اليمن: تراجع احتمالات الحلّ السياسي: حميدي العبدالله
قبل تشكيل إدارة ترامب، وفي ظلّ إدارة أوباما، كانت احتمالات التوصل إلى حلّ سياسي للحرب الدائرة في اليمن هي الاحتمالات المرجحة لسببين أساسيين ، السبب الأول أنّ الولايات المتحدة لم تكن على يقين بإمكانية ربح هذه الحرب من قبل المملكة العربية السعودية والتحالف الذي تقوده في اليمن، وتخشى أكثر من ذلك من تداعيات استمرار وتصاعد هذه الحرب إنْ لجهة الفوضى والاضطراب في منطقة استراتيجية تتحكّم بأهمّ المضايق البحرية الدولية، وتطلّ على منطقة مصالح هامة تختزن أهمّ احتياطات النفط والغاز.
السبب الثاني، أنّ تحالف حركة أنصار والمؤتمر الشعبي لا يريدان إقصاء كلّ ألوان الطيف السياسي اليمني، فضلاً عن قناعتهما أنّ اليمن لا يمكنه أن يستقرّ في ظلّ عداء شديد للمملكة العربية السعودية، وسيطرته على مضيق باب المندب بما يمثله هذا المضيق من مصالح دولية تحتاج إلى بعث رسائل تطمين مقنعة لدول كثيرة وعلى رأسها الولايات المتحدة.
لكن هذه الأسباب التي كانت ترجح احتمالات الحلّ السياسي، ولو بعد حين، أيّ بعد اختبار خيار الحسم العسكري لدى كلا طرفي الصراع، طالها تغيير كبير في ظلّ الإدارة الأميركية الجديدة، إذ أنّ جميع رموز هذه الإدارة من المتحمّسين لخوض مواجهة مع إيران، ولأنّ المواجهة المباشرة غير متاحة لأسباب عسكرية وسياسية، فالأرجح أنّ هذه المواجهة ستكون غير مباشرة بين واشنطن وطهران، العراق توازناته لا تتيح فرصة للأميركيين لخوض المواجهة غير المباشرة مع إيران على الساحة العراقية، وفي سورية فإنّ الوجود الروسي القوي عسكرياً يضع سقفاً وحدوداً لهذه المواجهة، على الرغم من أنّ إدارة ترامب وبتحريض من تل أبيب تسعى لتقليص أيّ وجود لحزب الله وإيران في سورية، ولكن دون ذلك عقبات كثيرة أبرزها الوجود العسكري الروسي وعدم اقتناع موسكو بأولوية محاربة إيران وحزب الله، وهذا ما أكد عليه وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف في تصريحات أدلى بها مؤخراً.
تظلّ اليمن هي الساحة المؤهّلة لاحتضان هذه المواجهة، لأنها تخصّ السعودية بشكل كبير لأنّ الرياض لا تستطيع التعايش مع نظام في اليمن لا يكون حليفاً لها، ولأنّ اليمن يمثل، وضعاً أقلّ تعقيداً بالنسبة للولايات المتحدة في حال قرّرت خوض المواجهة مع إيران.
وسيكون الحلّ السياسي أولى ضحايا هذه المواجهة غير المباشرة.
(البناء)