التوحش والصمت المقصود
غالب قنديل
هتكت الوقائع والتفاعلات السورية خلال السنوات الأخيرة كثيرا من الحجب وازاحت الكثير من الأقنعة وما بقي منها مخفيا اكثر مما فضحته التطورات بوقائع صادمة وفجة برز منها المزيد في الأيام والأسابيع الأخيرة حول تصنيع المشاهد والأحداث بغرض التشهير بالدولة السورية وقواتها المسلحة عندما اعلنت السلطات المصرية عن اكتشاف مجموعة كانت تعمل لمحاكاة مذبحة تمثيلية يجري تصويرها لغرض الدعاية ضد سورية.
طبعا مر الخبر وبالكاد لقي القليل من الاهتمام وأهمل في معظم وسائل الإعلام التي كانت تضخ آلاف الأخبار العاجلة الكاذبة عن عمليات قتل وإعدام ميدانية في احياء حلب التي حررها الجيش السوري حيث لاقاه الناس بالاحتفال بعدما خلصهم من نير العصابات والزمر متعددة الجنسيات التي شرعت تتكشف صور كثيرة من جرائمها وتسلطها بعدما ظفرت حلب بحريتها .
طبعا لم يتقص الناقلون صحة الاخبار ولا مصدرها طالما وردتهم من المشغلين الدوليين وبتزكية الممولين المعلومين وهي كناية عن اكاذيب ملفقة ومخترعة لستر هزيمة مشروع أميركي اطلسي تركي سعودي قطري استثمرت فيه المليارات وآلة جبارة متخصصة في الخداع الإعلامي وباتت مكونا رئيسيا في دورة تداول عالمية للمعلومات المزورة وصولا إلى الأمم المتحدة نفسها وبأمر السيد الأميركي طبعا .
في هذا السياق كان التعامل الإعلامي مع قضية تجنيد والد ووالدة حسب الرواية المصورة لطفلة في عملية انتحارية وتداول شريط تلفزيوني قدم شاهدا جديدا على تورط معظم وسائل الإعلام في ممارسات منافية للمهنية والموضوعية ومخالفة لجميع القيم والمعايير المزعومة في العالم حول حقوق الإنسان واستعمال الأطفال في الحروب.
مرت الظاهرة وكانها امر عادي في بعض الوسائل الإعلامية ووجدت احيانا من يلتمس لها الأعذار والتبريرات بينما هي واقعيا دليل دامغ على وحشية القوى التي روجت لها تلك الوسائل الإعلامية المتورطة في صورة ثوار ومناضلين من اجل الديمقراطية وحقوق الإنسان.
خلف قناع الدعاية الكاذبة والفاجرة عن ثورة مزعومة تبدت في ذروة التوحش جميع أفعال قوى التكفير الإرهابية في سورية وقد فضحت الأحداث والمعادلات كذبة الوزير جون كيري عن المعتدلين بعظمة لسانه عندما اعترف بصعوبة فكهم عن القاعدة وها هي حلب المحررة تتكفل على لسان اهلها بالكثير من الوقائع والروايات التي تنتظر من يتحرك مهنيا لجمعها وإعادة تنظيمها ليقدم رواية مهنية وموضوعية عن ثورة مزعومة قامت على الدم والدماروالتوحش والحرائق وضمت خليطا متعدد الجنسيات من القتلة والإرهابيين والأوباش الذين عاثوا فسادا في المدينة واعتدوا على اهلها واملاكهم وكراماتهم وعملوا بإمرة مجمع استخباراتي كوني حضر مندوبوه في غرف عملياتهم القيادية التي نسقت لحسابها إرساليات السلاح والمال من تركيا.
لا موضوعية ولا مهنية بل دعاية وتسويق وضجيج تحركه الأوامر والتعليمات وبطرق متشابهة تتحرك العملية الإعلامية في الغرب والخليج لتحشد المنصات الإعلامية خلف حلف العدوان وبإمرته في أقذر حملة توحش معاصرة.
جريمة تجنيد الأطفال في عمليات انتحارية كما تفعل داعش والقاعدة ومثيلاتها واختطاف اطفال بقصد استعمالهم كعبوات ناسفة كما تفعل بوكو حرام مؤخرا هي ظاهرة تستوجب عملا إعلاميا واسع النطاق يفضح وحش التكفير ويهتك الحجب والأقنعة عن وحوش العصر ويرد الاعتبار للقيم الإنسانية واولا وأساسا ينبغي فضح الدجالين في الغرب والمنطقة الذي سموا الوحوش ثوارا وما يزالوا يمعنون في كذبتهم التي هي من عدة الحرب والعدوان وخطط التدمير الاستعماري لسورية .
بعض الوسائل الإعلامية اللبنانية الكبرى التي صمتت على الجريمة كانت لسنوات تطبل وتزمر بفبركات مزعومة لتحرض ضد الدولة السورية وقد ضجت كثيرا بأهازيج الثورة وبياناتها طيلة خمس سنوات وبضعة أشهر وروجت لكل اختراعات قيادات الإرهاب ومراصدها ولم تجد ما يستحق الاهتمام في شريط تفجير الطفلة فاطمة بدمشق وكأنها فجأة أعطت إجازة لمشاعرها الإنسانية الجياشة وبالأوامر ذاتها كما فعلت بالصمت على حصار دير الزور وكفريا والفوعة ونبل والزهراء واستطال لسانها بأكاذيب كثيرة في اماكن اخرى ومؤخرا في حلب.