مقالات مختارة

مسلحو حلب أمام خياري التسليم والقتال العبثي علاء حلبي

 

انقسام كبير بين الفصائل المقاتلة في ما تبقى من أحياء شرق حلب، عدد كبير من الفصائل سلّمت بالأمر الواقع وبدأت تحزم أمتعتها لتسليم مواقعها للجيش، قابلها تحرك عاجل لـ «توحيد القتال» تحت راية جديدة حملت هذه المرة اسم «جيش حلب»، تولت فصائل تابعة لتركيا تنظيمه للقتال ضد الجيش السوري، في وقت بدأت مدينة إدلب بتجهيز المنازل التي ستستقبل المسلحين الذين سيخرجون من حلب في نهاية المطاف.

تقدم جديد للجيش السوري، وهذه المرة من الخاصرة الجنوبية الشرقية لأحياء شرق حلب، تقدمت القوات سريعاً وسيطرت على حي السكن الشبابي القريب من مطار النيرب العسكري، الأمر الذي يضع أحياء الجزماتي والميسر وطريق الباب والشعار بين فكي كماشة. عمليات ضغط من أقصى الشمال الغربي، وأخرى على امتداد هذه الأحياء في الجهتين الشمالية والشرقية، ضمن عمليات الجيش السوري التي تهدف إلى التهام ما تبقى من أحياء شرق حلب في الشطر الجنوبي لطريق مطار حلب الدولي، الذي من المنتظر أن يعود إلى الخدمة بعد نحو أربع سنوات على توقفه.

وعلى الرغم من الأمطار الغزيرة التي تشهدها حلب هذه الأيام، تابعت فرق الهندسة العسكرية الروسية والسورية عملها في تفكيك الألغام وتأمين المناطق والأحياء التي سيطر عليها الجيش منذ بدء عملياته الأخيرة شرق المدينة. وذكر مصدر حكومي لـ «السفير» أن دمشق سمحت لمئات العائلات بالعودة إلى منازلها في حيي مساكن هنانو والصاخور بعد تأمين تلك الأحياء، في وقت تعمل ورشات الصيانة على تأهيل البنى التحتية اللازمة للحياة في المنطقة، كما تم تسيير حافلات نقل داخلي لتأمين تحركات المواطنين بين تلك الأحياء، وذلك بعد أربع سنوات على توقف حركة النقل بين شطري حلب الغربي والشرقي.

مسلحو أحياء شرق حلب، بحسب مصدر معارض تحدث إلى «السفير»، يعيشون صراعاً حقيقياً في ما بينهم، وسط تفاقم الخلاف حول «جدوى البقاء». وبرغم أن «جيش حلب» لا يعتبر تشكيله جديداً، بل هو عملية إعادة تفعيل فكرة كانت مطروحة في وقت سابق، إلا أن معظم الفصائل الموجودة داخل أحياء حلب لا تعول كثيرا على هذا «الجيش»، خصوصاً مع النقص الشديد في المؤن والذخائر والوقود، الأمر الذي ضاعف من صعوبات القتال، بالإضافة إلى ارتفاع الصوت الشعبي المطالب بخروج الفصائل وتسليم مراكزها للجيش السوري وتجنيب ما تبقى من أحياء مزيداً من الدمار.

ويتكون «جيش حلب» من عشرة فصائل معظمها تابعة لتركيا مباشرة، أبرزها «الجبهة الشامية» و «أحرار الشام» و «نور الدين الزنكي»، ويقودها القيادي في «الجبهة الشامية» المدعو أبو عبد الرحمن. وفور الإعلان عن تشكيل «الجيش» أصدرت قيادته بياناً دعت فيه لـ «النفير العام» في مدينة حلب، وطالبت «كل من يستطيع حمل السلاح بالتوجه إلى القتال».

مصدر عسكري سوري قلل من أهمية «جيش حلب»، ورأى خلال حديثه إلى «السفير» أن هذا التشكيل «للاستهلاك الإعلامي فقط، وبهدف إطالة فترة بقاء المسلحين في الأحياء بهدف الحصول على أكبر قدر من المكتسبات قبل خروجهم»، وشدد قائلاً «سيخرجون مما تبقى من أحياء وهم يعرفون ذلك».

بدوره، أكد مصدر مطلع على الاجتماعات التي جرت مؤخرا بين قادة من الفصائل المسلحة ومندوبين روس، أن من بين مطالب المسلحين نقلهم وعائلاتهم بالحوامات من حلب إلى إدلب، بدلا من الخروج بالباصات الخضراء.

ونفى مصدر حكومي سوري ما يشاع عن عمليات اعتقال طالت مواطنين خرجوا من أحياء حلب الشرقية، وأوضح أن عددا من الشبان الذين كانوا محاصرين، مطلوبون للخدمة العسكرية، حيث تم نقلهم وفق القانون إلى الجهة المختصة ليجري العمل على تسوية أوضاعهم وإلحاقهم بالخدمة الإلزامية.

