مقالات مختارة

ينتصر العسكر في الحروب وليس في المحاكم: بوعز بسموت

 

قرار الحكم المخفف الذي تقرر أمس في الكرياه لم يعمل على انهاء قضية الجندي مطلق النار. وفقط العفو عن الجندي اليئور ازاريا، إذا تمت الموافقة عليه، هو الذي سيؤدي إلى انهاء هذه التراجيديا الشرق اوسطية التي أمامنا.

لكن ما زال يمكن التلخيص والقول إن قضية الجندي مطلق النار بعيدة عن أن تكون الحد الفاصل في اخلاقية الجيش الاسرائيلي، مثلما حاولوا اقناعنا، بل حدث مؤسف تم في ساحة معادية، بعد عملية (مع وجود تحذيرات من عملية أخرى)، حيث قام جندي اسرائيلي بإطلاق النار على مخرب مصاب، وتم توثيق ذلك، الأمر الذي اوجد الفرق ـ من قبل كاميرا منظمة «بتسيلم».

لولا فترة الوعي التي نعيشها (الوعي الذي يتحدث عنه القضاة في البند 56 من قرار الحكم)، لكان يمكن اعفاؤنا من كل ذلك. كان اليئور ازاريا سيحاسب على عمله، لكن ليس في المحكمة، بل باجراء انضباطي داخلي في الجيش. ولكن يبدو أن تسلسل الأحداث أدى إلى خروج هذه القصة عن السيطرة. إن اختيار الاجراء القانوني، وليس الانضباطي، أضر بـ «المعركة على الوعي». وكما جاء في قرار الحكم «الفشل في هذه الساحة ضرره كبير».

باسم ذلك «الوعي» الذي يجب أن ينقذ، حصلنا على محاكمة لا حاجة اليها أدت إلى فقدان السيطرة وتدخل السياسيين واصحاب المصالح، والى عاصفة شديدة في الشبكات الاجتماعية. لقد أرادوا تحويل محكمة ازاريا إلى مثال. وبدل ذلك حصلنا على محاكمة مبلبلة حيث تداخلت القيم في رؤوس المواطنين وكأننا أردنا الفوز بوعي العالم، لكننا ضعنا في المعركة على وعي الجمهور الاسرائيلي.

إن قرار الحكم المخفف الذي لم يناسب قرار الادانة الصعب زاد من الإحراج في اوساط الجمهور: هل الجيش الاسرائيلي هو جيش الدفاع عن اسرائيل، أم جيش الدفاع عن الوعي؟ كل مواطن سيقول إن مهمة الجيش هي قبل أي شيء، الانتصار، وبعد ذلك التحدث عن الأخلاق. ايضا القضاة الذين ارسلوا ازاريا إلى السجن قالوا إن هناك جهات رفيعة المستوى، منذ بدء التحقيق في الشرطة العسكرية، لم تنتظر استنتاجات التحقيق، وقالت على الفور إن «عمل ازاريا يضر بقيم الجيش الاسرائيلي (جاء هذا من رئيس الاركان آيزنكوت ووزير الدفاع السابق يعلون)، الأمر الذي أضر بالتحقيق». ولكن لسبب ما كانت هناك رغبة في القاء جميع الإخلالات التي وصلنا اليها على عاتق جندي شاب اخطأ.

قضية ازاريا كشفت عن المتطرفين بيننا: صحيح أن وسائل الإعلام ركزت على السلوك الخاطىء لمنظمة «لافاميليا»، لكن في الطرف الثاني ايضا كان هناك من فقدوا عقلهم. حيث أن مقالا نشر أمس في صحيفة «هآرتس» قام بالمقارنة بين المخرب الفظيع عبد الفتاح الشريف وبين اشخاص «من اليعيزر همكابي وحتى البرتزانيين». بقي أمامنا أن نعزي أنفسنا بحقيقة أن اغلبية الجمهور في اسرائيل وجنود الجيش الاسرائيلي يحرصون على «طهارة السلاح»، لكنهم في نفس الوقت يفضلون رؤية المخرب وهو ميت، وليس جنديا مقيدا.

كان يفضل أن لا يقوم ازاريا بإطلاق النار، ومن الأفضل أكثر، أن لا يقوم المخرب بالعملية. ومن الأفضل بشكل عام أن لا تكون حرب. ولكن يبدو أن مواجهة اخرى في غزة تلوح في الأفق، ونحن نأمل أن يفكر الجيش الاسرائيلي حتى ذلك الحين، بشيء واحد وهو الانتصار في الحرب وليس في المحكمة.

على ذكر المقارنة بين «اليعيزر همكابي» وبين الشريف فإن اليعيزر قاتل من اجل حرية شعبه والدفاع عنه، أما الشريف وأمثاله فيصارعون من اجل إبادة شعب آخر. وحتى كاميرا بتسيلم لا يمكنها أن تغير هذه الحقيقة.

إسرائيل اليوم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى