شعبان في حفل تأبين كبوجي: انخرط بكل ما يمكن أن يخدم قضايا الوطن والأمة
أقامت اليوم رئاسة مجلس الوزراء وبطريركية الروم الملكيين الكاثوليك وسفارة دولة فلسطين بسورية حفلا تأبينيا للراحل هيلاريون كبوجي النائب البطريركي العام ومطران القدس في المنفى بحضور ممثلة السيد الرئيس بشار الأسد الدكتورة بثينة شعبان المستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية.
وفي كلمة لها خلال التأبين الذي أقيم في مكتبة الأسد الوطنية بدمشق قالت الدكتورة شعبان.. “إن الراحل ترجم إيمانه العميق بالله والمثل العليا الى عمل صلب دؤوب مقاوم.. وجسد فعلا وعملا كل ما آمن به ونادى من أجله فاستحق بذلك أن يكون من القادة القلائل الذين يتماهون مع مثلهم ومبادئهم”.
وأشارت شعبان إلى أن كبوجي لم يكن أول مطران يزج به في سجون العدو الإسرائيلي ثم يطرد من بلده فقد سبقه إلى ما يشبه هذا المصير المطران غريغوريوس حجار “مطران العرب” إضافة إلى أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي اعتقلت القس ايليا خوري بتهمة التعاون مع جماعات فلسطينية معادية لـ “إسرائيل” وطردته من كنيسته ودياره كما اعتقلت الكاهن المصري يواكيم الانطواني.
وحول التزامه بقضايا وطنه سورية قالت الدكتورة شعبان .. “حين وصلنا إلى سويسرا للمشاركة في أول مؤتمر دولي بشأن الحرب على سورية في مدينة مونترو عام 2014 وجدنا الراحل كبوجي أمامنا حيث قال “كيف يمكن لي ألا اكون هنا بينكم ومعكم ومع سورية الحبيبة”.
ولفتت الدكتورة شعبان إلى مساعي الراحل لكسر الحصار عن سكان غزة وانخراطه بكل ما يمكن أن يخدم قضايا الوطن والأمة فكان بذلك قائدا للرأي السياسي والاجتماعي ومناضلا صبورا لا يعرف الكلل داعية إلى توثيق كل تفاصيل حياته ومسيرته النضالية ليبقى انموذجا يحتذى ومدرسة للأجيال القادمة حيث ستكون سيرته موضوع عمل درامي تعده مؤسسة الإنتاج التلفزيوني ووزارة الإعلام.
بدوره غبطة البطريرك غريغوريوس الثالث لحام بطريرك انطاكية وسائر المشرق للروم الكاثوليك الملكيين قال..”إننا نحيي اليوم ذكرى رجل عظيم سيبقى اسما مشرقا ينير دروب الأجيال الطالعة ولا سيما في مسيرة جهاد وشهداء وأبطال القضية الفلسطينية التي بقي يدافع عنها حتى آخر رمق من حياته يحمل علمها وحقوق أبنائه الفلسطينيين مسلمين ومسيحيين بكل جرأة واعتزاز وبفصاحته المشهورة”.
واشار إلى أن “الفقيد كان يردد رغبته في العودة إلى فلسطين ليلتقي بأبنائه فيها ليكون قريبا إليهم ويشاركهم في آلامهم ومعاناتهم وبذل الجهود لأجل تأمين المساعدات على أنواعها لدعم المؤسسات الفلسطينية ليصبح رمزا للقضية الفلسطينية”.
بدوره ألقى الدكتور سمير الرفاعي ممثل الرئيس الفلسطيني محمود عباس كلمة نقل في مستهلها إلى سورية “رئيسا وشعبا تحيات الرئيس عباس” وقال.. إن “شعبا واحدا رسم ملامح التاريخ الحافل الطويل بين سورية وفلسطين ونسج قصصه رجال عظام متحدين قوى الشر والغدر كالشيخ عز الدين القسام والمجاهد سعيد العاص الذين استشهدوا على أرض فلسطين دفاعا عنها”.
وأشار الرفاعي إلى أن الفقيد كبوجي رسم بقامته وحدة وآمال الشعب في سورية وفلسطين فتطوع فدائيا ثائرا على الظلم والظالمين واعتقل وعذب لكن ذلك لم يكسر عنفوانه.. ولم يتوقف نشاطه نصرة لفلسطين فكان من أهم النشطاء الذين عملوا على كسر الحصار عن قطاع غزة في سفينة الأخوة عام 2009 واسطول الحرية عام 2010.
وأضاف الرفاعي.. “إن سورية تدفع اليوم الثمن.. هم يريدون سورية دون فلسطين وفلسطين دون سورية وهذا لن يكون”.
وقدم مطران حلب يوحنا جنبرت نبذة عن حياة الراحل ومناقبه ونضاله في سبيل القضية الفلسطينية وانصهاره في بوتقة آلام الشعب العربي الفلسطيني إلى جانب اعتزازه بوطنه الأم سورية.
كما أشار الأب الياس زحلاوي إلى مناقب الراحل وتفانيه في خدمة بلاده وقضاياها ومسيرة حياته التي شكلت إرثا وملهما للأجيال في حين ذكر نادر مستريح أحد أقارب الراحل كبوجي أنه لم يدخر جهدا في خدمة أهله وأبناء وطنه فكان على الدوام مثالا للعطاء والقيم المجتمعية الأصيلة.
وتخلل الحفل فيلم وثائقي عن حياة الراحل كبوجي.
حضر التأبين عضو القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي الدكتورة فيروز موسى ووزراء الأوقاف الدكتور محمد عبد الستار السيد والصحة الدكتور نزار يازجي والتعليم العالي الدكتور عاطف نداف وأمين عام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين “القيادة العامة” أحمد جبريل ونائب رئيس مجلس النواب اللبناني السابق ايلي فرزلي وعدد من أمناء الاحزاب الوطنية ورجال دين.
وكان الموت غيب المطران كبوجي في العاصمة الايطالية روما في الأول من شهر كانون الثاني الماضي عن عمر يناهز ال 94 عاما بعد مسيرة حافلة بالنضال في سبيل القضية الفلسطينية وفي الدفاع عن المقاومة وعن سورية في مواجهة الحرب الإرهابية التي تتعرض لها.
ولد كبوجي في مدينة حلب عام 1922 وكان مطرانا لكنيسة الروم الكاثوليك في مدينة القدس منذ عام 1965 واعتقلته قوات الاحتلال الإسرائيلي عام 1974 وحكمت عليه بالسجن 12 عاما بتهمة دعم المقاومة لكنها عادت وأفرجت عنه بعد 4 سنوات بضغط من الفاتيكان وقامت بنفيه من فلسطين المحتلة عام 1978 إلى روما.