة الغربية وغزة تحت سيادة واحدة. واذا فعلوا ذلك سيكون من حقهم الاعلان عن دولة فلسطينية في حدود مؤقتة، وسيكون واضحا أن حدودها النهائية سترسم فقط من خلال الاتفاق. إسرائيل تفحص بشكل ايجابي الاعتراف بالدولة الفلسطينية وتعلن أنها تعتبرها شريكة في تحقيق الاتفاق النهائي الدائم.

٭ الجيش الإسرائيلي يستمر في العمل في جميع ارجاء الضفة الغربية حتى نهر الاردن وفي محيط قطاع غزة. التعاون الامني مع السلطة الفلسطينية يستمر وبشكل أكبر.

٭ يعمل الطرفان على اعمار غزة، بما في ذلك اقامة ميناء، بناء على ترتيبات أمنية متشددة، ونزع كامل للسلاح وهدم الانفاق.

٭ مع مرور الوقت المحدد، على فرض أن العنف سيتلاشى في هذه السنوات، يتم البدء في المفاوضات المباشرة، بغطاء من دول المنطقة والمجتمع الدولي بدون شروط مسبقة وبجدية وتصميم، من اجل السير باتجاه اتفاق السلام الكامل والنهائي وحل المسائل المختلف فيها، ومن ضمن ذلك رسم الحدود الدائمة وانهاء المطالب وانهاء الصراع.

٭ دول المنطقة تقوم بدعم هذه الخطوات بشكل علني وبقوة كجزء من خطوة اقليمية واسعة ودراماتيكية. وتبادر إسرائيل إلى اقامة مؤسسات شرق اوسطية مشتركة تعمل على التطوير الاقليمي والتعاون في مجالات مختلفة، من ضمنها الامن والاقتصاد والمياه وانتقال البضائع والعمال، وتقترح أن تكون القدس مركزا لهذا الوضع الاقليمي.

عندما تحيط بنا عاصفة شديدة، وعند وجود خطر بضياع دولة إسرائيل كدولة قومية، تكون حاجة إلى استئناف العملية السلمية المدروسة والواقعية من اجل تحقيق حلم الدولتين، الامر الذي سيؤدي إلى التهدئة التي سيحصل كل طرف فيها على نصيبه في كل مرحلة. الفلسطينيون سيحصلون على الاعتراف والصلاحيات ومناطق أخرى، وإسرائيل ستحصل على الأمن والاعتراف الاقليمي والأمل.

لن يكون هناك تدهور غير مكبوح نحو المجهول، وفي جدول زمني غير ممكن. الاتجاه سيتغير ليصبح أكثر تفاؤلا. واشتراط الهدوء المطلق سيجبر الفلسطينيين والإسرائيليين على العمل ضد العنف والإرهاب. والأهم من ذلك هو أنه سيتم وضع حد لموضوع الضم. أو السير نحو جهنم، مثلما حدث في البوسنة ومثلما يحدث الآن في سوريا. ويتم الحفاظ على صيغة الدولتين، والعملية تتحول بين الشعبين إلى أمر حقيقي. ويتم الانفصال بالتدريج وينمو الاقتصاد الفلسطينيين وتتطور الشبكات الاقليمية.

هكذا يمكننا أن ننقذ الكتل الاستيطانية والابقاء عليها تحت سيادة إسرائيل. هذا سيكون الانتصار الحقيقي للصهيونية. الواقع الجديد والأمن والثقة المتبادلة هي التي ستمهد الطريق لاتفاق سلام وتمنع الكارثة.

هآرتس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى