الهجوم في سوريا… اختبار للتفاهمات: اليكس فيشمان
كل اللاعبين في الملعب السوري، بما في ذلك إسرائيل، حزب الله وإيران، ينتظرون بفضول بل وحتى بقلق ما ستقوله موسكو. واضح للجميع بأن الهجوم المنسوب لإسرائيل هو «حالة اختبار» لحدود حرية العمل الإسرائيلية في سوريا وفي لبنان. ولكل رد روسي ستكون آثار على ميزان القوى الاقليمي.
حاليا يكتفي الروس باقتباس بيان الناطق العسكري السوري عن هجوم سلاح الجو أمس في منطقة دمشق. لا تنديدات، لا تحليلات، لا تسريبات للمحافل في القيادة الروسية. والتمسك بالرواية السورية يدل على أن الروس، من ناحيتهم، يقبلون حقيقة ان إسرائيل مسؤولة عن الهجوم ولا يعتزمون المشاركة في لعبة الغماية الإسرائيلية. ومع ذلك، فحقيقة أنهم لم يصدروا بيانا خاصا بهم تدل على أنهم لا يزالوا لم يقرروا بعد ما سيفعلوه بهذه المعلومة.
في أحاديث غير رسمية مع جهات ترتبط بجهاز الامن الروسي يسألون: ما الذي تتوقعونه في واقع الامر؟ لرد روسي علني ومباشر؟ فإذا قلنا ان إسرائيل نسقت الهجوم معنا، سيتعين علينا أن نقدم الشروحات لحلفائنا في حزب الله؛ واذا قلنا انكم لم تنسقوا، فستكون لدينا مشكلة في أن نشرح كيف تعمل إسرائيل على الاراضي السورية دون أن تطلعنا.
الرد الروسي حرج، إذ أن الهجوم المنسوب لإسرائيل هو اختبار علني أول، ظاهرا، للتفاهمات التي تحققت بين القيادتين السياسيتين على مستوى بوتين ونتنياهو. ومنذ نشر الروس جيشهم في سوريا في 2015 قلت المنشورات عن الهجمات الجوية لسلاح الجو في سوريا، باستثناء الهجمات على طول الحدود في هضبة الجولان.
ومع أن الواقع هو الذي استدعي استمرار الاعمال، إذ أن حزب الله، بمساعدة الجيش السوري، واصل تهريب العتاد العسكري إلى لبنان، ولكن كان يبدو أن إسرائيل اختارت إلا تضع التفاهمات مع روسيا قيد الاختبار.
لا يوجد بين إسرائيل وروسيا اتفاق تعاون في سوريا. فالروس لا يبلغون الجيش الإسرائيلي عن اعمالهم الجوية، وإسرائيل ـ بقدر ما هو معروف، لا يفترض أن تبلغهم عن نشاطها الجوي. ولكن يوجد تفاهم في أن كل طرف يفهم اين توجد مصالح الطرف الاخر، ويبذل كل جهد كي لا يحتك بها. وبالتالي فإن الروس يطيرون في مناطق معينة، وسلاح الجو يطير في مناطق اخرى. وصورة الرادار الجوي شفافة للطرفين. قبل نحو سنة أفادت مصادر أجنبية بأن طائرات روسية انطلقت نحو طائرات سلاح الجو التي حلقت في مكان ما في البحر المتوسط. وأحداث من هذا النوع تحل على مستوى الزعماء. نائب رئيس الاركان مقابل نظيره الروسي، ووحدات الارتباط الإسرائيلية والروسية التي تدير حوارا حول الشذوذ في الطيران لاي من الطرفين. فاذا لاحظ ضابط روسي طائرة إسرائيلية قد تقترب من مصلحة روسية، معقول الافتراض بأن ينقل إلى نظيره الإسرائيلي استجوابا.
الصواريخ المضادة للطائرات المتطورة، اس 400 واس 300 التي نصبها الروس لحماية الميناء في طرطوس ومطار حميميم في سوريا، لا يفترض أن تشكل تهديدا على سلاح الجو الإسرائيلي، باستثناء أوضاع سوء الفهم التي قد تقع في كل لحظة معطاة. وعليه، على ما يبدو، فقد طار اليوم سلاح الجو في الساحة بشكل اكثر محافظة من الماضي. ومسموح الافتراض بأن كل نشاط يتجاوز الحدود يدرس في إسرائيل بشكل اكثر تدقيقا من أجل توسيع هوامش الامن.
ومع ذلك، فقد أوضحت إسرائيل كل الوقت بأنها لن تتنازل عن اي حرف في الخطوط الحمراء التي وضعتها لنفسها في سوريا وفي لبنان: لا للسلاح الكيميائي في يد الجيش السوري او حزب الله، لا للمس بالسيادة الإسرائيلية ولا لتهريب عتاد هو من ناحيتها محظور إلى لبنان. ولم يتدخل الروس عندما هاجمت إسرائيل في هضبة الجولان حين اصيبت سيادتها. اما الخط الاحمر الثالث فقد اخترق في السنة الاخيرة، حسب منشورات أجنبية، اكثر من مرة واحدة، وعليه ـ وفقا لها ـ هاجمت إسرائيل أمس هدفا واضحا يسمح لها ايضا باختبار حدود التفاهمات مع الروس. ومن الرد الروسي حتى الان كفيل بأن يؤخذ الانطباع بأنها تعترف بحق إسرائيل في منع تسرب سلاح من نوع معين من سوريا إلى لبنان. ليس مؤكدا ان هذه ستبقى صورة الوضع على مدى الزمن.
يديعوت