وكالة الاستخبارات والمؤامرة على ترامب : جوستين رايموندو
وكالة الاستخبارات المركزية متروكة لحيلها القديمة: إسقاط الحكومة المنتخبة ديمقراطيا. فقط هذه المرة انها حكومتنا سربت وكالة الاستخبارات الاميركية لصحيفة واشنطن بوست – عن طريق طرف ثالث مجهول – التقييم المزعوم للحملة الروسية لتسليم دونالد ترامب البيت الأبيض :
“تقييم سري لوكالة الاستخبارات المركزية توصل الى ان اشخاصا مرتبطين بموسكو قدموا الى موقع “ويكيليكس” رسائل الكترونية تمت قرصنتها من حسابات عدة يعود احدها الى جون بوديستا المدير السابق لحملة المرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون، وآخر الى الحزب الديمقراطي”.
وقد ذكرت وكالات الاستخبارات الأفراد الذين تواصلوا مع الحكومة الروسية والذين قدموا لويكيليكس الآلاف من رسائل البريد الإلكتروني التي تم الاستيلاء عليها من اللجنة الوطنية الديمقراطية وغيرها، بما في ذلك تلك التي تتعلق بحملة هيلاري كلينتون، وذلك وفقا لمسؤولين أمريكيين. وذكر هؤلاء المسؤولين أن المتورطين في تلك الصفقة معروفون لدى أجهزة الاستخبارات وعمليتهم تهدف الى تعزيز ترامب والاضرار بفرص كلينتون.
وبحسب ما قال مسؤول أميركي كبير: “تقييم أجهزة الاستخبارات يؤكد ان تدخل روسيا في الانتخابات هدفه تعزيز موقف دونالد ترامب والاسهام في ايصاله الى البيت الابيض..”
كان رد فعل الفريق الانتقالي لترامب سريعا وقاطعا : “هؤلاء هم نفس الاشخاص الذين قالوا ان صدام حسين لديه أسلحة دمار شامل، انتهت الانتخابات منذ فترة طويلة في واحدة من أكبر الانتصارات الانتخابية في التاريخ. والان حان الوقت للمضي قدما و “جعل أميركا قوة عظمى مرة أخرى.”
هذه إشارة إلى “فشل الاستخبارات” التي أدت بنا إلى اكثر الحروب كارثية في التاريخ هذه ليست مجرد خطابة: لو تذكرون، فقد كان هناك الكثير من المعارضة داخل مجتمع الاستخبارات حول ما خلصت إليه إدارة بوش بأن العراق لديه أسلحة دمار شامل، وكان هناك استعداد كامل لنشر تلك الحقيقة، ولكن ديك تشيني وسكوتر ليبي قاموا بعدة رحلات إلى لانغلي لترهيب المحللين وإعطاء الإدارة المبررات الازمة لعملية الغزو.
من المهم أن نلاحظ أن هذا التسريب نشر تماما مع اعلان الرئيس أوباما أنه طلب إجراء مراجعة شاملة للاستخبارات: وكانت قصة واشنطن بوست محاولة للخروج من المأزق، ووضع استنتاجات لوكالة الاستخبارات المركزية في السجل قبل ان يكون الاستعراض علنيا ولمح الى ذلك بشكل غير مباشر في قصة بوست:
“عرض وكالة الاستخبارات المركزية لأعضاء مجلس الشيوخ حول نوايا روسيا لم يرق لتقييم الولايات المتحدة الرسمي الذي تنتجه جميع وكالات الاستخبارات الـ 17. وقال مسؤول أمريكي بارز إن هناك خلافات طفيفة بين مسؤولي الاستخبارات حول تقييم الوكالة، وذلك جزئيا بسبب بعض الأسئلة التي تظل بلا إجابة”.
ولكن عند الدخول في التفاصيل هذه “خلافات بسيطة” ولكن صحافيي واشنطن بوست ذكروا:
ان مسؤولا عسكريا أميركيا رفيعا قال ان “وكالات الاستخبارات لا تملك معلومات استخباراتية محددة حول تورط مسؤولين في الكرملين في تجنيد اشخاص لتمرير رسائل البريد الديمقراطي إلى ويكيليكس.
ماذا تعني “خطوة إزالتها” من جهاز الاستخبارات الروسي؟ حسنا، فإن ذلك يعني ما تريد وكالة الاستخبارات المركزية ان تعنيه: فمن الواضح أنه حكم شخصي، أقرب إلى “المعايير” التي يعتمدها “بروبورنوت” -موقع على شبكة الإنترنت يحدد “العملاء الروس”-: إذا كنت تحمل وجهات نظر معينة، يجب أن تكون “دمية بوتين “. تشابه آخر لاحتيال “بروبورنوت” هو أن” المسؤولين “استشهدوا في التقرير بمجهولين: نحن لا نعرف دوافعهم، ومواقعهم، أو كل ما هو ضروري غير ذلك من معلومات لتقييم مصداقيتهم.
