«الغواصات»… صفقة تحت التحقيق: اليكس فيشمان
«قضية الغواصات تصبح تحقيقا جنائيا»، والجهات المشاركة فيها ـ بمن فيهم المحامي دافيد شمرون الذي عمل كوسيط وقائد سلاح البحرية الاسبق اليعيزر «تشايني» مروم ـ سيخضعون للتحقيق. ويجدر النظر إلى شكل العمل الذي يتبين منه في نظرة من فوق ـ كي نفهم الطريقة التي في اطارها تسكب كي سنة عشرات ومئات ملايين الشواكل، وليس بالضرورة بشكل يخدم بافضل وسيلة مصلحة الجمهور الذي يدفعها.
يمكن ان نسأل ماذا كان سيحصل لو استجابت وزارة الدفاع لطلب مجموعة المستثمرين، التي يمثلها المحامي شمرون، كي يبنوا في إسرائيل حوض سفن خاص لصيانة السفن التي يشتريها سلاح البحرية من المانيا. فما هو الأكثر منطقيا من أن تأتي الشركة الألمانية التي تبني السفن إلى اسرائيل وتستبدل أحواض سفن سلاح البحرية بحوض سفن خاص، حديث، بمقاييس ألمانية، مع بنى تحتية جديدة؟ غير أنه من أجل فهم التهكم والتملص من جانب الجهات المشاركة في صفقات سلاح البحرية، اولئك الذين يسعون إلى الالتصاق بالمبالغ الطائفة في ميزانية الدفاع والاستمتاع بجبل المال الجماهيري، يجدر الاطلاع على الأرقام. ويمكن الاشارة هنا إلى أن البقرة نفسها لا تعرف دوما كم عجلا ترضع.
خذوا مثلا غواصات «دولفين»، التي تجتاز ترميما شاملا في أحواض سفن سلاح البحرية مرة كل سبع سنوات. فمثل هذا الترميم يستغرق احيانا أكثر من سنة. والمعنى هو أنه إذا كان لسلاح البحرية اليوم خمس غواصات وفي 2020 ستكون لديه ست غواصات، ففي كل سنة ستكون على الأقل غواصة واحدة في الحوض لترميم عميق. ومن هنا نصل إلى الأرقام القاسية: ثمن ترميم الغواصة يصل إلى نحو 100 مليون شيكل. بعد الاستثمار الأساس والنفقات الجارية، مضمون لكل حوض خاص ربح صاف ثابت بعشرات ملايين الشواكل في السنة.
حين يكون الحوض الخاص احتكارا، فلا يكون فقط مضمونا له ربح ثابت بل في كل نقطة زمنية يمكنه أن يملي أسعار الصيانة. فليس له منافسون. والزبون، أي، وزارة الدفاع وسلاح البحرية ـ متعلق بنزواته. اضيفوا إلى ذلك إمكانية أن يحصل الحوض الخاص على حق امتياز لصيانة سفن سلاح البحرية، فستصلون إلى وضع يكون فيه أصحاب الحوض يمسكون بدولة اسرائيل، وانتم تعرفون أين.
الاحتكار ـ أم ما يسمى في لغة وزارة الدفاع «مورد وحيد» ـ هو الخطيئة الاولى في ميزانية الدفاع. هكذا، مثلا، حين فهم الالمان الذين ينتجون «ساعر 6»، سفينة الصواريخ التي يفترض أن تحمي حقول الغاز بأن وزارة الدفاع ـ بتدخل رئيس الوزراء وبإقناع رجاله ـ يقدم لهم الصفقة على طبق من فضة، لا عطاء، قفز سعر السفن بـ 25 في المئة. وعندما اصرت وزارة الدفاع على عطاء دولي، هبط السعر فورا. هذه القصة لم تخترعها وسائل الإعلام. هذه هي الافادة التي أدى بها مدير عام وزارة الدفاع السابق، دان هرئيل، إلى الشرطة. فما الذي دفع رئيس الوزراء لان يتدخل في هاتين الصفقتين؟ ليس واضحا بعد.
الواضح هو أنه في صفقات مشتريات وزارة الدفاع يوجد دوما اشتباه بثقوب في القنوات. فعشرات ملايين الشواكل، وربما أكثر، تسقط بين الكراسي. وهذا يتضمن، مثلا، تشغيل مستشارين في بناء الأسيجة الفاصلة حول الدولة، دفعات لجهات خارجية في مجالات تكنولوجية مختلفة وعدد لا حصر له من الاشغال التي تطلبها وزارة الدفاع وتبلع أموالا طائلة وتخلف وراءها خططا لا يعتزم احد تطبيقها، ناهيك عن استثمار المليارات في تطوير منظومات لا تصل إلى أي مكان.
المال يلقى به إلى سلة القمامة، وليس هناك من يعطي الحساب عليه. اليوم، مثلا، يوضع على الطاولة الموضوع الحرج لاستبدال المدافع في الجيش الاسرائيلي. الحاجة تبينت في بداية الألفية الثالثة، اما المطالبة العملياتية فأصدرت في 2009، والآن يحاولون انضاج الطبخة: كيف يجعلون المدافع قصة اخرى من «المورد الوحيد». يدور الحديث عن صفقة من 1.6 مليار دولار، احد ما سيقتص منها عمولة كبيرة وسمينة على حسابنا. إذا ما تقرر مع ذلك التوجه نحو اصدار عطاء، فإن السعر سيهبط جدا.
كل شهر يوقع مدير عام وزارة الدفاع على شيك بمبلغ 4.5 ـ 5 مليارات شيكل لتشغيل جهاز الامن والجيش الاسرائيلي. الحرب اليومية هي التأكد من أن الاموال لا تبذر على استثمارات غير صحيحة، على مشاريع ضخمة عديمة الاحتمال، على مستشارين زائدين، على وفود مضخمة، وبالاساس لا تسقط في ايدي اصحاب المصالح.
علم أمس ان النائب العام للدولة شاي نيتسان سيعلن في الايام القريبة القادمة عن أن «قضية الغواصات» ستنتقل من الفحص إلى التحقيق الجنائي ـ والسبب في أن البيان سيأتي من نيتسان وليس من المستشار القانوني للحكومة أفيحاي مندلبليت هو أن في هذه المرحلة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ليس مشبوها في القضية، ولا توجد نية للتحقيق معه. قضية الغواصات التي هي عمليا قضية آليات بحرية، تتركز على الصفقة لشراء غواصات من الشركة الالمانية «تيسنكروف»، وكذا محاولة شراء سفن ضد الغواصات واقامة حوض خاص لصيانة الغواصات بدلا من حوض سلاح البحرية، الصفقة التي مثل فيها المحامي الخاص لنتنياهو، دافيد شمرون الوسيط المكلف من الشركة الالمانية ميكي غانور. وفي إطار الفحص فحص ضمن أمور أخرى هل اديرت العطاءات بشكل صحيح وهل اعطيت أو اخذت رشوة في العملية. عندما يتحول الفحص بشكل رسمي إلى تحقيق جنائي، سيخضع للتحقيق إضافة لغانور وشمرون قائد سلاح البحرية الاسبق اليعيزر تشايني مروم أيضا. وعلم أمس أن قائد سلاح البحرية السابق، اللواء احتياط رام روتبرغ، هو الآخر أدلى بإفادة في القضية.
يديعوت