مقالات مختارة

المساعدة العربية في الحرائق خير جار قريب: سمدار بيري

 

رجل أمن كبير جدا في مصر، يصر على عدم ذكر اسمه، اقترح امس تفسيرا أصيلا لسؤال يغمر المواقع الاجتماعية وينتزع الاف ردود الفعل السامة: ما الذي جعل الحكم المصري الغارق في أزماته الداخلية أن “يندفع″ فجأة نحو “العدو” وان يرسل الى “الكيان الصهيوني” مساعدة لاطفاء الحرائق.

فيما أن الانتقاد ضده في ذروته في القاهرة وفي واشنطن، فإن الالسنة التي تنز سما تهاجم السيسي في هذا الموضوع ايضا. الهاشتغ في التويتر “اسرائيل تحترق يوصي بوقف انتفاضة السكاكين الفلسطينية، والتعاون مع اللهي باستمتاع في انتشار الحرائق. الهاشتغ الشعبي اكثر، “لعنة المؤذن” يربط بين الخطيئة والعقاب: المبادرة لاسكات الميكروفونات في المساجد، والتي جاء بعدها “حريق الله”. أما الرئيس المصري فيوصونه بأن يدع اسرائيل تشتعل.

غير أنه على حد قول الاستراتيجي المصري الكبير، فان السيسي يعرف ما الذي يفعله: لاعتبارات موضوعية فقط بعث الى اسرائيل بمروحيتي اطفاء. وحسب التقديرات في القاهرة، كما يدعي، فان من شأن الحرائق أن تنتشر وتصل الى منشآت المفاعل النووي في ديمونا واشتعال في المنشأة الحساسة سيعرض مصر للخطر أيضا. انتبهوا الى المسافة من ديمونا الى الاراضي السيادية المصرية، وأجروا حساب الضرر لماذا حين هاتف نتنياهو، أطلقت مصر على الفور الى الجو المروحيات. ليس لا سمح الله انطلاقا من الحب والحرص، بل من حساب بارد وواعٍ.

تحت عنوان “جارك قريبك”، الرواية العربية لـ “خير جار قريب من أخ بعيد”، نشرت السفارة الاسرائيلية في القاهرة عن صفحتها على الفيس بوك، الشكر للدول التي تجندت للمساعدة في اطفاء الحرائق. القاريء – وثمة للصفحة الاسرائيلية مئات الاف المتابعين – يتلقى قائمة الدول في “الحارة” التي تطوعت بمبادرتها أو استجابت لطلب نتنياهو. على رأسها تركيا، مصر، الاردن (ثماني سيارات اطفاء) والسلطة الفلسطينية (سيارات وطواقم اطفاء يعملون الى جانب مقاتلي النار عندنا).

هذه الحالة أيضا تبرز الفجوة الهائلة بين الحكم والشارع. نظرية المؤامرة، التي يحبها العالم العربي، خلقت منذ الان شائعات عن عمق التزام الحكام العرب وحجوم دينهم لاسرائيل. ويبرز الشارع عدد الفلسطينيين الذين اعتقلوا للاشتباه باشعال الحرائق، “بسبب أعصاب نتنياهو”، ويدعو حكامه الى ان يتركوا العدو “يشتعل”.

الحكام من جانبهم يسكتون، وسكوتهم يغيظ الشارع أكثر فأكثر. مشوق أن نلاحظ أن في تركيا بالذات تمر المساعدة بلا عواصف. فلم ينسوا هناك التجند الاسرائيلي عند الهزات الارضية. وبعد الاعلان عن عودة السفراء، تستقبل المساعدة التركية كبادرة طيبة “طبيعية” ستساعد اردوغان وحكومته في المنظمات الدولية الهامة.

مشوق أن نتابع أيضا الرياح التي تهب من السعودية. ففي منتصف الاسبوع أجرى ولي ولي العهد الامير محمد تغيير دراماتيكي في قيادة الصحيفتين اليوميتين الاكثر انتشارا “الحياة” و “الشرق الاوسط”. فالحرائق في اسرائيل تحظى لديهما بتغطية واسعة، ولا سيما بالصور، وبدون شماتة. كما أنهما تبلغان، بلا انتقاد، عن التجند العربي. فهل الامراء البارزون في الرياض، والذين تتوثق علاقاتهم مع الاجهزة عندنا من خلف الكواليس عرضوا المساعدة؟ ليس للخيال غير منفلت العقال حدود.

حين ستخبو النار، سيكون مشوقا أن نتابع سلوك نتنياهو. فطواقم الاطفاء الفلسطينيين الذين يعملوا مع الطواقم الاسرائيلية ليسوا شيئا يستهان به. فهذه فرصة للسير الى الامام. فاذا كان الفلسطينيون مشاركين في اشعال الحرائق، فليحرص على معاقبتهم. واذا كانت أجهزة الامن في السلطة لم تتردد في التجند، فلا يكفي نشر الشكر على الفيس بوك او التباهي في الموقع العربي لديوان رئيس الوزراء. هذا هو الوقت لمهاتفة السيسي، اردوغان، الملك عبدالله وكذا ابو مازن، الجار الاقرب، الذي انتشرت الحرائق في نهاية الاسبوع الى اراضيه أيضا.

يديعوت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى