مقالات مختارة

تحقيق رئيس الوزراء اذا لم يكن شيء: ناحوم برنياع

 

روى محلل القناة 2، أمنون ابرموفيتش، في احدى مناسبات بثه يقول ان نتنياهو وعد الا يتصرف المحققون معه مثلما تصرفوا مع اولمرت. اذا كانت هذه هي نية المحققين، فينبغي مباركتها. فقد كان دور النيابة العامة في التحقيق متأثرا بنوازع شخصية، بنزعة قوة زائدة وبتحديد للاهداف. سيكون مؤسفا جدا اذا كانوا سيكررون هذا الانجراف في التحقيق مع نتنياهو ايضا.

رد مكتب رئيس الوزراء على الانباء التي نشرت ببيان قاطع في معناه: “كل القضايا تبينت عابثة، وهكذا سيكون الحال بالنسبة للادعاءات التي تنشر في وسائل الاعلام الان. لن يكون شيء، لانه لا يوجد شيء”. اذا كان رئيس الوزراء يقول فهو بالتأكيد يعرف. وعليه فقد افترضت بان على الفور بعد أن رفع رئيس قسم التحقيق في الشرطة ميني يتسحاقي الهاتف لمكتب نتنياهو، بدأت سلسلة الاحداث التالية: دعي المحققون للمجلس الى المنزل الرسمي في غضون يوم – يومين. وقد سألوا اسألتهم بالترتيب. رئيس الوزراء أجابهم بكياسة وبلطف. أجوبته لم تترك مجالا للشك: كان هنا سوء فهم. احد ما تشوش بالاسماء. بيبي يوجد الكثير منه، أو بأرقام الحسابات، او بالترجمة من الانجليزية.

نحن نأسف على سوء الفهم، قال المحققون واحمرت وجوههم. لا تأبهوا وتأخذوا الى قلوبكم، قال لهم بنبرة أبوية رئيس الوزراء. أنا أيضا، حتى أنا، أخطيء احيانا. تصوروا. منذ وقت غير بعيد قلت انه طردوني من هذا البيت دون أن يمنحوني الوقت لحزم أمتعتي، وهذا على الاطلاق لم يكن صحيحا. رئيس الوزراء ضحك من النكتة بصوت عال، ورد المحققون له بابتسامة مجاملة. فأنهوا الشاي والكعك الذي قدم لهم بالود المعروف من زوجة رئيس الوزراء، وذهبوا في طريقهم.

هكذا افترضت، ولكني أخطأت خطأ كبيرا. فاللواء يتسحاقي طلب عقد اللقاء قبل اسبوعين، ولكن رد المكتب تأخر في المجيء. وفقط بعد أن تسربت القصة في وسائل الاعلام – وجد الوقت.

ولما كنت أصدق بيان رئيس الوزراء، فقد فوجئت إذ سمعت بأنه استأجر بمناسبة التحقيق خدمات ثلاثة محامين. إذا كان لن يكون شيء لانه لا يوجد شيء، فلماذا تكبد بطارية من المحامين العناء. فلا يحتمل أن رئيس الوزراء، الذي يجيد التفسير للملايين في البلاد وفي العالم بانه لن يكون شيء لانه لا يوجد شيء، سيجد صعوبة في أن يشرح هذا الموضوع البسيط لمحققيه.

لا أعرف في أي شيء يعنى ملف التحقيق مع نتنياهو، وما هو المعنى الجنائي لاصطلاح “خيرات متاع″. كم متعة توجد فيها وكم من الخيرات. لقد اجادت الشرطة في الامتناع هذه المرة عن التسريب، وخير أن هكذا. ولكني اقدر بان المستشار القانوني للحكومة، الذي خدم كسكرتير للحكومة تحت نتنياهو وعين للمنصب بموافقته، ومفتش عام الشرطة، الذي اختير شخصيا من قبل نتنياهو، لم ينتقلا من الفحص الى التحقيق، الا بعد أن توصلا الى الاستنتاج بان الملف يستوجب استدعاء ذوو الصلة للتحقيق تحت طائلة التحذير. ليس خصوم نتنياهو السياسيون ولا الصحافيون هم الذين غذوا هذا الملف. وليس هم من حسموا في تحويله الى تحقيقات تحت طائلة التحذير.

لقد تعلم نتنياهو درس التحقيقات في ولايته الاولى (والتي بالمناسبة لم تنتهي “عبثا” بل بالتوصية الى التقديم الى المحاكمة من النائبة العامة للدولة وتقرير قاس من المستشار القانوني للحكومة). وقد تصرف على مدى السنين بحذر. الهدايا التي تلقاها جاءت ظاهرا بغلاف قانوني، او كانت صغيرة نسبيا – غرض يستخدمه هو وحده فقط، وكل خيرات المتاع التي نالت اللقب المكثف “بيبي تورز″. وعليه فثمة نوع من المفاجأة في الشبهات التي تنشأ على التحقيق الحالي.

أتمنى لنتنياهو أن يخرج نقيا كالثلج من التحقيق. واذا سمح لي أن اعرب عن أمنية صغيرة، أن يدير جانبه في التحقيق كرجل، دون الادعاء بالضحية، دون الرحمة الذاتية، دون عويل. فقد شهدت اسرائيل حتى اليوم 12 رئيس وزراء، كان بينهم يساريون ويمينيون، يساريون أصبحوا يمينيين ويمينيون اصبحوا يساريين. كلهم اجتازوا تجارب شخصية قاسية. فقدان أناس أقرباء، أمراض، هزائم، بل وتحقيقات. غالبيتهم الحاسمة اجتازوا هذه التجارب رأس مرفوع، دون عويول. فلماذا لا يجرب نتنياهو هذه المرة هذا الطريق؟ هذا سيكون لشرفه، ولشرفنا.

يديعوت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى