لماذا تمّ تأجيل معارك الباب والرقة؟ حميدي العبدالله
من الواضح أنّ معارك طرد داعش من مدينتي الباب والرقة جرى تأجيلها من قبل جميع الأطراف التي كانت تخطط لمهاجمة هاتين المدينتين.
بالنسبة للدولة السورية، الأولوية الآن هي للمناطق الأكثر خطورة والتي تهدّد الاستقرار في أجزاء واسعة من سورية، ويبقى الأمل لدى الجهات الدولية والإقليمية المنخرطة في الحرب على سورية بمواصلة هذه الحرب.
بالنسبة للدولة السورية وحلفائها، الآن الأولوية لتأمين حلب العاصمة الاقتصادية، وأكبر المحافظات السورية من حيث عدد السكان وتأمينها بتحرير الأحياء الشرقية من الإرهابيين، وإبعاد الإرهابيين في ريفها الغربي والجنوبي، بما يساعد على توفير الأمان الكامل لاستئناف دورها الاقتصادي لإعادة إنهاض الاقتصاد السوري من جديد.
وقد تكون محافظة إدلب هي الأولوية الثانية بعد حلب من جهة الدولة السورية، لأنها تشكل محط الرهان الأخير للدول والقوى المنخرطة في الحرب على سورية، فضلاً عن أنّ استمرار المسلحين في هذه المحافظة يشكل تهديداً لمحافظات حلب وحماة واللاذقية كون المحافظات الثلاث تتاخم محافظة إدلب، وكون إدلب تقع على الحدود التركية، حيث يقود ذلك إلى استمرار تدفق السلاح والإرهابيين إلى سورية، لهذه الأسباب تحتلّ إدلب المرتبة الثانية في أولويات الدولة السورية وحلفائها.
أما بالنسبة لتركيا التي بدأت غزو الأراضي السورية مباشرة انطلاقاً من مدينة جرابلس، فقد توقفت عمليتها باتجاه مدينة الباب لأسباب ثلاثة: أبرزها معارضة الدولة السورية وحلفائها لأيّ تقدّم جديد للقوات التركية داخل الأراضي السورية، ولا سيما باتجاه مدينة الباب، وثانياً لأنّ أكراد سورية ومن يقف إلى جانبهم من «قوات سورية الديمقراطية» يعارضون استمرار التوغل التركي، وبدأوا مواجهة هذا التوغل من خطوط التماس مع القوات التركية، وثالثاً، لأنّ الولايات المتحدة أعلنت صراحة أنها لا تدعم العملية التركية، ولا سيما التقدّم باتجاه الباب أو باتجاه مدينة منبج.
بالنسبة لمدينة الرقة فإنّ عملية استهدافها من قبل التحالف الأميركي متوقفة بسبب نقص القوات البرية، إذ انّ «قوات سورية الديمقراطية» لا تملك العديد الكافي لمهاجمة المدينة، ولا سيما بعد دخول تركيا إلى منطقة جرابلس وخوضها معارك مع «قوات سورية الديمقراطية» وإعلانها الصريح بأنها تسعى للسيطرة على منبج. أما استعانة الولايات المتحدة بقوات تركية فتعترض عليها بقوة «وحدات الحماية الكردية» والدولة السورية وحلفاؤها، وبالتالي من غير الممكن تعويض نقص القوات البرية من قبل الولايات المتحدة، بالاستعانة بالجيش التركي.
هكذا جمّدت معارك الرقة والباب.
(البناء)