المفقود في قصة واشنطن بوست هو الدليل: فهي مجرد سلسلة من التأكيدات، عرضت دون دليل من أي نوع. تصرفات الديمقراطيين، ودعاة الحرب من الحزب الجمهوري، ووسائل الإعلام كان يمكن التنبؤ بها.
“بوب باير” العميل السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA يدعو إلى “إجراء انتخابات جديدة،” جون دين، مستشار البيت الأبيض في عهد الرئيس السابق ريتشارد نيكسون”، دعا ليكون التقرير الاستخباراتي حول دور روسيا بيد الـ538 عضو في المجمع الانتخابي قبل 19 ديسمبر أي عندما يصوتون رسميا لانتخاب الرئيس المقبل”. زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ هاري ريد دعا مكتب التحقيقات الفدرالي إلى التستر على المعلومات الاستخبارية، ودعا المدير كومي للاستقالة.
أما كريغ موراي، السفير البريطاني السابق في أوزبكستان، وهو أحد المقربين من أسانج، قال: “المعلومات المسربة ليست عمل روسي سري، كما تدعي وكالة الاستخبارات المركزية، إنما تسريبات “ويكيليكس” تعود لأشخاص مشمئزين من فساد محيط كلينتون، وقرروا أنه يجب أن تكون بعض الحقائق معروفة للجمهور”.
“فإذا كانت تصريحات وكالة الاستخبارات المركزية صحيحة، فلماذا لم تظهر اي معتقل، فأميركا لم تتوان يوما عن إلقاء القبض على المخبرين وهي لم تخجل من تسليم المتسللين، ولكن بصراحة هي لا تملك أي دليل” وبالطبع كان علينا الذهاب إلى وسائل الإعلام البريطانية من أجل قراءة هذا.
دعونا نكون واضحين حول ما نعرفه – وبنفس القدر من الأهمية حول ما لا نعرفه – حول إصدارات البريد الإلكتروني ويكيليكس:
1- ليس هناك اي دليل على أن الروس، أو أي شخص آخر، “اخترق” رسائل البريد الإلكتروني DNC / بوديستا. وهذا يعني، أننا لا نعرف إذا استخدم أي شخص الوسائل الإلكترونية للحصول عليها، وإذا كان من الداخل، او أي متسلل استطاع الوصول اليها ومن ثم تسليمها إلى ويكيليكس.
2- ومن المستحيل تقريبا تتبع مصدر الاختراق باستخدام “علمي”، أو تقني بحت ما يعني، وعلاوة على ذلك، فإن المنهجية التي المستخدمة التي تحمي هذه الشركات يفترض ان تكشف “القراصنة الروس”.
3- ينفي جوليان أسانج أن يكون الروس هم مصدر رسائل البريد الإلكتروني، ويرفض تحديد هوية الشخص أو الأشخاص المسؤولين عن التسريب. شخص كان قد عمل بشكل وثيق مع كريغ موراي، قال لنا أنه الآن لم يتم الاختراق، بل إن شخصا من الداخل هو من سرب الوثائق. وهذا ما تم تجاهله بثبات في وسائل الإعلام الأمريكية.
برز عنصر أساسي في حملة وكالة الاستخبارات المركزية هو أن اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري تم اختراقها أيضا من قبل نفس الأشباح الروس، ولم ينشر أي شيء في ويكيليكس، وهذا يوضح نظريات المؤامرة: إن كان الروس هم من اخترقوا رسائل البريد الإلكتروني بوديستا، فموقع ويكيليكس هو مجرد امتداد للكرملين. لاحظ أيضا أن اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري تنفي وقوع الاختراق، وعلاوة على ذلك يرجى ملاحظة أن رسائل البريد الإلكتروني لكولن باول نشرت بالفعل جنبا إلى جنب مع رسائل البريد الإلكتروني الروتينية من مختلف عناصر الحزب الجمهوري الذي ليس لديه أهمية خاصة.
ما الذي يجري هنا؟
ما جرى هو خلق سيناريوهات لمنع ترامب قطب العقارات الشعبي من الوصول الى الحكم وممارسة مهامه، إنه سيناريو فيلم مصمم خصيصا للتلفزيون وليس حقيقيا على الاطلاق: ولكن بعد كل شيء، ما الذي يمكن أن يفعلونه، بصرف النظر عن استخدامهم للقوة لمنعه من تأدية اليمين الدستوري؟.
ومع تقدم الحملة أصبح انصار كلينتون تدريجيا معتوهين في هجماتهم على ترامب، أصبحت الزاوية الروسية أكثر وضوحا: فقد قال المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية مايك موريل أن ترامب هو “وكيل” الكرملين، و “ليس وطنيا” على الاطلاق، ولكن في وقت لاحق بدا ذلك وكأنه الأساس للحملة الدعائية الحالية المدفوعة من وكالة الاستخبارات المركزية.
