عماد مغنية صانع انتصارات حزب الله محمود زيات
بترقب… ينتظر الاسرائيليون اكتمال مشهد رحيل الرئيس الاميركي باراك اوباما عن البيت الابيض، لكونه الرئيس الذي «ازعج» الاسرائيليين في الاسابيع الاخيرة من ولايته الثانية، لانه اضرَّ بالمصالح الاسرائيلية، كما يقولون، وبتلهُّف يقفون على «مفرق» الوعود التي اطلقها السيد الجديد للبيت الابيض دونالد ترامب… المتعلقة بملفات يعتبرها قادة الكيان الاسرائيلي مصيرية، كوقف تأييد الادارة الاميركية باقامة دولة فلسطينية، نقل السفارة الاميركية من تل ابيب الى القدس، وزيادة الضغط على ايران والغاء الاتفاق النووي والعودة الى العقوبات.
…ولان الاسرائيليين استُفِزُّوا قبل اسبوعين، من غياب «الفيتو» الاميركي عن تصويت مجلس الامن في جلسة لادانة بناء المستوطنات الاسرائيلية، فان الرئيس الاميركي لم يشفع له مسلسل الخدمات السياسية والدبلوماسية والمالية والاقتصادية والعسكرية والامنية التي قدمها للاسرائيليين، فالتنسيق الامني والاستخباري المفتوح الذي اقامه اوباما خلال ولايتين رئاسيتين، بين اجهزة الاستخبارات الاميركية والصهيونية، دفعت برئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو ليقول ان القيادة الاسرائيلية تأمل، مع دخول ترامب البيت الابيض، أن تتحسن العلاقات السياسية، مثلما كانت مثمرة العلاقات الامنية والاستخبارية في فترة ولاية اوباما.
ولعل ما اضاء عليه بعض الاعلام الصهيوني، من ان التنسيق الامني القائم بين الاسرائيليين والاميركيين، ومنذ زمن طويل، وصل الى مستوى عال ، جعلت الاسرائيليين يشعرون الرئيس الاميركي الراحل عن مركز القرار كان شريكا لهم في عملية اغتيال قائد المقاومة في «حزب الله» الشهيد عماد مغنية في شباط العام 2008، بعد اسابيع قليلة من دخول اوباما البيت الابيض .
في معلومات قد تكون مرتبطة ببعض الحقيقة، وبالتزامن مع رحيل الرئيس الاميركي باراك اوباما الذي ينظر الاسرائيليون الى ولايتيه بانزعاج، وصلت الى حد اتهامه بالعمل ضد مصالح كيانهم، كشفت صحيفة «معاريف» الصهيونية، وعلى لسان معلقها الامني، عن تورط الرئيس الاميركي في عملية اغتيال القائد في «حزب الله» الشهيد عماد مغنية، بواسطة عبوة ناسفة في منطقة كفرسوسة في العاصمة السورية دمشق، بواسطة التنسيق الامني والاستخباري الاسرائيلي الاميركي.
ويشيرالمعلِّق الأمني في الصحيفة يوسي ملمان .. أنه وبحسب تحقيقات نُشرت في صحيفتي «واشنطن بوست» و«نيوزويك» الاميركيتين، فإنه في شباط 2008 أي بعد شهر على دخول باراك أوباما البيت الأبيض، وافق الأخير على أن يكون هناك تواصل بين الاستخبارات الاميركية CIA وجهاز «الموساد» الاسرائيلي في عملية مشتركة لإغتيال المسؤول الكبير في «حزب الله» (الشهيد) عماد مغنية، حسب قوله، مشيرًا إلى أن بين هذين الجهازين إتفاقات تعاون لسنوات طويلة شملت عمليات مشتركة من تبادل المعلومات والتحقيقات، خاصة فيما يتعلق بـ «مكافحة الإرهاب»، وفق زعمه، وأن هذه العملية كانت عملية الإغتيال الأولى للـ CIA مع الموساد.
