مقالات مختارة

بكلمات بسيطة: حرب دينية في مصر: د. رؤوبين باركو

 

أمس هز انفجار كبير منطقة العباسية في القاهرة. هذا الانفجار الذي تم عن بُعد شمل 12 كغم من مادة الـ تي.ان.تي، التي وضعت في داخل الكنيسة القبطية بالقرب من بوابة دخول النساء، حيث أن اغلبية الضحايا هم من النساء والاولاد الذين جاءوا الى الكنيسة كالعادة في يوم الاحد.

الانفجار الذي كان جزءً من مسلسل ارهابي موجه من قبل الاخوان المسلمين ضد الاقباط في مصر، قتل نتيجته 35 شخصا وأصيب 50 شخصا. إن الحاق الضرر بالاقباط زاد في الآونة الاخيرة بسبب ادعاء الاخوان المسلمين بأن عبد الفتاح السيسي قد سيطر على الحكم وعزل محمد مرسي من خلال “الانقلاب العسكري”.

كما هو متوقع، تجري الآن مظاهرات كبيرة للاقباط الذين يطالبون بفرض عقوبة الاعدام على الاخوان المسلمين. المتحدث بلسان الاخوان المسلمين، د. طلعت فهمي، نفى أي صلة للحركة بهذه العملية واتهم نظام السيسي بأنه “يضر وبقصد بالنسيج القومي المصري الذي يشمل المسيحيين والمسلمين معا”. وقد قامت قناة “الجزيرة” بعرض المظاهرات الكبيرة وقالت إنها “موجهة ضد الرئيس وضد وزارة الداخلية المصرية”. هذه القناة تقوم بالتحريض بشكل دائم ضد السيسي على أمل حدوث الانقلاب الذي سيعيد مرسي الى الحكم. “الجزيرة” هي التي تحدثت عن تأييد السيسي للاسد ضد العرب، وعن مشاركة كتيبة هندسة مصرية في تفكيك العبوات لصالح نظام الاسد.

إن كل مصري يعرف أن هدف النظام الحالي في مصر هو ايجاد الاستقرار والقضاء على الارهاب الاسلامي وتقليص البطالة وزيادة الانتاج المصري وتحسين الشعور بالأمن ورفاهية السكان وليس الحاق الضرر بالاقباط. الاتهامات العبثية للمتحدث بلسان الاخوان المسلمين تأتي على خلفية عدد من العمليات الارهابية للاخوان المسلمين ضد الاقباط والمصالح الامنية والاقتصادية والاجتماعية لمصر، ومنها تفجير انابيب الغاز المصرية في سيناء، والمظاهرات العنيفة والتعرض لموظفي النظام، والعمليات الارهابية في المواقع السياحية وضد أهداف عسكرية في مصر وسيناء. وهذا من اجل اسقاط النظام من الداخل. منظمة حماس (الابن الوحش للاخوان المسلمين) سارعت الى التنديد بالعملية في اسطنبول.

اوقات صعبة تمر على الارهابيين السنة من الاخوان المسلمين بسبب الضربات المتزايدة في الشرق الاوسط، والاغتراب المتزايد لهم في اوروبا، وصمت الدول العربية والتغيير المتوقع في سياسة ترامب تجاههم قياسا مع اوباما. وهم لم يعودوا يأخذون المسيحيين في الحسبان، لذلك، كما هي الحال لدى داعش، فان الاضرار بالمسيحيين يخلق الفوضى في مصر ويهدد الغرب.

مساء السبت، عشية الانفجار في الكنيسة، نشر 160 مثقف مصري، لاول مرة في السياسة المصرية، ميثاق “الاحترام القومي المصري” لثورة كانون الثاني 2001 بعنوان “توقفوا عن لغة الكراهية، التحريض، المطالبة بالعنف، الاهانة والاتهام بالخيانة (في اوساط الشعب المصري)”.

الميثاق الذي يشمل مباديء الاخلاق والتعددية في الحوار السياسي المصري الداخلي، تم نشره يوم السبت الماضي على خلفية احداث آب 2013 (إقالة مرسي) بتوقيع اولئك المثقفين الذين هم شخصيات بارزة في مصر ونشطاء في احزاب اليسار، الليبراليين والاسلاميين. إن هذا دعوة طواريء غير مُسيسة للانقاذ بناء على الجدل الداخلي الخطير الذي يدور في المجتمع المصري.

الموقعون على الميثاق الذي كتبت فيه أسماء محمود حسين، أمين عام حركة الاخوان المسلمين، وهمام علي يوسف، عضو مجلس الشورى في الحركة، طالبا بتشكيل لجنة متابعة اخلاقية يتم انتخابها سنويا، وتتابع تطبيق مباديء التعددية في الساحة المصرية وفي وسائل الاعلام وتكون العنوان للوحدة وانهاء الخلافات في اوساط متضرري الجمهور.

توقيت العملية لم يكن صدفيا. فالتفجير الذي حدث في الكنيسة القبطية أوضح أن تأييد هؤلاء الاسلاميين لوثيقة “الاحترام القومي” قبل ذلك بيوم كان بلا أي احترام، وهدف الى التضليل والتجسس على الموقعين. في اطار سعيهم للعودة والسيطرة على مصر، تقوم حركة الاخوان بالتشويش على أي خطوة للتطبيع. تفجير الكنيسة القبطية هدف الى ضعضعة الاستقرار وضعضعة أمن مصر الداخلي ومكانة السيسي الدولية.

اسرائيل اليوم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى