الحكام العرب سيقفون في الطابور: سمدار بيري
لو كنت في مكان مستشار كبير للشؤون الاستراتيجية لدى واحد من الـ 22 حاكم في العالم العربي، وليس مهما حقا من هو الحاكم، لكنت كتبت توصية مزدوجة: اخرج عن طورك كي ترحب بترامب بالكلمات الاكثر كياسة وابلغه «اننا نتوقع توثيق التعاون بيننا». هذا ما يفعله الان السيسي، ابو مازن، سلمان ملك السعودية وحكام إمارات الخليج. وإلى جانب ذلك كنت سأوصي، الحاكم ان يستعد لأيام سيئة.
فبعد كل شيء، من زاوية نظر حكام الحارة، لا يوجد الكثير مما يمكن عمله: ترامب هو الرئيس الـ 45، هذا الرجل جاء ليبقى، وهو ينثر عن قصد علامات استفهام. واذا كان ثمة شيء تمكن ترامب من تعلمه حتى الان، فهو أنه لا يوجد حتى ولا حاكم واحد في الشرق الاوسط يشتعل السلام بين إسرائيل والعالم العربي في عظامه حقا. لا في القدس، لا في رام الله، لا في القاهرة ولا في الرياض. المبعوث الخاص الذي عينه ترامب لنفسه لشؤون حارتنا هو صهره، غارد كوشنير، ابن الـ 36. هو أيضا عديم التجربة. لا يبدو أنه تمكن من اعداد خطط أو استعد لدس اليدين والقدمين في مستنقع النزاعات في المنطقة.
حتى اليوم، في جملة المقالات لوسائل الإعلام وكذا في خطاب التنصيب الضحل، لم يجتهد ترامب في أن يثبت بأن لديه رؤيا. فهو رجل اعمال ينطلق لبيع شعار «أمريكا في المكان الاول. من يريد أن يتقدم باقتراحات في مواضيع لا ترتبط بالشؤون الداخلية، فليأخذ رقما، ويقف في الطابور ويكون مستعدا لأن يسحب المحفظة.
في سوريا مثلا، لا يهم ترامب إذا كان رحل الأسد ام بقي. وهو يقترح اقامة مناطق فاصلة بين الحكم ومعارضيه. واحاطتها باسيجة الامن، مثلما اقترح عمله على طول الخطوط مع المكسيك. والسعوديون وامارات النفط في الخليج سيكونون مسؤولين عن التمويل. هكذا يعملون في عالم الاعمال التجارية، خذ ـ أعطِ ـ ادفع. كما أنه لن يسمح للاجئين من سوريا بالدخول إلى أمريكا.
انتبهوا، أيها المستشارون للحكام العرب بأنه في مراسم التنصيب في واشنطن حضر حاخام يهودي ورجلا دين مسيحيان. لم يحلم المنظمون حتى بأن يجلبوا مندوبا لدين النبي محمد. فالرئيس المنتخب يمقتهم. وقد ذكر المسلمين فقط حين أقسم على مطاردة الإرهاب والقضاء عليه. فكيف يعتزم إدارة المطاردة؟ القائد الاعلى الجديد للجيش الأمريكي سيتعاون مع بوتين ويدعه يقوم بالعمل. هذه من المتوقع أن تكون اياما سيئة بالتأكيد لتنظيم داعش. وماذا يعتزم ترامب عمله بالاتفاق النووي مع إيران؟ سؤال جيد. حسب مستوى الضغط في طهران والتهديدات التي تخرج من هناك، ترامب لن يتحرك والاتفاق لن يتحرك.
كيف سيفسر المستشار للشؤون الاستراتيجية في حارتنا اعلان نوايا ترامب لنقل السفارة الأمريكية إلى القدس؟ لقد سبق أن بعثوا بالمبعوثين، نقلوا الرسائل إلى قيادة ترامب، حذروا من الانفجار. وكما يبدو الامر حاليا، توجد نية، ولا يوجد موعد محدد. إذا حصل هذا حقا، فالميادين في ارجاء العالم العربي ستمتلىء. وستكون هذه هي اللحظة لاشتعال الشوارع وتنفيس الاحباطات. ميدان التحرير سيغرق بالمتظاهرين، الفلسطينيون سيعربدون وفي الأردن لن ينجحوا في وقف الجموع الغاضبة.
ترامب يستخف بالجميع ولن يلتفت لأحدا. انتبهوا، ايها الملوك والرؤساء من العالم العربي: هو يفعل هذا بالترتيب المعاكس ـ الاعمال والملايين، وفقط بعد ذلك الحكم. وهو يعرف منذ الآن بأنه تجري الأمور عندكم من الاتجاه الثاني: فقط بعد الدخول إلى القصر يتعلمون كيف يجرفون المال.
صورة واحدة تروي قصة المسافة الشاسعة: خمسة رؤساء سابقون ـ جيمي كارتر، بوش الاب والابن، كلينتون وأوباما ـ امتثلوا لحضور مراسم التنصيب في البيت الأبيض. لم تنجح أي من الدول العربية في أن تُري صورة كهذه.
يديعوت