وكشف أنه في فترة أوباما إزدادت العمليات المشتركة للجهازين الاميركي والاسرائيلي، والتي كان هدفها إحباط وضرب البرنامج النووي الإيراني، وفي فترة أوباما تحسّنت أيضًا العلاقة بين جيش الاسرائيلي والجيش الأميركي عبر إقامة تدريبات مشتركة ومناورات بين سلاحي الجو والوحدات الخاصة ومنظومات «الدفاع» الجوي وغيرها، وان ولاية أوباما شهدت سلسلة من الأخطاء أبرزها الأسلوب الذي أدار فيه أزمة الحرب السورية، واصفا اياه بـ «المشين».
الشهيد عماد مغنية، استهدفه انفجار في منطقة كفرسوسة احدى ضواحي العاصمة السورية دمشق في الثاني عشر من شباط عام 2008، وهو تولى مسؤولية قيادة المقاومة الاسلامية ضد الاحتلال الاسرائيلي، وارتبط اسمه بالانجازات العسكرية الهامة التي سجلت منذ انطلاقة المقاومة في العام 1982 وحتى تاريخ استشهاده، واهمها تحرير الجنوب في ايام العام 2000، وهزيمة الاحتلال خلال عدوان تموز العام 2006، التي اندلعت على اثر العملية البطولية التي نفذها «حزب الله» في منطقة «خلة وردة» ـ عيتا الشعب، وادت الى اسر جنديين تمت مبادلتهما وهما ميتين بالمئات من الاسرى الاحياء والشهداء من سجون الاحتلال، في صفقة تبادل حملت اسم «عملية الرضوان» الاسم الحركي للشهيد مغنية الذي صار يُطلق عليه صفة «صانع الانتصارين»، فيما هو صانع انتصار «حزب الله».
قبل استشهاده، شكل الشهيد عماد مغنية ..الاسم الذي ارعب دوائر الاستخبارات العالمية التي تواطأت لمصلحة الاجهزة الامنية الصهيونية، لكشف كامل شخصيته والنيل منه، ولم تصل الى نتيجة، سوى انه من مواليد العام 1962 و«نقطة ع السطر»، وبقي عماد الاسم الاكثر استهدافا ومتابعة لدى دوائر العدو الاسرائيلي.
رفيق السيد حسن نصرالله… عماد مغنية الرفيق الاقرب الى امين عام «حزب الله» السيد حسن نصرالله، بقي على مدى مسيرته الطويلة في مواجهة الاحتلال ودوائره، يشكل سرا من الاسرار غير المباحة في صفوف «حزب الله» وجمهوره، في ظل الفبركات والحملات الاعلامية المنظمة التي سيقت لتشويه شخصية المقاوم والخلاق في ابتداع اساليب جديدة للمقاومين، لم يكن يألفها العدو من قبل، منذ افتتاح عصر الاستشهاديين بعملية الشهيد احمد قصير ضد مقر الحاكم العسكرية للاحتلال في منطقة جل البحر في صور، مرورا بمئات العمليات العسكرية المركبة التي جعلت الاحتلال يشعر وكأنه في واد من الدموع، وصولا الى دور مغنية في ادخال «حزب الله» في عالم صناعة «توازن الرعب» مع الاحتلال، وفرض المعادلات العسكرية عليه.
باستشهاد عماد مغنية قبل تسع سنوات، خسر «حزب الله» احد اهم اعمدة المقاومة… بعد ان كان «العقل المدبر» لتطوير قدرات المقاومة لتصل اليوم الى هذا المستوى الذي يرعب الاسرائيليين الذين عاشوا غداة اغتياله، نشوة «الانتصار»، لكنهم سرعان ما استفاقوا على مخاطر ما تركه من ارث متراكم جعل المقاومة قادرة على السيطرة على الجليل الفلسطيني المحتل… «اذا طُلب منها ذلك»، قالها السيد نصرالله… «عدوان تموز سيكون نزهة» قياسا لما ينتظرهم من قدرات قتالية متمرسة وترسانة صاروخية قادرة على ان تغطي سماء فلسطين المحتلة… بطولها وعرضها، والاسرائيليون الذين ارعبهم الدور الذي كان يلعبه مغنية في اطار مقاومتهم في جنوب لبنان، وربما في ساحات اخرى من العالم، عبروا قبل ايام عن القلق الذي يساورهم، من ان تقوم الوحدة العسكرية التي تحمل الاسم الحركي للشهيد مغنية» وحدة الرضوان، بالسيطرة على مستوطنات اسرائيلية محاذية لجنوب لبنان.
(الديار)