الجنرالات والضباط الذين توحدوا للدفاع عن رئيس الاركان آيزنكوت : تسفي برئيل
لقد نشر 55 قائدا في الاحتياط يوم الخميس الماضي رسالة يطلبون فيها “تقوية جيش الدفاع الاسرائيلي، بضباطه ورئيس اركانه، والذين يشكلون سور الدفاع عن دولة اسرائيل والمجتمع الاسرائيلي”. وبعدهم التقى خمسة رؤساء سابقين للاركان في مقر صحيفة “يديعوت احرونوت” من اجل اجراء حوار بين الاصدقاء وأخذ صورة جماعية والتعبير عن التأييد الكامل لغادي آيزنكوت. فما الذي حركهم فجأة؟.
يبدو أن الاصدقاء في النادي قد خافوا من عصابة الفاميليا التي هتفت في زمن التضامن مع بطل اسرائيل اليئور ازاريا “غادي، غادي إحذر، رابين يبحث عنك”. ومبادرة حسن النوايا لأخوة رئاسة الاركان تبخرت، حيث حلت محلها أحداث أكثر أهمية، لكن هذا الامر يجب أن يثير الفزع، ليس فقط بسبب تهديد حياة آيزنكوت. فقد شارك في حياته في أحداث أكثر خطورة.
إن مبادرة قادة الاحتياط السابقين تدعي بأنها ترسم الحدود بين من يعتقدون أنفسهم المسؤولين عن قيم الدولة وبين من هم دون ذلك. وبين من يحظى بلقب “الجيش الاكثر اخلاقية في العالم” وبين الجمهور الذي ليس كذلك. وبين النخبة التي تضع الميداليات التي تعطيها الحق في قول ما هو الاخلاقي وما هو غير اخلاقي وبين كومة القمامة الاخلاقية التي تجلس في مبنى الحكومة، والمسؤولة عن الجيش.
هنا بالضبط تكمن المفارقة المخيفة. لأن من يمنح الجيش الالقاب الاخلاقية السامية، التي يرددها قادة كتائب الاحتياط، هي الحكومة بالذات، التي تخضع لشخص فاسد ومخادع. والمفارقة الثانية هي أن الجيش، أي رئيس الاركان، يحاول التخلص من هذا العناق الاخلاقي. وهو يعرف أن الحصول على وسام فارس الاخلاق من رئيس الحكومة هذا، هو عمليا غير اخلاقي. لذلك فهو يكلف نفسه طوال الوقت عناء الحديث عن “قيم الجيش الاسرائيلي” و”روح الجيش الاسرائيلي” و”تقاليد الجيش الاسرائيلي”، وليس عن قيم دولة اسرائيل. آيزنكوت يضع سور واق بين اخلاق نتنياهو الفاسدة وبين أخلاقه هو، ويشدد على عدم اختلاطها معا.
عندها ظهر هذا التجند من قبل القادة رفيعي المستوى للدفاع عنه، الامر الذي يضع حدود خطيرة داخل الجيش نفسه. خط يفصل بين الجيش وبين “جيش اليئور ازاريا”. وبين الجيل الثاني من المحتلين – كان آيزنكوت حينها عمره 7 سنين في حرب الايام الستة وكان بني غانتس عمره 8 سنوات – وبين جيل “واي” للمحتلين. هذا هو الجيل الرابع الذي لا يعرف أين توجد حدود دولة اسرائيل، وهو على يقين بأنه يقوم بالدفاع عن الدولة من خلال دفاعه عن سارقي الاراضي في المناطق.
عشرات آلاف الشباب الذين يشبهون أزاريا لا يعرفون لماذا تركهم قادتهم، وقاموا بمحاكمة من قتل مخرب وهو على قيد الحياة، ويتساءلون لماذا يجب تقديم الحساب أمام قضاة المحكمة العسكرية الذين “لم يسبق لهم أن شاركوا في معركة” ولم يشاهدوا الخليل عن قرب. هل هؤلاء القادة رفيعي المستوى الذين يقومون ببناء جدار بشري حول رئيس الاركان، ليسوا هم الذين اصدروا الأوامر التي يرفرف فوقها علم رمادي؟ ألم يتجاهلوا عندما قتل مئات الفلسطينيين نتيجة “اطلاق النار في الهواء” ونتيجة الرصاص المطاطي، أو عندما أخرج الاولاد المقصات أو السكاكين فتم اطلاق النار عليهم وقتلوا؟ الآن يزعم هؤلاء الضباط بأنهم يدافعون ليس فقط عن أمن اسرائيل، بل ايضا عن المجتمع الاسرائيلي، كما جاء في رسالة قادة كتائب الاحتياط.
إن من يعتبر نفسه مدافعا عن المجتمع الاسرائيلي، ويحمل وسام الجيش الاكثر اخلاقية في العالم، لا يحق له عمل ذلك داخل قفص محصن لأخوة الجنرالات وكأنهم أنواع نادرة وأسمى من اولئك الذين يعيشون في الغابة. إن الجنرالات الذين يتحدثون باسم الاخلاق ويقلقون على مصير المجتمع، لا يمكنهم الخروج للدفاع عن “واحد منهم” وغض النظر عن العملية المتواصلة المسماة حكومة اسرائيل.
هآرتس