مقالات مختارة

نتنياهو يدمر الديمقراطية في اسرائيل: رعنان شكيد

 

في النهاية، في السطر الاخير، ينبغي القول باستقامة بأنه لا تعلق سواء ببنيامين نتنياهو أم بارنون نوني موزيس، في هذه المرحلة، ذرة من البراءة. فصيغة الاقوال التي تم تبادلها بينهما (كما نشر استنادا الى التسريبات فقط) بعيدة عن أن تمثل مراعاة هامة لمباديء اللعب الديمقراطي. فلا تزال هذه اقوال، مثلما يقولها الناس.

عندما ننظر الى ما وراء الاقوال، الى الافعال المحتملة التي تمثلها، يتبين بوضوح فرق هام بين نتنياهو وموزيس – وهذا هو الفرق الذي من المهم التشديد عليه: نتنياهو هو مبعوث الجمهور الذي يبيع ذخرا ليس له ولم يسجل ابدا على اسمه – الديمقراطية الاسرائيلية – مقابل تخليد حكمه. أما موزيس فهو المالك الخاص للصحيفة، وبصفته هذه من حقه أن يبيع، يشتري، يغير، يعكس، وبقدر ما ايضا يملي خطا ما كأفضل فهمه وارادته. لا، هو لا يمكنه أن يبيع أو يشتري الاخبار، ولكنه يتحكم، ويفترض به ان يكون قادرا على ان يتحكم، بالخط التحريري لصحيفته. “يديعوت احرونوت” هي ملك خاص، أما دولة اسرائيل فهي ليست كذلك.

صحيح، كنتم تأملون بان رجل اعمال يملك صحيفة ان يمثل التزاما عميقا بالقيم الصحفية الاساس، غير أنه فضلا عن ذلك، من حق موزيس – وحق الصحيفة – تمثيل اجندة. من حقهما تغيير الاجندة. من حقهما ان يستأجرا للعمل الصحفي من يمثل فكرا معينا. ولا سيما في ظل حقيقة أن الصحيفة لم تتوقف عن تشغيل صحافيين ذوي فكر متناقض.

لا ينبغي الاشتباه بـ “يديعوت احرونوت” بانها ينقصها كتاب يعارضون بشدة حكم نتنياهو وكل ما يمثله الرجل. وأنا واحد منهم. وبالتالي ينبغي لي أن اعرف، وسيسرني ان اشهد: لم اتلقى ابدا اي توجه من المحررين، وبالتأكيد ليس من الناشر نفسه حول الخط السياسي الذي تمثله كتاباتي، حدة الاقوال أو شكل الاعراب عنها. ولم يطلب مني ابدا أن اغير، اعدل أو اشطب شيئا على خلفية سياسية. لا عندما كرست عواميد كاملة لانتقاد نتنياهو ولا عندما كرست كلمات “قليلة، كما ينبغي القول، ومع ذلك” في صالح مواقف اليمين.

لقد سادت في “يديعوت احرونوت” ولا تزال تسود حرية صحفية مثيرة للانطباع حتى عندما لا تستوي الامور مع تفضيلات أو احتياجات الناشر. ومع ذلك، وبلا تضارب بين الامور، فان الناشر، بصفته المالك التجاري لوسيلة الاعلام، من حقه أن يعمل على تعزيز خط سياسي معين في صحيفته ولا سيما من خلال تشغيل صحافيين يمثلون هذا الخط. كل محاولة للادعاء بغير ذلك هي في افضل الاحوال، ادعاء للسذاجة. فليس لديكم وسيلة اعلام مركزية في العالم اليوم لا يعرف توجهها السياسي. وهي معروفة في الغالب. ويقال في صالح “يديعوت احرونوت” بانها لم تكن ابدا معلبة أو دوغماتية للمدى المتوسط والطويل. فالمزاج في الحالة الجماهيرية الاسرائيلية انعكس فيها بقدر كبير، ومثله، هو نفسه ايضا تغير صبح مساء.

الخط التحريري يمكنه – وهناك من يقول ينبغي له ان يتغير بين الحين والاخر وفقا لمنظومة آراء كبار اسرة التحرير وقراءتهم للواقع. يفضل الا يتغير استنادا الى صفقة عقدها الناشر مع سياسي كبير – في المستوى الصحفي يعد هذا دنسا – غير أن مرة اخرى، الصحيفة هي عصبة خاصة تخضع لتحكم مالكها، ولا سيما عندما يكون المالك هو ايضا (كما يشار في صدارة الصحيفة كل يوم) محرر مسؤول. فهل يخرب هذا على المنتج، في هذه الحالة الصحيفة؟ الجمهور يحسم.

اذا ما زال سحر المنتج في نظر المستهلك، واذا ما اعتبر غير مصداق، فان هذا سيعطي مؤشراته فورا في المبيعات. ولكن خلافا للصحيفة، دولة اسرائيل ليست عصبة خاصة، وكل اسهمها يملكها الجمهور. رئيس الوزراء هو مجرد منفذ مؤقت انتخبه مالكو الاسهم – نحن. وبالتالي ليس له اي حق في ان يبيع أو يشتري لنفسه اجزاء منها او يحاول أن يدفع مقابل استمرار حكمه فيها. ما أن فعل هذا، فانه لا يشبه باي شكل مالك شركة خاصة يملي طبيعة الشركة ومن حقه أن يتاجر بها كما يشاء.هذا التمييز حرج، فهو كل ما يفصل بين بيع الديمقراطية الاسرائيلية من قبل من لا يحق له ذلك وبين تغيير اجندة لوسيلة اعلامية خاصة من قبل اول من يستحق ذلك: مالكها.

يديعوت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى