ترامب ونقل السفارة
غالب قنديل
تشير مواقف الرئيس الأميركي اتجاه الكيان الصهيوني إلى التزامه بما سار عليه سابقوه من الرؤساء الجمهوريين والديمقراطيين وبالذات سلفه باراك اوباما الذي لم تحل اختلافاته السياسية مع نتنياهو دون إقراره لمساعدات عسكرية بعشرات المليارات للسنوات القادمة لدعم آلة الحرب الصهيونية ويبدو واضحا ان دونالد ترامب يتخذ مواقف وخيارات أشد التصاقا باللوبي الصهيوني وبكيان العدو.
نقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة هو خطوة سياسية كبيرة تدعم الكيان الصهيوني وفكرة الدولة اليهودية الصهيونية التي تمثل محور التخطيط الصهيوني منذ مطلع الألفية وهي خطوة تعتبر نعيا نهائيا لفرضية الدولتين التي قبرها توسع الاستيطان الصهيوني في الضفة الغربية المحتلة بحيث تكرس القدس عاصمة للكيان وتنهي أي رهانات عند القيادة الفلسطينية المساومة على اقتطاع رقعة من المدينة لتعلن عاصمة لكيان فلسطيني جرى إعدام الفرص الواقعية والسياسية لنشوئه من الأصل منذ اتفاق اوسلو المشؤوم وانطلاق السلطة الفلسطينية التي قامت بموجبه في مسيرة من الرهانات الفاشلة تحت الرعاية الأميركية الغربية الخليجية .
يتجاسر الرئيس الأميركي الجديد على التحضير لاتخاذ قرار احجم أسلافه عن السير به إلى النهاية رغم كونه وعدا نافرا في خطبهم الانتخابية وقد ذكرت الدبلوماسية الأميركية ان الخشية من انهيار جهود التسوية دفعت لتجميد القرار أي الخشية من تأثر المواقف العربية والفلسطينية نتيجة الحرج الذي يثيره التسليم بتكريس القدس عاصمة للكيان الصهيوني واليوم يقال في واشنطن جهارا إن جهود التسوية انهارت وتوقفت أصلا فلم الخشية ؟!.
لا شيء جديا تخشاه واشنطن في موضوع السفارة بينما تتسابق دول عربية عديدة على خطب الود الصهيوني وتقيم علاقات مع كيان العدو في السر والعلن وتخوض حروبا بالشراكة مع الصهاينة ضد دول عربية كسورية واليمن وسواهما .
لن يواجه القرار الأميركي إذا نفذ على الأرجح سوى تصريحات وبيانات لرفع العتب لا اكثر ولا أقل فالقيادات الفلسطينية التي تتسول الرضا الغربي والأميركي تحت الرعاية القطرية السعودية التركية وبعضها ينسق مباشرة وامنيا مع الكيان الصهيوني ضد المقاومين الشباب ليست مؤهلة لاتخاذ مبادرات وإطلاق ردود قد تردع واشنطن وتمنعها من هذه الخطوة.
فكرة الدولتين سقطت من سنوات بوحش الاستيطان الذي مزق الضفة الغربية وجعل مدنها وقراها جزرا معزولة تحاصرها المستعمرات وفي حال أقدم ترامب على تنفيذ وعده لنتنياهو سيضع علامة التكريس الرسمي الدولي لهذه الحقيقة ومن أسقط فكرة الدولتين هم قادة الكيان الصهيوني وفريق المساومات العربية والفلسطينية وفي الحصيلة لا خيار سوى المقاومة امام الفلسطينيين والعرب في وجه السرطان الصهيوني الذي يتغول كلما انتشر من حوله الاستسلام والخضوع للهوان في البيئة العربية .