مقالات مختارة

عوامل النصر السريع في حلب حميدي العبدالله

 

انهارت مقاومة المسلحين في أحياء حلب الشرقية على نحو فاق كل التوقعات. فأحياء مثل هنانو والحيدرية، والصاخور وجبل بدرو وبستان الباشا والهلك, والتي شكلت معاقل للإرهابيين منذ غزاها المسلحون في تموز عام 2012, وحرر الجيش السوري وحلفاؤه ثلث الأحياء الشرقية في غضون أقل من 24 ساعة بعد تحرير هنانو.

لاحظ أحد المراسلين الإعلاميين أن سيطرة الجيش السوري على الأحياء الشرقية الشمالية، نقلاً عن مواطنين من هذه الأحياء، قد تم بالسرعة ذاتها التي سيطر فيها المسلحون على هذه الأحياء في تموز عام 2012.

كان أكثر المحللين تفاؤلاً لا يتوقع هذه السرعة في تحرير هذه الأحياء, فما هي العوامل التي أدت إلى صنع هذا الانتصار وبهذه السرعة غير المتوقعة؟

ثمة أسباب كثيرة, ولكن أبرزها:

أولاً, لا شك أن تصميم الدولة السورية وحلفائها على استعادة الأحياء الشرقية من سيطرة المسلحين, ورفض قبول أي خطوط حمر تحمي سيطرة المسلحين على هذه الأحياء كان له الدور الأكبر في حصول عملية التحرير بهذه السرعة, لأنها أدارت الظهر لجميع الضغوط ومحاولات حماية وتشريع وجود المسلحين في هذه الأحياء بما في ذلك العرض الأخير الذي قدمه ستيفان دي مستورا للمسؤولين السوريين.

الثاني, أن تحرير الأحياء الشرقية هو الفصل الثالث, أو المرحلة الثالثة من مراحل تحرير حلب, لم يكن تحرير الأحياء الشرقية عاصفة في سماء صافية, فلولا نجاح الجيش السوري وحلفائه في السيطرة على مناطق واسعة من الريف الشمالي والشرقي لحلب وصولاً إلى فك الحصار عن نبل والزهراء في المرحلة الأولى, ولولا وصول الجيش وحلفائه إلى طريق الكاستيلو وإحكام الحصار على الأحياء الشرقية في المرحلة الثانية, لما أبصرت المرحلة الثالثة النور, ولما تمكن الجيش وحلفاؤه من تحقيق هذا الانتصار بهذه السرعة.

ثالثاً, المرحلتان الأولى والثانية قطعتا طرق إمداد المسلحين المسيطرين على الأحياء الشرقية بمزيد من المقاتلين والأسلحة والذخائر التي يحتاجونها في مواجهة زحف الجيش السوري وحلفائه. بديهي في ظل هذه التطورات يضاف إليها استنزاف الإرهابيين في المعارك التي خاضوها أولاً على جبهة الملاح لفك الحصار عن الأحياء الشرقية واستعادة السيطرة على طريق الكاستيلو, وثانياً معارك محاولات فك الحصار عن الأحياء الشرقية على الجبهة الجنوبية الغربية, لما تحقق الانتصار بهذه السرعة.

ولا شك أن معارضة المواطنين لاستمرار هيمنة المسلحين على أحيائهم, والتحكم بمصادر حياتهم, ساهمت أيضاً في خلق المناخ الذي أثر على معنويات المسلحين, وأسهم في خلق بيئة معادية لهم, ومكن الجيش من الحصول على معلومات مكنته من توجيه ضربات تمهيدية لمواقع القيادة ومخازن الأسلحة.

كل هذه العوامل مجتمعة ساهمت في الانتصار الكبير الذي تحقق في الأحياء الشمالية الشرقية لحلب بهذه السرعة.

(البناء)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى