برّي: معادلتان ذهبيتان: ناصر قنديل
– من طهران أطلق رئيس مجلس النواب نبيه برّي معادلتين ذهبيتين، واحدة لبنانية والثانية إقليمية، فقد أعلن بري أن بإمكان العرب والمسلمين المُجمعين على اعتبار قيام واشنطن بنقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس تحدياً فظاً لمشاعر العرب والمسلمين، واعتداء سافراً على هوية القدس، وفتحاً للباب «الإسرائيلي» على خطوات تصعيدية تتصل بتهويد القدس واستكمال تهجير مواطنيها العرب، وتشجيعاً لحكومة الاحتلال للسير بالمزيد من الخطوات الاستباقية لتدمير كل فرصة للتسوية والذهاب لإشعال المنطقة. وتساءل بري عمّا يمكن للعرب فعله، فقال: لماذا لا يستعمل العرب والمسلمون سلاح ردع بين أيديهم، وهو التهديد المسبق بأنهم سيُغلقون سفاراتهم في واشنطن في حالل إقدامها على خطوة نقل سفارتها إلى القدس؟
– سلاح الردع الذي وضعه بري في التداول كشف عن وجود بدائل للنحيب والتسوّل، يشبه الكشف عن سلاح النفط الذي استعمل كسلاح ردع في حرب تشرين عام 1973 وأثبت فعالية عالية، لكن الواقع يؤكد هذه المرّة أن قضية الحكومات العربية والإسلامية ليست بغياب البدائل بل بغياب الإرادات والعزائم، من دون أن تنتفي الوظيفة التحريضية لمعادلة برّي التي ستُحرج الحكومات العربية والإسلامية وتُحرج واشنطن بمجرد إطلاقها على لسان برّي وتحوّلها معادلة شائعة في الرأي العام، توجِّه للحكومات السؤال: لماذا لا تفعلون ذلك؟ وتضعها واشنطن أمام حساب قدرة الحكومات المحسوبة عليها على تحمّل ضغوط بهذا الحجم، وحساب المصلحة الأميركية في تعريض هذه الحكومات التابعة للاهتزاز والسقوط، عدا عما سيترتّب على معادلة بري من إطلاق لتحرّكات مدنية وشعبية تحمل المعادلة إلى الشارع كمطلب وتحوّله عنواناً لحراك استباقي ضاغط بوجه الحكومات وواشنطن وتل أبيب معاً.
– المعادلة الذهبية الثانية التي أطلقها برّي كانت ما يتصل برسم الحدّ الفاصل بين قانون الانتخاب العادل والمزيّف، بقوله، نحتاج لقانون يضمن بعض الغموض في النتائج، رداً على توصيفه للحال بقيام كل طرف بحساب موقفه من صيغ القوانين بمدى قدرته على احتساب حصته النيابية سلفاً قبل إجراء الانتخابات. ومعادلة بري هي في علم السياسة شرط القانون الصحيح والعادل، لأنه قانون انتخابات وليس مرسوم تعيينات، والذهاب إلى الانتخابات مع توقّع بعض المفاجآت هو الذي يمنحها حماسة الناخبين، ويجعل للتحالفات الانتخابية معنى، وللتنافس مبرراً، وبدون الغموض في النتائج التي ستترتّب على اعتماد أي قانون انتخابي يتحوّل القانون صفقة محاصصة حزبية وطائفية مقيتة لا تستحق النقاش ويتساوى فيها قانون الستين بالمختلط بالنسبي على دوائر مفصلة على المقاسات. وهذا الغموض هو الذي يمنح النسبية الشاملة وفقاً للدائرة الواحدة تفوّقها على سائر المشاريع، ويضعها في المقدمة كضامن للتعددية السياسية والحزبية والطائفية.
– معادلتا بري ذهبيتان، والواقع العربي واللبناني برونزيّ، إن لم يكن بعضُه «تنك».
(البناء)