بدل التحقيق في جرائم الحرب في غزة اهتم مراقب الدولة في التحقيق بالقيل والقال داخل الكابنت: جدعون ليفي
تقرير مراقب الدولة حول أداء الكابنت في عملية الجرف الصامد هو تقرير التضليل وحرف الانظار. نقاش الجمهور الذي يجري الآن في أعقابه هو ايضا عبارة عن ستار من الدخان، الذي يغطي الجرائم الحقيقية للهجوم الذي لا يقوم أحد بانتقاده، ولا يهتم به أي شخص. مثل احراش الكيرن كييمت التي تمت زراعتها فوق انقاض القرى في العام 1948 من اجل اخفاء هذا الدمار، هكذا هو تقرير مراقب الدولة الذي يخفي القتل والدمار في غزة، ويسمح لاسرائيل بالادعاء بأنها تنتقد نفسها وحروبها. لذلك هذا التقرير غير هام ونقاشه هو هرب من القضايا الهامة الى القضايا الهامشية.
معارك الديوك بين الجنرالات والسياسيين ايضا تعمل على اخفاء ما هو اساسي. والامر الاساسي هو أن اسرائيل قامت بهجوم اجرامي غير مبرر ضد السكان المدنيين في غزة. وحتى الآن لم يتحمل أحد المسؤولية عن ذلك ولم تتم محاكمة أحد بسبب هذه الجرائم. المجتمع الاخلاقي كان سيهتم بهذا، وليس بمن قال ماذا ولمن في الكابنت.
مراقب الدولة النزيه ايضا كان يجب عليه الاهتمام بما هو اساسي وعدم الهرب كعادته الى الاماكن الخائفة في الهامش.
ماذا يوجد هنا بالفعل من اجل انتقاده، باستثناء عدد النقاشات في الكابنت، التي ذكرت فيها كلمة “نفق”؟ الجيش الاسرائيلي قتل 366 طفل، 180 رضيع، 247 امرأة و117 شيخا. فما الذي يمكن انتقاده هنا؟ وقد دمر الجيش الاسرائيلي 18 ألف منزلا وترك 100 ألف شخص بلا مأوى، نصفهم ما زالوا يعيشون حتى الآن على الانقاض. والامر الاهم هو معرفة من الذي أيد قصف فوهات الانفاق ومن الذي عارض. لقد أراد نفتالي بينيت “خيول سريعة” وليس “ثيران بطيئة”. ويوآف غالنت، قائد “الرصاص المصبوب”، الذي يعرف شيئا أو شيئين عن تنفيذ جرائم الحرب، كان سيحاكم في العالم السليم منذ زمن. وهو يشتكي الآن من “التردد في استخدام القوة”. فبالنسبة له كان يجب قتل المزيد. انتظروا الى حين تحقيق حلمه ويصبح وزيرا للدفاع. هذا هو جنون الاجهزة: موشيه يعلون هو الصوت الاخلاقي أمام بينيت، وبنيامين نتنياهو هو المسالم أمام بينيت.
لو أن مراقب الدولة كان شخصا شجاعا لكان حقق مثلا في القصف الاسرائيلي للمباني السكنية في غزة. وبتسيلم، مراقب الدولة في مجالها، قامت بالتحقيق في 70 عملية قصف في الجرف الصامد، التي قتل في كل واحدة منها ثلاثة اشخاص على الأقل داخل منازلهم. وعائلات كاملة مُحيت، و606 قتلى، جميعهم تقريبا من الابرياء.
أين المراقب الذي يسأل من المسؤول عن قتل عائلة أبو جامع في منزلها في بني سهيلة في 20 تموز؟ 24 شخص من عائلة واحدة قتلوا. وتسع فتيات من عائلة القصاص في مدينة غزة في اليوم التالي – من الذي قرر مصيرهن وبأي حق؟ و14 شخص من عائلة أبو جبر في مخيم البريج بعد ذلك باسبوع. و34 قتيلا في قصف مبنى الدالي في خانيونس ومنهم أبناء عائلة أبو عامر الذين هربوا الى روضة الاطفال في الطابق الارضي وهم يعتقدون أن الجيش الاسرائيلي لن يقوم بقصف روضة الاطفال؟.
بينيت وغالنت لم يكتفيا بهذه الدماء. ولكن ألا تصرخ هذه الدماء بما يكفي كي يقوم أحد ما في التحقيق؟ هل هذا القتل الجماعي غير فظيع بما يكفي من اجل محاكمة أحد، أو على الاقل القاء المسؤولية عليه؟.
هل المشكلة هي فقط الانفاق، دون التقليل من أهميتها؟.
لقد مرت سنتان ونصف. عادت اسرائيل الى روتين الحياة المريح والآمن نسبيا. ولكن في غزة ما زالوا يلعقون الجراح. 50 ألف شخص ما زالوا بلا مأوى، وآلاف المعاقين لا مكان لاعادة تأهيلهم، والحزن كبير. كان يجب على اسرائيل أن تسأل نفسها هل هي لا تتحمل حتى لو جزء قليل من المسؤولية عن ذلك؟.
هآرتس