الجيش الإسرائيلي ينتظر ترامب: اليكس فيشمان
عندما وجه رئيس الأركان كبار رجالات الجيش الإسرائيلي الاسبوع الماضي إلا يتلفظوا علنا باسم دونالد ترامب، لم يكن هذا تذكيرا نظريا آخر لعلاقات المستوى العسكري والمستوى السياسي. يتبين أنه في الاسابيع الاخيرة كانوا في الجيش وفي جهاز الامن غارقين حتى الرقبة في تحليل المعاني والاثار للتغيير الرئاسي في الولايات المتحدة.
اذا كانت أوراق قد اعدت ـ في البداية ـ في مسائل مثل إلى أين وجهة الشرق الاوسط في عصر ترامب وماذا يفترض بإسرائيل ان تفعل، ففي الاسابيع الاخيرة ينشغلون في الجيش بالمعاني وبالاستعدادات اللازمة لإمكانية أن تنفذ الإدارة تعهد ترامب بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس.
ولما كان أحد لا يعرف ما سيفعله ترامب حقا، فقد بنيت في جهاز الأمن سلسلة من السيناريوهات المحتملة ـ بدءاً بوضع يعلن فيه الأمريكيون عن بناء السفارة ويطلقون على الفور الجرافات إلى الميدان وانتهاء باستمرار الخدعة الحالية التي يعلنون فيها ولا يفعلون شيئا. وبين هذا وذاك تعنى البدائل ايضا بامكانية التحقق التدريجي، بعيد المدى الذي يتضمن مراسم احتفالية لوضع حجر الأساس وبعدها سنوات من الانشغال بالبناء وبالنقليات. لكل واحد من البدائل سيكون تأثير مختلف على شدة رد العالم الإسلامي، وفي الجيش يستعدون ايضا لنشوب عنف بدرجات مختلفة من القوة.
التقدير هو أن كل خطوة أمريكية ـ تصريحية كانت أم عملية ـ ستخلق صدى في أربع دوائر. الدائرة الأولى هي عرب إسرائيل. فالجناح الإسلامي الشمالي، الذي يبحث عن كل فرصة لاشغال الشارع حول مسألة الحرم سيقفز على المقدمة. واليوم يمكن أن يضاف إلى هذه الدائرة الحركة الإسلامية الجنوبية التي تمتطي موجهة الاضطرابات البدوية في النقب. كقاعدة، يعارض المسلمون الاصوليون كل علائم الحكم اليهودي أو المسيحي في القدس، سفارة أمريكية مسيحية في القدس، والسفارة الأمريكية المسيحية في القدس هي من ناحيتهم سبب لدعوة العالم الإسلامي المتطرف للقتال ضد عودة الصليبيين. اما حماس التي ترى نفسها سيدة شؤون القدس، فستنضم هي ايضا لاحتفالات التحريض.
الدائرة الثانية هي السلطة الفلسطينية، التي توجد في حالة فزع مطلقة في ضوء تغيير الحكم في الولايات المتحدة. زعماؤها يفهمون بأنه يتعين عليهم أن يقودوا خطوة احتجاج في الشارع، ولكن خطوة كهذه من شأنها أن تؤدي بهم إلى فقدان السيطرة على الميدان وإلى الانهيار.
الدائرة الثالثة هي الشارع في الدول السنية في المنطقة. فنقل السفارة من شأنه أن يكون المسمار الاخير في نعش الانظمة التي على اي حال تهتز الأرض من تحت اقدامها. فالملك عبدالله اكتشف مؤخرا بأن 10 في المئة من سكان الأردن يؤيدون الحركات الإسلامية المتطرفة. الأردن بحاجة لإسرائيل بل واكثر من ذلك بحاجة للولايات المتحدة لضمان النظام. ولكن بصفته مسؤولا عن الترتيبات في الحرم، فإن الأردن سيكون ملزما بأن يقف في جبهة الصراع ضد نقل السفارة إلى القدس. ونقل السفارة كفيل بأن يهيج الشارع في مصر ايضا، حيث مكانة الرئيس ـ على خلفية الوضع الاقتصادي ـ ليست لامعة. وتتناول الدائرة الرابعة إثارة الجاليات الإسلامية في العالم ما من شأنه أن يؤثر على ذخائر ومصالح إسرائيلية دولية.
لم تجرى خطوة واحدة بعد، ولكن الارض تعتمل منذ الان، على الاقل في المستوى التصريحي والتحريضي. وعليه، فقبل كل خطوة أمريكية عملية يجب أن يجري عمل تجاه دوائر الهياج الاربع لتخفيف حدة الضربة. وبدون نشاط دبلوماسي وسياسي مبكر من شأن الآثار أن تقع اساسا على كاهل الجيش الإسرائيلي.
في هذه الاثناء، تبذل حكومة إسرائيل، التواقة جدا لأن ترى سفارة أمريكية في القدس، كي تشعل قصة السفارة حريقا كبيرا. فهي تهيج عرب إسرائيل والدروز من خلال موجة هدم المنازل غير القانونية وتصب الزيت على الشعلة بالاحاديث عن ضم معاليه ادوميم. كالمعتاد، نحن نطلق على أنفسنا النار، على الساق، ونترك للجيش مهمة كنس الضرر.
يديعوت