بقلم غالب قنديل

فلنحتفل بنصر حلب

غالب قنديل

نعم إن النصر في حلب ليس نهاية المطاف … والحرب ما زالت مستمرة … وصحيح ان الحلف الاستعماري وعملاءه يواصلون السير في مخططهم للنيل من سورية بمحاولة لعرقلة نهوضها ولمنع تعاظم قوة محور المقاومة والاستقلال في المنطقة لكن حلب ستكون انعطافة كبرى وسوف تسرع مسار الانتصار الحاسم والآن وفي هذه اللحظة بالذات فلنكرس بعض الوقت للكثير من الفرح والاحتفال ولنحيي مجد الشهداء والجرحى وتضحيات أبطالنا المقاومين الذين صدوا الغزوة الاستعمارية ودحروها.

من حق الشعب العربي السوري وقواته المسلحة البطلة والمضحية وعائلات جنودها وشهدائها وجرحاها تكريس وقت للاحتفال بإنجاز كبير وعظيم وصفه الرئيس بشار الأسد بكلمتي ” صناعة التاريخ ” فبقدر ما كانت الغزوة الاستعمارية ضخمة وقوية غايتها تغيير تاريخي لصالح الاستعمار والصهيونية وبقدر ما حشد فيها من إمكانات وقدرات عملاقة في كل المجالات المالية والعسكرية والمخابراتية والإعلامية يصبح النصر تاريخيا وعظيما بعد مسيرة حافلة بالتضحيات وهو يصبح تاريخا فاصلا لأننا بالذات في حلب الحصن الشمالي لبلاد الشام وللشرق العربي .

وبالذات لانها حلب من حق حزب الله وجميع مقاتليه البواسل وعائلات شهدائه وجرحاه بدون أي استثناء التوقف للاحتفال بثمرة الصمود العظيم والتضحيات الجليلة دفاعا عن لبنان وعن سورية في وجه التوحش التكفيري والهيمنة الاستعمارية الصهيونية .

من حق جميع الوطنيين والأحرار في الوطن العربي ان يهبوا تحية لانتصار القلعة القومية التي انحازوا إليها وإلى قائدها الشجاع البطل الذي قدم امثولة في التصميم والوعي والمقاومة فبات اليوم بعد تحرير حلب زعامة كبرى يعترف لها كل العالم بدور حاسم ومحوري في رسم المعادلات والتوازنات الكبرى .

من حقنا جميعا ان نحيي اليوم ثمرة تضحيات الحلفاء جميعا من روسيا وإيران والعراق وهي تضحيات عزيزة وغالية معمدة بدماء الشهداء الأبطال من الجنود والضباط والقادة الذين بذلوا أرواحهم في منطقة حلب بالذات لصد الغزوة الاستعمارية التي أراد مخططوها كسر معادلات القوة وفرض الإذعان للهيمنة الأميركية الأحادية التي سقطت وتصدعت بفضل صمود سورية وحلفائها الأوفياء.

حلب العاصمة السورية الثانية والمدينة التي يحبها جميع السوريين وسائر محبي سورية في الوطن العربي والعالم وهي الصرح الحضاري الكبير الذي صد الغزوات الاستعمارية في القرون الماضية فكانت عندها تتقرر مصائر الحروب الكبرى ومعادلاتها .

حلب هي عاصمة الزراعة والصناعة والتجارة في سورية وعموم الشرق العربي منذ قديم الزمان ومنها تنطلق الوصفات والابتكارات في جميع الحرف والصناعات ولذلك شكلت مطمعا اولا لجميع الغزاة والمستعمرين لدورها المحبوك بقدر الجغرافيا وبأهمية الموقع والدور على خريطة الحياة السورية التاريخية.

حلب هي العاصمة الثقافية والفنية السورية التي عرفت بأعلام الموسيقى والثقافة وبالمنتديات الأدبية والفلسفية وهي خزان التفاعل الحي والحار في معجن المواطنة السورية وفي مخاض العروبة المناضلة ففيها اختلاط عجيب وخلاق بين سائر المكونات السورية من مسلمين ومسيحيين وأرمن وأكراد وقد انعقدت بينهم إرادة العيش معا والنضال معا من اجل سورية فكانوا موحدين على الدوام في وجه الغزوات الاستعمارية وفي النهضة من اجل سورية وعزتها وكرامتها الوطنية ودورها القومي وكانوا على ذلك العهد مع القائد المقاوم بشار الأسد في مجابهة الغزوة الاستعمارية وعملائها وواجهاتها ومرتزقتها وسائر وحوش التكفير ولصوص أردوغان وطيلة السنوات الأربع الماضية أرادت حكومات العدوان جميعا ان تنتقم من حلب ومن موقفها المشرف الذي اتخذته وعبرت عنه بجميع قواها الحية الشعبية والاقتصادية والدينية فانتصرت حلب وانتصر خيارها الوطني الاستقلالي المدني والحضاري وهذا يستحق الاحتفال …المجد للأبطال والشهداء الذين وهبونا لحظات الفرح وسط غابة من الآلام والمآسي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى