تدخل قطر وتركيا في ازمة الكهرباء في غزة: عاموس هرئيل
تدخل قطر وتركيا يشكل كما يبدو حلا مؤقتا وجزئيا لازمة الكهرباء الصعبة في قطاع غزة. وعود المساعدة من الدولتين اللتين تؤيدان حركة الاخوان المسلمين واللتين لا تريدان رؤية سقوط حماس، من شأنها أن تساعد في استقرار السلطة الاسلامية في القطاع. وقد جاء أمس أن هناك شاب من سكان مخيم للاجئين قد أحرق نفسه وأصيب اصابة بليغة احتجاجا على ازمة الكهرباء. أحداث الاسبوع الاخير تشعل الضوء الاحمر سواء لحماس أو اسرائيل التي قد تتحمل نتيجة هذه الازمة، والتي أسهمت في نشوئها.
ازمة الكهرباء في غزة تتفاقم من سنة الى اخرى بسبب فجوة تبلغ 100 في المئة بين القدرة على انتاج الكهرباء محليا وبين حاجة السكان. في الايام العادية ينجح النظام في غزة في سد هذه الفجوة من خلال التوفير الجزئي للكهرباء في الاحياء والمناطق التي تحصل على ذلك لسبع أو ثماني ساعات يوميا. وفي فصل الشتاء يزداد الاستهلاك للتدفئة وتضطر حكومة حماس الى تقصير المدة لثلاث أو اربع ساعات يوميا، وعلى خلفية نقص الوقود والمشكلات خطوط الكهرباء من مصر ايضا. وقد نشأ خلاف اقتصادي صعب بين حماس وبين السلطة الفلسطينية في رام الله بخصوص جباية الضرائب على الوقود من اجل الكهرباء التي تشتريها السلطة من اسرائيل لقطاع غزة. السلطة الفلسطينية التي تمول جزء من احتياجات القطاع في مجال الكهرباء لا تسارع الى قبول املاءات اخرى من حماس.
تقليص تزويد القطاع بالكهرباء تسبب في الايام العادية بموت مرضى في المستشفيات وتوقف المصانع واقالة العمال. وقد اصبحت الظروف صعبة جدا الى درجة جعلت الآلاف يخرجون الى الشارع والاحتجاج ضد السلطة. وفي بعض الحالات قامت حماس باطلاق النار في الهواء من اجل تفريق المتظاهرين. والغضب في القطاع لا يتعلق فقط بازمة الكهرباء، بل هو يتعلق ايضا بغضب قديم حول الطريقة التي سيطرت فيها حماس على السلطة في القطاع في العام 2007، حيث قمعت أبناء فتح بشكل فظ، وكذلك خيبة الأمل حول اعمار القطار من اضرار الحرب الاخيرة مع اسرائيل، الذي يتم بشكل بطيء جدا رغم مرور سنتين ونصف على عملية “الجرف الصامد”.
أعلنت قطر أول أمس بأنها ستمنح 12 مليون دولار من اجل استمرار محطة الطاقة في غزة. وتركيا سترسل 20 ألف طن من الوقود لتمكين الغزيين من تجاوز فصل الشتاء. ومصر ايضا قلصت الضغط بشكل جزئي على القطاع، ليس بسبب حبها المفاجيء لحماس (العداء بينها وبين حماس بقي على حاله بسبب المساعدات العسكرية التي تقدمها حماس لداعش في سيناء)، بل بسبب المصالح المشتركة والرغبة في مساعدة محمد دحلان، المقرب من القاهرة، والذي يريد تعزيز مكانته في غزة.
مصر تقوم بفتح معبر رفح لوقت أطول، وبهذا هي تخفف من الشعور بالاختناق في غزة. واسرائيل من ناحيتها تسعى الى انشاء خط جديد للكهرباء من شأنه تحسين البنية التحتية في القطاع. وفي نفس الوقت هناك محادثات أولية حول بيع الغاز الاسرائيلي للقطاع من الحقول التي تم اكتشافها في البحر المتوسط.الجهاز العسكري الاسرائيلي يعتقد أن حكم حماس مستقر. فما زال معظم السكان يؤيدون حماس، وهي ما زالت تستطيع ردع التنظيمات السلفية المتطرفة العاملة بالهام من داعش. واطلاق الصواريخ من القطاع نحو اسرائيل محدود. وعندما تقوم منظمة سلفية باطلاق الصواريخ، ترد حماس بشدة. أول أمس كان هناك حادثة استثنائية أصابت فيها رصاصات جرافة عسكرية في الحدود الجنوبية للقطاع. وقد رد الجيش الاسرائيلي بالمدفعية ودمر موقع لحماس. ورسميا اسرائيل تلقي بالمسؤولية على حماس وتجعلها تدفع ثمن محدود، رغم أن الطرفين يدركان أن منظمة صغيرة هي المسؤولة عن الحادثة.
لكن التوتر الداخلي في القطاع، الى درجة خروج المتظاهرين الى الشوارع رغم قمع الاحتجاج، من شأنه الاشارة الى أن حكم حماس أصبح أقل سيطرة على الكرسي من السابق. وهذه المنظمة تعيش خلافات داخلية شديدة فيما يتعلق بتعيين رئيس جديد للمكتب السياسي لحماس بدلا من خالد مشعل. وعلى ضوء الفجوات في المواقف ايضا بين الذراع العسكري والسياسي.
تحاول ايران استغلال هذا التوتر، حيث قامت باستئناف ارسال الاموال الى القطاع. فقد منحت لحماس في السنة الماضية 80 مليون دولار. ويبدو أن هذا المبلغ ذهب جميعه للذراع العسكري. واسرائيل ايضا تتابع ما يحدث، واذا تصاعد احتجاج السكان بسبب المياه والصرف الصحي، فيحتمل أن تحاول حماس توجيه النار نحو اسرائيل. والخطوات التي قامت بها اسرائيل الى الآن من اجل تحسين ظروف الحياة في القطاع والتي تقوم الامم المتحدة إنها قد تصبح شديدة جدا خلال ثلاث سنوات، ما زالت ضعيفة وبطيئة.
في الوقت الذي تحذر فيه اسرائيل وحماس من الصدام المباشر، فان الصدام في الضفة الغربية أكثر علنية. صباح أمس اعتقل الشباك والجيش 13 نشيطا من حماس في منطقة رام الله، مشبوهين بقيادة المنظمة في المنطقة، ونقل المال لتغطية نشاطات حماس ودعم عائلات المخربين والأسرى (هذه الاعمال تنفذها السلطة الفلسطينية ايضا دون معارضة من اسرائيل).
وجاء في تقرير الشباك أن “كشف الخلية يؤكد استمرار نوايا حماس الاستراتيجية لاسقاط السلطة الفلسطينية”. وأن القيادة حصلت على اموال من حماس الخارج ومن الداخل. الخارج هو كلمة بديلة لتركيا. رئيس مكتب حماس في تركيا، صالح العاروري ترك كما يبدو الدولة بضغط من اسرائيل والولايات المتحدة، لكن نشاط المكتب هناك مستمر. واسرائيل لا تقول ذلك علنا، منذ تجاوز ازمة “مرمرة” وتوقيع اتفاق التعويضات مع تركيا في السنة الماضية.
هآرتس