تصميم الرئيس على التغيير
غالب قنديل
تساءل كثيرون مؤخرا عن سر التصميم الذي يظهره الرئيس ميشال عون على طرح أفكاره الجذرية بشأن قانون الانتخاب وصولا إلى موضوع الاستفتاء الشعبي الذي سبق له ان اقترح اعتماده في البت بقضايا مصيرية موضع اختلاف بين القوى السياسية قبل الانتخابات الرئاسية بزمن غير قصير كما تساءل البعض عن علاقة مواقف الرئيس عون بدور التيار الوطني الحر في التفاوض على مشروع قانون جديد للانتخاب وما جرى تداوله من أفكار ومشاريع نسبت لرئيس التيار الوزير جبران باسيل الذي شارك في اللجنة الرباعية وتقدم بسلسلة اقتراحات تسهيلا للتوافق الممكن بينما ظل الرئيس عون مثابرا على تأكيد دعمه لاعتماد النسبية الكاملة.
اولا الأفكار الإصلاحية للرئيس ميشال عون حول قانون الانتخاب تنطلق من الإيمان بضرورة تحقيق عدالة التمثيل وإضعاف العصبيات الطائفية في المجتمع اللبناني لصالح الهوية الوطنية وإطلاق المباراة الديمقراطية بين البرامج والتوجهات المختلفة بدلا من تطاحن العصبيات الذي يضع لبنان باستمرار على شفير الكوارث منذ عام 1943 ويجعله بؤرة للتدخلات والضغوط من كل حدب وصوب وهذا ما يفتح البلاد على تطور كبير في الحياة الوطنية يدفع الاستقرار وفرص التنمية إلى الأمام بدلا من الاستنزاف المستمر .
ثانيا مواقف الرئيس المعلنة تمثل قوة تحفيز معنوية لجيمع القوى والكتل المؤمنة بالتغيير لتوليد دينامية سياسية جديدة تلاقي الجهود المبذولة لإصلاح النظام الانتخابي في القاعات المغلقة ومن الواضح ان الرئيس عون مصمم على استخدام موقعه الدستوري في خدمة التطلعات التي ترتبط بإصلاح النظام السياسي وتخطي حلقة التناحر المغلقة بدءا بقانون الانتخاب ومن هنا دعوته لاعتماد النسبية الكاملة ورفضه لإحياء قانون الستين بكل وضوح وإسقاطه لفزاعة الفراغ التي لوحت بها أطراف تمانع الإصلاح الانتخابي بشدة دفاعا عن مصالح معروفة حصدتها وراكمتها بتفصيل الدوائر الانتخابية وبقوة النظام الأكثري المجحف.
ثالثا إن المواقف المبدئية للرئيس ميشال عون توفر السقف السياسي الذي بات يحكم النقاشات والمفاوضات وتحت هذا السقف يثبت التيار الوطني الحر ورئيسه استعدادا متجددا للتفاوض على المخارج والتسويات الممكنة وفي ذلك تكامل بين دور الرئيس الدستوري ودينامية حزبه السياسي وتياره الشعبي ومن ضمن هذه الدائرة كان إعلان رئيس التيار الوطني الحر الاستعداد للقيام بالتحرك الشعبي اللازم للضغط من اجل قانون انتخابي جديد وهو لوح بذلك في وجه القوى التي تدافع عن صيغ رجعية ومتحجرة تعني وضع البلاد في عهدة حلقة الانقسام والعصبيات والاضطراب السياسي بل وخطر انفجارات سياسية مقبلة.
رابعا المعركة التي يخوضها رئيس الجمهورية من اجل تحديث الدولة وإصلاح النظام السياسي هي واقعيا معركة تصويب تطبيق اتفاق الطائف وتحريره من الاستنساب الذي مارسته قوى التقاسم والخصخصة التي حكمت لبنان وبالتالي تفعيل بنود الطائف المعلقة قسرا هو ما نتوقعه من الرئيس عون عملا بهذا النهج الواضح للحد من تسلط وديكتاتورية جهات استقوت على جميع قوى التغيير والإصلاح في البلاد وأشاعت الخراب والفساد وضربت قطاعات الإنتاج وسحقت الطبقات الوسطى واخضعت لبنان لسيطرة رأسمالية ريعية متوحشة تثبت فشلها في جميع دول العالم وثمة رابط نوعي وعميق بين قانون الانتخاب وآليات إنتاج السلطة السياسية ومدى قربها من تحقيق الإرادة الشعبية وملاقاة تحديات التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية .
خامسا نكرر القول ونؤكد استنتاجنا بأن الرئيس العماد ميشال عون يقدم على رأس الدولة فرصة تاريخية للوطن ولقوى التغيير ولجميع طموحات الشباب اللبناني والمناضلين من اجل التقدم والتطور ومطلوب من هذه الكتل والقوى والتيارات ان تتحرك في هذه الأيام الفاصلة لتعبر عن إرادتها تماما كما فعل الحزب الشيوعي اللبناني الذي يستحق تحية خاصة على مبادرته الداعمة للنظام الانتخابي النسبي فعلى الجميع ملاقاة رئيس الجمهورية الذي يحمي سقفا دستوريا يحقق المصلحة الوطنية والتطلعات الشعبية الكبرى.