القتل بالقفازات الناعمة: تسفي برئيل
افيحاي بوآرون «قائد» مستوطني عمونة لم يصدق ما سمعه. في مقابلة مع «صوت الجيش» كان يمكن الشعور بصدمته. «رئيس الحكومة لا يحترم الاتفاق، كيف تفعل هذا؟… يجب على نتنياهو أن يستيقظ ويقول لهذا الرئيس: سيدي العزيز، لن أقوم بطرد الناس الذي أرسلتهم في العام 1997 لبناء حاضرة».
بوآرون والأربعون حراميا» الذين يعيشون «في ظروف صعبة» في نزل قدمته مستوطنة عوفرا لا يعرفون ما الذي نزل عليهم. مرة أخرى رئيس حكومة من اليمين، رئيس حكومة كان أسيرا في قفصهم، يتحرر من قيوده ويخلي مستوطنين. ولكن ما الذي يبعث على الصدمة؟ هل لأن نتنياهو كذب أو أخل بالاتفاق أو لأنهم طردوا من ارض ليست لهم؟ أو أن العرق البارد ينبع من الخوف الجديد الذي نزل عليهم: رئيس امريكي قد يخنق مشروع الاستيطان من شدة الحب.
مع أكاذيب نتنياهو لا يمكن الاستغراب. هذه الأكاذيب خدمتهم بشكل جيد حتى الآن. وبخصوص الإخلال بالاتفاق ايضا لا توجد غرابة. فهم الذين علموا الدولة درسا في الاخلال بالقانون. ولكن رئيسا امريكيا ابيض، اسمه الأوسط ليس حسين، وزوج ابنته يهودي وسفير يشبه المستوطن، ينجح بهمسة واحدة في أذن نتنياهو في تقزيم اتفاق المستوطنة البديلة لعمونة، ويجعله كرة متحركة بلا فائدة ـ هذه هزة ارضية. فجأة يظهر للمستوطنين إلى أي حد كان «عداء»، باراك اوباما ضروريا من أجل بقائهم.
لقد نجح اوباما إلى حد كبير في بلورة أخوة الجولانيين بين الحكومة وبين المستوطنين. حكومة قومية، عصابة لصوص ورئيس امريكي «معاد»، هذا ما كان مطلوبا من اجل اظهار العمود الفقري الصهيوني القوي. كل محاولة من الادارة الامريكية للتقدم في العملية السلمية اعتبرت على الفور عملا معاديا ضد الكيان الصهيوني وهجمة يسهل تجنيد الرأي العام الاسرائيلي ضدها وتحريض مجلس الشيوخ الامريكي والشكوى من لاسامية الادارة التي تضع قناع معارضة سياسة اسرائيل. مقابل كل ذلك، اضافة بناء في المستوطنات وملء أو تبييض البؤر غير القانونية التي لم تكن فقط جزءا من تطبيق نظرية السرقة الاسرائيلية، بل راية الصمود القوي. «هذا رد صهيوني ملائم»، ليس فقط على الفلسطينيين، بل ايضا على اولئك الذين يريدون القضاء علينا من واشنطن. وفجأة، صدمة، في واشنطن يتحقق الحلم الصهيوني وهو حلم الكوابيس للمستوطنين.
كما هو معروف منذ اصبح ترامب رئيسا للولايات المتحدة، مطلوب كلمة تحذير: يفضل الامتناع بقدر الامكان عن الأقوال الحاسمة حول سياسته المتوقعة.
عند الحديث عن رئيس يحب الشعب اليهودي من جهة، ومن جهة اخرى يبتعد بشكل مهدد عن أي شيء ينم عنه العقل المباشر. يصعب معرفة ما الذي سيهمسه غدا في أذن نتنياهو. ولكن في الوقت الحالي فهم هذا الرئيس أن الطريق الاكثر نجاعة لترويض رئيس الحكومة الاسرائيلية والمستوطنين هي عناقهم حتى الخنق وتقديم الوعود حول حب اليهود ومنحهم الدفء واعطاؤهم الحلوى، حيث لن يكون امامهم مجال لرفض ما يقوله الصديق المخلص.
ترامب الذي بنى صورته كشخص ليس معاديا للمشروع الاستيطاني، خلافا لاوباما، قام بعقد صفقة وأحدث انقلابا جعل نتنياهو يخل باتفاق خطي مع المستوطنين. وهذا أمر جديد يضعضع المعادلة المعروفة جدا والتي تقضي بأن اسرائيل لا تخضع للأعداء، لا سيما إذا كانوا في البيت الأبيض. ولو كان ترامب لاساميا بعض الشيء ويحتقر المستوطنات قليلا، لاستطاع أن يكون رئيسا ممتازا بالنسبة للمستوطنين. ومن الجدير أن يتم وضع المزيد من المستوطنات أمام العدو، لكن ترامب هو حب حياة نتنياهو. ويحتمل أن نكتشف أنه عدو المستوطنات.
هآرتس