ترامب ونتنياهو
غالب قنديل
تركز إدارة ترامب خطابها الرسمي على اولوية استهداف إيران وهو ما تقابله تل أبيب والرياض بترحيب وحماس كبيرين وبمزيد من الاحتفالات باسترجاع حرارة التحالف مع الإمبراطورية الأميركية والانخراط في حروبها العاثرة على مساحة المنطقة من اليمن إلى سورية مرورا بالعراق وبليبيا في حين تستمر المذبحة الصهوينة المنظمة في فلسطين المحتلة تحت غطاء عربي كبير من خلال العلاقات المستجدة عسكريا وامنيا وسياسيا بين تل ابيب وبعض العواصم الخليجية.
في هذا المناخ يقوم بنيامين نتنياهو بأول زيارة رسمية للولايات المتحدة بعد انتخاب دونالد ترامب وتنصيبه وستكون للقاءات والاجتماعات المرتقبة أهمية بارزة في تظهير الخطوات الأميركية الصهيونية المقبلة على مساحة المنطقة العربية فالأسابيع القليلة التي أعقبت دخول ترامب إلى البيت الأبيض وتسمية فريقه أظهرت حجم النفوذ الصهيوني الواسع في الإدارة الجديدة التي تضم أفرادا شديدي الارتباط باللوبي الصهيوني وآخرهم مرشح ترامب لمنصب معاون وزير الخارجية إليوت آبرامز الذي شغل في إدارة دبليو بوش مسؤولية دائرة الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي ونسب إليه دور بارز في غزو العراق وحرب تموز وحربي غزة وتنفيذ اغتيالات استهدفت قيادات ورموزا من المقاومة كما طالت العديد من علماء ومهندسي النووي الإيراني وهو واضع نظرية احتلال العراق لتعويض هزيمة الكيان الصهيوني واندحار قوات الاحتلال من جنوب لبنان عام 2000.
المغامرة العسكرية منذ أيلول 2013 باتت كلفتها العالية واضحة لدى جنرالات البنتاغون ومنهم مجموعة تشغل المناصب العسكرية والأمنية الرفيعة في إدارة ترامب وقد عاينوا عن كثب حسابات الخسائر التي يجلبها إشعال حرب جديدة في منطقة تنتشر فيها أسلحة فتاكة بأيدي مناهضي الهيمنة الأميركية الصهيونية وحيث تتواجد القوات الروسية الجوية والبحرية والبرية مباشرة ويعرف المخططون ان بيد محور المقاومة الذي يضم إيران وسورية وحركات المقاومة الفلسطينية وحزب الله قدرات رادعة قوية وحاسمة وستكون إسرائيل اول المصابين بالنتائج كما يتوقع العديد من الخبراء الصهاينة الذين يتحدثون مجددا عن مطر من الصواريخ المدمرة على الكيان الصهيوني في حالة المغامرة العسكرية ضد إيران وحتى لو جرى ذلك بقرار اميركي إسرائيلي مشترك فالنتائج ستكون وخيمة كما قال احد كبار الكتاب الصهاينة ناحوم برنياع في مقالة حول لقاء نتنياهو – ترامب المقبل في واشنطن.
المملكة السعودية تميل إلى شراء حرب ضد إيران وبالشراكة مع إسرائيل وقد غنمت موافقة اميركية على التصعيد في اليمن مقابل التعهد باستثمارات مالية في قطاع النفط الأميركي بينما يراهن نتنياهو على تأييد ترامب لمحاولة فك التحالف بين روسيا وإيران وتكليف الجهات المعنية بوضع الخطط السياسية التي تخدم هذه الغاية لكن واقعيا ماذا يملك ترامب لمقايضة روسيا ؟ فهو رفع شعارات إيجابية في ظاهرها اتجاهها وما تزال حبرا على ورق بينما تستمر عقوبات اوباما الكيدية ضد موسكو ويتواصل التعارض في الموقف من سورية والحرب على الإرهاب ولا يبدو ان فترة السماح التي يعطيها فلاديمير بوتين لاختبار نوايا ترامب قد تطول فإيران هي حليف لامجال للتفريط بالمصالح المتشعبة التي تربط روسيا به اقتصاديا واستراتيجيا ولهذا السبب جاء الموقف الروسي سريعا وقويا بعد تهديدات البيت البيض ضد إيران.
سيحظى نتنياهو بدعم جديد لخطط الاستيطان والضم في الضفة الغربية المحتلة مع ملاحظة ترامب حول العلاقة بالسلطة الفلسطينية التي تلتزم بالتنسيق الأمني مع جيش الاحتلال وسيبقى الموضوع الرئيسي عند رئيس الوزراء الصهيوني هو التحريض على غزو إيران وفرض مزيد من العقوبات بعدما استنتج ترامب ان شعار تمزيق الاتفاق النووي الذي ردده خلال حملته الانتخابية هو هراء خالص لا مجال للقيام به واقعيا ومن هنا صعد هجومه على إيران في موضوع برنامجها الصاروخي الدفاعي الخلاصة ان المنطقة تختبر مرحلة دقيقة وحرجة تستدعي من محور المقاومة أعلى درجات الاستعداد لمجابهة أسوأ الاحتمالات والعمل لتظهير عناصر القوة الرادعة دون تردد.