اول خيوط خطة ترامب
غالب قنديل
أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب انه كلف وزيري الخارجية والدفاع في إدارته إعداد دراسة عن إمكانية إقامة ما يسمى مناطق آمنة على الحدود السورية وامهلهما تسعين يوما لإنجاز هذه المهمة وقد استدعى بيان البيت الأبيض تحذيرا روسيا واضحا فما هي الأبعاد الفعلية والمحاذير والمخاطر الذي يحملها هذا التوجه ؟
اولا يمثل هذا المشروع عرضا لتلاحم جديد اميركي تركي في سورية ففكرة المناطق الحدودية الآمنة نادى بها أردوغان منذ بداية تورطه في الحرب العدوانية على سورية وقد قادته التداعيات الناتجة عن سياساته مؤخرا إلى تعارض واضح مع إدارة اوباما التي وجه إليها اكثر من لوم على رفض فكرته عن تلك المناطق واتهمها بالتخاذل ومؤخرا قدمت تركيا عدوانها على الأرض السورية تحت هذا الشعار الذي اختاره ترامب بدوره للجم التجاوب التركي مع مساعي الاحتواء الروسية الإيرانية.
ثانيا تبين في الحملات الانتخابية الاميركية أن حزب الحرب الأميركي بجناحيه الديمقراطي والجمهوري وسائر مجموعات المحافظين الجدد التي تملك نفوذا جديا في فريق ترامب وداخل الحزب الجمهوري يجدون في الشعار الذي طرحته هيلاري كلينتون وتبناه دونالد ترامب حول المناطق الحدودية الآمنة ما يمثل أقصى الطموحات الأميركية الممكنة لمواصلة الاستنزاف في سورية وهم تبنوا هذا الشعار كصيغة عملية لتطوير العدوان الأميركي في سورية.
ثالثا فكرة ما يسمى بالمناطق الآمنة هي الصيغة المقترحة لاستثمار وتطوير دور ادوات العدوان الأميركي على الأرض السورية حيث يتواجد مئات الجنود من الوحدات الخاصة وقاعدة عسكرية اميركية معروفة في الشمال السوري إضافة إلى عدد من الاوكار السرية المشتركة مع الموساد وشركاء واشنطن من العرب والأتراك والأكراد ومجموعات عمل استخباراتية قائمة في الأردن وتركيا وجميع هذه الفرق تكرس جهودها لدعم الجماعات الإرهابية عبر الحدود.
رابعا يخطيء من يتخيل ان رفض ترامب للمخاطرة بخوض حروب كبرى وحديثه عن التعاون مع روسيا ولغوه الكثير عن تصفية الإرهابيين سيعني ذهابه إلى صيغ الحلول التي تراها روسيا وسورية وإيران فهذا الرئيس الأميركي يريد تجميع اوراقه قبل أي تفاوض واستعراض قوته قبل أي تعاون وهو سيجرب حظه في الخيار الذي يدعو إليه ويتبناه كسبيل للجم الاستجابة التركية لخطة الاحتواء الروسية الإيرانية ولرص صفوف الجماعات السورية العميلة خلف القرار الأميركي ولإعادة ضبط جميع الحكومات الشريكة في الحرب على سورية بالقرار الأميركي.
خامسا حدد ترامب تسعين يوما لهذه المناورة السياسية التي قد تقود إلى اختبار جدي لتوازن القوى فلن تردع اوهام ورهانات المغامرة الأميركية العدوانية إلا بالمواجهة الحازمة التي تبين الكلفة المترتبة على التمادي في العدوان على سورية وانتهاك سيادتها الوطنية واستقلالها وسيكون على حلفاء سورية وبالذات روسيا وإيران اتخاذ المبادرات والخطوات الميدانية المشتركة مع الدولة الوطنية السورية لإظهار كلفة المغامرة التي يلوح ترامب بخوضها ولإفهام القيادة التركية ان كلام ترامب يعني تورطها في نزف جديد وان لا مفر من مواصلة التكيف مع العملية التي انطلقت ببيان موسكو الثلاثي.