أمريكا الجديدة: ايال زيسر
منذ لحظة دخوله إلى البيت الأبيض لم يكف ترامب عن مفاجأتنا، وايضا تخييب آمال كل من توقع أن الرئيس الجديد سيسارع إلى الاستقامة حسب الخطوط العامة للسياسة الأمريكية التقليدية ويقبل بخضوع ما تمليه عليه الوظائف الرفيعة في وزارة الخارجية ووزارة الدفاع في واشنطن. في نهاية الأسبوع الماضي وقع ترامب على أمر يقيد دخول اللاجئين من سبع دول، إلى الولايات المتحدة، وهي الدول التي توجد فيها صراعات وأزمات ولم تعد تعمل كدولة: سوريا، ليبيا، العراق، الصومال، السودان واليمن. واضاف اليها إيران ايضا. من هذه الدول جاء العدد الأكبر ممن نفذوا العمليات في اوروبا وتركيا والولايات المتحدة ايضا في السنوات الأخيرة .
الأمر الذي وقع عليه ترامب وصف من منتقديه ومعارضيه بأنه خطوة ضد المسلمين كونهم مسلمين. ولكن الحقائق مختلفة، هو لا يقيد دخول الزوار من الدول الإسلامية الحليفة أو العربية مثل مصر والسعودية وتركيا. الحديث يدور عن خطوة موضعية تهدف إلى عدم الدخول بدون رقابة للمهاجرين من الدول التي فيها وجود مكثف، وسيطرة أحيانا، لمنظمات الإرهاب الإسلامية المتطرفة التي تحظى بالتأثير والتأييد من قبل اجزاء واسعة من السكان المحليين.
قادة اوروبا ايضا الذين ينتقدون ترامب يقومون بفحص خطوات مشابهة على ضوء الحاجة إلى التوازن بين الرغبة في مساعدة ملايين اللاجئين الذين يهربون من المناطق الصعبة، وفي حالات كثيرة يتم طردهم من بيوتهم من قبل زعمائهم أو أحد الاطراف المتحاربة، وبين ضرورة الاعتراف بالعبء الاجتماعي والاقتصادي الذي تسببه موجات الهجرة لدول العالم، موجات اللاجئين تشمل احيانا مؤيدين أو اشخاصا قابلين لتأييد المنظمات الإرهابية التي تعمل في الدول التي جاءوا منها.
يمكن بالطبع الشعور بعدم الراحة تجاه قول ترامب إنه سيمنح الأولوية لطالبي اللجوء المسيحيين القادمين من هذه الدول، نظرا لأن ابناء الأقلية المسيحية حسب رأيه ملاحقون في الشرق الأوسط. أو كما يقول ترامب «الإرهابيون قاموا بقطع رؤوس الجميع، لكنهم فعلوا ذلك بالمسيحيين أكثر». ولكن يجب الاعتراف أنه خلافا للباحثين عن اللجوء من المسلمين من الدول المنهارة الذين يمكن أن يجدوا مكانا وملجأ في العالم العربي الذي كله مسلم، فإن المسيحيين من الشرق الأوسط هم اقلية هامشية ومعرضون للخطر.
خطوة أخرى يقوم ترامب بدراستها هي اقامة مناطق آمنة في سوريا، هذه الخطوة كان يجب أن يتخذها الرئيس اوباما في بداية الأزمة في هذه الدولة قبل ست سنوات. الآن ترامب ينوي وضع خطوط حمراء لبشار وبوتين، وهو يزيد من التدخل الأمريكي في الأزمة السورية. وهذا عمل منهجي للحفاظ على الخطوط الحمراء، الأمر الذي سيؤدي إلى نتائج دراماتيكية بثمن قليل. بشار الأسد وفلاديمير بوتين أضعف كثيرا مما يبدو، لذلك هما سيستسلمان أولا. خطوة كهذه ستعيد للولايات المتحدة مكانتها لدى حلفائها وتمكنها من أن تكون لاعبا ناجعا في الساحة السورية، أو شريكة إلى جانب بوتين من أجل وضع الحل الذي يُجيب ايضا على مصالحها ومصالح حلفائها، وليس فقط روسيا وإيران.
خطوة أخرى يقوم ترامب بدراستها وهي تقليص الدعم الذي تمنحه الولايات المتحدة لمؤسسات الأمم المتحدة التي تعمل بشكل معاكس للسياسة الأمريكية. في الساحة الفلسطينية يوجد الكثير من هذه المنظمات التي أعاق عملها إيجاد حل للصراع. ومثال على ذلك وكالة الغوث للاجئين «الاونروا» التي تعنى بالموظفين وأصحاب الوظائف الرفيعة، وتبقي على مشكلة اللاجئين بذريعة العمل على حلها.
الحديث يدور عن خطوات أولية تؤكد أنه لا ينوي الانجرار وراء الأحداث، بل فرض برنامج عمل يومي عالمي واقليمي جديد يناسب مواقف الرئيس المنتخب. وهذا يناقض التقديرات التي قالت إن ترامب سيظهر السلبية ويركز على مشاكل الولايات المتحدة الداخلية. والعكس هو الصحيح. خطوات ترامب تؤكد على رغبته في تغيير القرص والابتعاد عن الجمود الذي ميز السياسة الأمريكية في عدد من المواضيع الهامة في العقد الأخير، وهذا ايضا للأفضل.
إسرائيل اليوم