ولكن لماذا وكالة الاستخبارات المركزية، على وجه الخصوص، لديها نفور من ترامب؟ مارسي ويلر، الذي أحترم على الرغم من خلافاتنا السياسية، قال:
أولا، إذا وصل ترامب الى منصبه متبعا المسار الحالي، سوف تسمح الولايات المتحدة لروسيا بمساعدة الرئيس بشار الأسد على البقاء في السلطة، وإحباط الجهود التي استمرت لمدة 4 سنوات من جانب السعوديين لإزاحته عن السلطة، فإنه سيتم أيضا إعادة هيكلة التسلسل الهرمي لحقوق الإنسان الذي استغله حلفاء الولايات المتحدة.
روسيا. سوف تجند مجموعة من الناس الذين لديهم علاقات مع صناع النفط في الولايات المتحدة في مجلس الوزراء، وهذا يعني أن الولايات المتحدة ستدعم بشكل فعال إنتاج النفط في هذا البلد.
“وكالة الاستخبارات المركزية غير المؤسسية لديها علاقات وثيقة جدا مع السعوديين في الوقت الحالي، وهي مسؤولة عن الحرب السرية ضد الأسد.”
اعطت السعودية الملايين لمؤسسة كلينتون، جنبا إلى جنب مع حلفائها الخليجيين الذين كانوا يعتمدون على فوز كلينتون، وكالة الاستخبارات المركزية لديها علاقة طويلة الأمد مع الرياض، ومعا تعمل بدأب لعدم الإطاحة فقط بالأسد في سوريا ولكن للتوصل إلى تحالف سني “معتدل” من شأنه أن يعمل بشكل فعال أثناء تأسيس السعوديين لقوتهم المهيمنة في المنطقة. وكانت هذه الاستراتيجية الكلينتونية على رأس ما يحصل في : ليبيا وسوريا والتحالف مع جماعة الإخوان المسلمين في مصر.
ترامب يمثل تهديدا واضحا لهذا المخطط، وبالتالي لابد من توقيفه بأي وسيلة ضرورية. رغبته في “البقاء جنبا إلى جنب مع روسيا،” ومعارضته لتغيير النظام في سوريا، ونقده للمغامرة الليبية، وموقفه من السياسة الخارجية بشكل عام يعني أنه سيأتي إلى السلطة “لتجفيف المستنقع” الذي اوقعتنا به وكالة الاستخبارات المركزية ووزارة الخارجية.
والمفارقة هنا هي أن التهمة التي تواجه ترامب – أن فوزه التاريخي يمثل محاولة ناجحة من قبل قوة أجنبية للسيطرة على البيت الأبيض – ما نشهده هو عملية مشتركة بين وكالة الاستخبارات المركزية والمملكة العربية السعودية لإسقاط الرئيس المنتخب حسب الأصول في الولايات المتحدة.
في خطابه الأخير خلال “جولة النصر” قال ترامب ما يلي:
“اننا سوف ننتهج سياسة خارجية جديدة ونتعلم أخيرا من أخطاء الماضي. وسوف نتوقف عن النظر إلى إسقاط الأنظمة وإسقاط الحكومات، هدفنا هو الاستقرار لا الفوضى “.
منذ بدء وجودها، تحاول وكالة الاستخبارات المركزية إسقاط الأنظمة التي لم ترضخ لإملاءات واشنطن، من غواتيمالا الى ايران لشيلي وهلم جرا. إنتاج الفوضى هي ورقة رابحة وضعت على نحو فعال للخروج من الأعمال.
سمعنا الكثير عن كيفية اخراج “تقييمات” وكالة الاستخبارات المركزية الى الملأ، على الأقل جزئيا: فبطبيعة الحال، لن يتم نشر التفاصيل بعذر “حماية المصادر والاساليب”. ولنكن واضحين الملفات سربت ولم تقرصن، لان هناك هدفا من خلال تصوير ترامب على انه “دمية روسية”، وتحسين وضع كلينتون ولكن هذه تعتبر حملة تشويه وتقويض لمؤسساتنا الديمقراطية.
نعم، نحن بحاجة للتحقيق – في هذه المحاولة الوقحة من قبل وكالة الاستخبارات المركزية لتخريب مؤسساتنا الديمقراطية، وتقويض مكتب الرئيس. عندما يقسم ترامب اليمين الدستورية، أول شيء يجب عليه أن يفعله هو تنظيف وكالة الاستخبارات المركزية. ويجب أن يستأصل سرطان التخريب المتقيح في صلب البيروقراطية الأمنية القومية، وترامب هو رجل يستطيع القيام بذلك.
غلوبال ريسيرتش
ترجمة: وكالة اخبار الشرق الجديد- ناديا حمدان
http://www.globalresearch.ca/the-deep-state-versus-donald-trump-stop-the-cia-coup/5562061