رفع الصوت في وجه «الستين»… هل يحضر البديل؟ محمد بلوط
بعد ان تلاشت الآمال في التوصل الى اتفاق على انجاز واقرار قانون جديد للانتخابات، ظهرت في الساعات الثماني والاربعين اشارات تدل على ان هناك ضغوطا قوية لمواجهة قانون الستين كأمر واقع، وان الآمال لا تزال معقودة على التخلص من هذا القانون السيئ الصيت لمصلحة قانون يجمع بين الاكثري والنسبي على طريقة «لا يموت الذئب ولا يفنى الغنم».
ومما لا شك فيه ان موقف رئيس الجمهورية ميشال عون في كلمته امام السلك الديبلوماسي عزّز هذا الاعتقاد، لا سيما عندما قال ان الخوف من القانون النسبي هو في غير محلّه «لان وحده النظام الذي يقوم على النسبية يؤمن صحة التمثيل وعدالته للجميع». واستخدم ايضا العبارة نفسها التي درج الرئيس بري على استخدامها قائلا «قد يخسر البعض بعض مقاعدهم، ولكننا نربح جميعا استقرار الوطن».
واستأهل هذا الموقف بالاضافة الى باقي مضمون كلمته اتصالا من رئىس المجلس الذي هنأه على هذه الكلمة منوها بشموليتها ودقتها بالنسبة للبنود التي تضمنتها.
ويضاف الى هذه الاشارة القوية ما نقله وزير الاعلام ملحم رياشي عن رئىس الحكومة سعد الحريري بأنه «مصر على ان يكون هناك قانون انتخاب جديد».
ولفت ان النائبين اكرم شهيب ووائل ابو فاعور اللذين زارا الرئيس بري بعد ظهر امس لم يبحثا معه كما كان متوقعا موضوع قانون الانتخاب، بل جاءت الزيارة بغرض البحث في سلامة المطار.
ما يعطي انطباعا ايضا بأن النائب وليد جنبلاط الذي اندفع في مواقفه المتصلبة ضد القانون النسبي فضّل ترك مساحة للنقاش حول مصير قانون الستين والقانون الجديد المزمع انجازه واقراره.
ونقل في هذا المجال عن مرجع سياسي بارز أن ثمة عناصر ووقائع برزت في الايام القليلة تظهر أن هناك ضغوطا قوية لعدم تكريس قانون الستين بدأت بالتحذيرات اليومية التي اطلقها الرئيس بري مؤخرا في محاولة واضحة لاجهاض محاولات الابقاء على هذا القانون ووضع الجميع امام مسؤولياتهم.
ويرفض الرئيس بري كما ينقل زواره، التذرع بضيق الوقت لاستمرار العمل بالقانون الحالي. مضيفا ان هناك مجالا للاتفاق على قانون جديد اذا ما توافرت النيات السليمة والجدية لتحقيق هذا الهدف.
كما ان التمديد للمجلس لسنة او سنتين بحجة السعي الى انجاز القانون الجديد مرفوض قطعا، اما التمديد التقني فيأتي في متن ومضمون القانون الجديد لا اكثر ولا اقل.
والى جانب تحذيرات بري حرص حزب الله من خلال بيانات كتلته النيابية واخرها بيان الامس على التشديد مرة اخرى على اعتماد النسبية الكاملة، ورفض قانون الستين او التمديد للمجلس.
وحسب المعلومات المتوافرة فإن هذه الاجواء التي سجلت في الايام القليلة الماضية تبعث على الاعتقاد بأن هناك رغبة لدى اطراف عديدة لاستئناف المفاوضات حول الافكار التي يمكن ان تساهم في بلورة قانون جديد لان بقاء الستين لا يشكل صدمة للعهد والبلد كما قال الرئيس بري بل ايضا ليس موضع ترحيب من الخارج، لا سيما ان بعض السفراء الاجانب حرصوا على الدعوة الى ادخال «اصلاحات» على القانون الحالي.
ويقول مصدر بارز يشارك في المفاوضات حول قانون الانتخاب ان المداولات التي سجلت مؤخرا لم تتناول صيغة جديدة واضحة بديلة عن الستين، وان هناك بعض الافكار التي تطرح من هنا وهناك تتناول على سبيل المثال فكرة التأهيل على الاكثري والانتخاب على النسبي في المحافظة او الدائرة الموسعة.
ويضيف «صحيح اننا لم نناقش في الايام الاخيرة مشروعا او اقتراحا جديدا، لكن المحادثات والاتصالات لم تتوقف لبلورة صيغة قانون جديد للانتخاب». ويشير الى ان ما حصل في اليومين او الثلاثة الماضيين يؤشر الى ان هناك محاولات جادّة وقوية لمصلحة اقرار قانون جديد للانتخابات وعدم الاستسلام لقانون الستين.
وفي المقابل ترى مصادر سياسية ان مثل هذه الضغوط والمحاولات يبدو انها تدور في حلقة مغلقة لا سيما ان هناك اطرافا تعلن شيئا وتضمر شيئا اخر، وهذا ما يصب في خانة ومصلحة بقاء القانون الحالي.
وتضيف المصادر ان المواقف الاخيرة المعلنة ضد قانون الستين لا تعبّر عن حقيقة الامور ولا تدل على تغيير جدي باتجاه قانون اصلاحي جديد.
هذا فضلا عن ان وزارة الداخلية بدأت تعدّ نفسها لاجراء الانتخابات في موعدها على اساس القانون الحالي طالما ان البديل غير واضح او متيسر حتى الان.
(الديار)