وأكد المصدر أن وسائل الإعلام الداعمة للمسلحين تحاول جاهدة نشر الشائعات لمنع الأهالي من الانتفاضة على المقاتلين، داعياً وسائل الإعلام إلى زيارة الأحياء التي سيطر عليها الجيش السوري والاستماع مباشرة لشهادة الأهالي الذين تمت إعادتهم إلى أحيائهم بعد تقديم المساعدات والرعاية الصحية لمن كان يحتاجها.

يأتي ذلك في وقت أعلنت فيه اللجنة الدولية للصليب الأحمر عن إجراء محادثات مع الحكومة السورية بشأن الوصول إلى الأشخاص «الفارين من شرق حلب الذي تسيطر عليه المعارضة والذين يتعرضون للاستجواب والاعتقال»، ونقلت وكالة «رويترز» عن مدير عمليات اللجنة في أنحاء العالم دومينيك ستيلهارت أن وكالة الإغاثة على اتصال مع جميع الأطراف كي تتمكن من إيصال المواد الغذائية والإمدادات الأخرى للمدنيين في القطاع المحاصر وإجلاء المصابين.

من جهته، جدد المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا دعوته «جبهة النصرة» للخروج من أحياء حلب الشرقية، وقال في مؤتمر صحافي مشترك مع مستشاره يان إيغلاند في جنيف: «انسحاب مقاتلي النصرة من المدينة قد يسهم في الحيلولة دون إراقة الدماء في حلب ويدعم سعي الأمم المتحدة إلى إعلان هدنة إنسانية عاجلة».

وأشار إلى أن الأمم المتحدة مستمرة في البحث عن فرص مناسبة لاستئناف العملية السياسية وتكثيف الجهود الإنسانية في حلب، مضيفاً أن أولويتها تكمن في إدخال المساعدات الإنسانية إلى المناطق التي يصعب الوصول إليها داخل المدينة.

بدورها، أكدت موسكو استعدادها لفتح أربعة ممرات إنسانية الى شرق حلب للسماح بدخول المساعدات وإجلاء مئات الحالات الطبية الطارئة.

وقال إيغلاند وهو أيضاً رئيس «مجموعة العمل حول المساعدة الإنسانية في سوريا»، إن الأمم المتحدة تناقش، مع موسكو ودمشق، تسهيل الوصول الإنساني إلى شرق حلب، بعدما رفضتا الدعوة الأممية لإعلان هدنة إنسانية في المدينة.

بوتين يأمل التعاون مع واشنطن حول سوريا

أعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في رسالته السنوية إلى «الجمعية الفدرالية» (البرلمان) عن أمله إقامة تعاون مع واشنطن في محاربة الإرهاب في سوريا.

وقال: «نأمل توحيد جهودنا مع جهود الولايات المتحدة في محاربة خطر واقعي وغير وهمي، وهو خطر الإرهاب الدولي»، مضيفاً «لا ولم نبحث أبداً عن أعداء، ونحن بحاجة إلى أصدقاء، لكننا لا نسمح بالإخلال بمصالحنا أو تجاهلها».

من جهته، أكد المتحدث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف، أن بوتين بحث مع أعضاء مجلس الأمن القومي الروسي الأوضاع الحالية في سوريا، مركزاً على ضرورة مواصلة تقديم مساعدات إنسانية لسكان حلب.

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أوضح خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره التركي مولود جاويش اوغلو في الانيا جنوب تركيا، أن موسكو ودمشق ليستا مسؤولتين عن الهجوم الذي وقع في 24 تشرين الثاني الماضي في منطقة الباب شمال سوريا، وأسفر عن مقتل أربعة جنود أتراك.

وقال: «ننسق مع التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة وتشارك فيه تركيا بهدف تجنب الحوادث غير المتوقعة»، مضيفاً «لذا، من خلال هذه القنوات، من المنطقي التأكد من الجهة التي تحلق طائراتها أو لا تحلق».

وأكد أن اجتماعات «تجري حالياً» مع «المعارضة» السورية «لإقناعها بأن تصبح جزءاً من الحل»، مضيفاً «لم نتجنب مطلقاً الاتصال بكل جماعات المعارضة».

بدوره، أكد أوغلو أنه اتفق مع لافروف على الحاجة لوقف إطلاق النار في حلب، لكنه أشار إلى أن موقف تركيا إزاء الرئيس السوري بشار الأسد لم يتغير.

أردوغان: كلامي فُسِّر بغير معناه

من جهته، أكد الرئيس التركي رجب طيب اردوغان أن التدخل التركي في سوريا يستهدف «منظمات إرهابية»، وذلك بعد يومين من إعلانه أنه يرمي الى إسقاط الرئيس السوري بشار الأسد، في تصريح علّقت عليه موسكو بأنها تتوقع توضيحا من أنقرة بشأنه.

وقال اردوغان خلال خطاب أمام نواب محليين في أنقرة، إن «هدف عملية درع الفرات ليس بلدا أو شخصا، إنها المنظمات الإرهابية»، مضيفاً «يجب ألا يشكك أحد في هذه المسألة التي نطرحها بانتظام، يجب ألا يفسر أحد ما نقوله بطريقة مختلفة».

(السفير)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى