تقارير ووثائق

من هو فيدل كاسترو؟

ولد فيدل كاسترو عام 1926 لعائلة ثرية، بيد أنه تمرد منذ صغره على حالة الترف التي كان يعيشها بعد ما صدم بالتناقض الكبير بين رغد العيش في أحضان عائلته وبين قسوة العيش والفقر في مجتمعه.

حمل السلاح ضد الرئيس فالجنسيو باتستا عام 1953 على رأس اكثر من مائة من الثوار الا ان محاولته احبطت وسجن هو وشقيقه راؤول. وبعد عامين صدر عفو عن كاسترو الذي واصل حملته لإنهاء حكم باتيستا من المنفى في المكسيك. وشكل قوة مقاتلة عرفت بحركة 26 يوليو.

وقد اجتذبت مبادئ كاسترو الثورية تأييدا واسعا في كوبا وسطع خلال الثورة نجم المناضل الأممي ارنستو تشي غيفارا وتمكنت قوات الثورة في عام 1959 من الاطاحة بباتيستا الذي أصبح نظامه الديكتاتوري يرمز الى الفساد والتعفن وعدم المساواة.

تسلم كاسترو رئاسة كوبا بعد الثورة وسرعان ما قاد تحول بلاده الى النظام الاشتراكي لتصبح كوبا اول بلد اشتراكي في قلب العالم الغربي.

لم تكد الولايات المتحدة تعترف بالحكومة الكوبية الجديدة بعد الثورة حتى بدأت العلاقات بينها وبين كوبا تتدهور وفي مجابهة الضغوط الأميركية على استقلال بلاده أصدركاسترو قرارا بتأميم الشركات الامريكية في كوبا وفي ابريل نيسان عام 1961 حاولت الولايات المتحدة إسقاط الحكومة الكوبية من خلال تجنيد جيش خاص من الكوبيين المنفيين لاجتياح جزيرة كوبا. وتمكنت القوات الكوبية في خليج الخنازير من ردع المهاجمين وقتل العديد منهم واعتقل حوالي الف شخص من عملاء المخابرات الأميركية الذين غزوا كوبا.

بعد ذلك بعام واحد بدأت ازمة الصواريخ السوفيتية الشهيرة التي كادت ان تجر العالم الى حرب نووية بين الجبارين وبدأت الأزمة عندما وافق كاسترو على نشر صواريخ روسية نووية في بلاده على أعتاب الولايات المتحدة.

واصبح كاسترو العدو رقم واحد بالنسبة لأمريكا. واستنادا الى مذكرات الزعيم السوفيتي آنذاك نيكيتا خروتشوف فقد ارتأى الاتحاد السوفيتي أن ينشر صواريخ بالستية في الجزيرة الكوبية لردع اي محاولة امريكية لغزوها بعد تهديدات وتحركات أميركية مباشرة.

وفي اكتوبر تشرين اول عام 1962 اعلنت واشنطن اكتشاف طائرات تجسس امريكية لمنصات الصواريخ السوفيتية مما وصفته الولايات المتحدة بالتهديد المباشر رغم طابعه الدفاعي وفقا للموقف الكوبي الا أن الازمة لم تطل كثيرا في أعقاب توصل الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي الى تسوية يزيل من خلالها الاتحاد السوفياتي صواريخه مقابل تعهد امريكي بعدم غزو كوبا والتخلص من الصواريخ الامريكية في تركيا.

أصبح كاسترو أحد النجوم العالمية اللامعة في عصر الحرب الباردة ولعبت كوبا دورا نشطا في دعم ثورات كثيرة في العالم فقد أرسل كاسترو أرسل 15 ألف جندي كوبي إلى أنغولا عام 1975، لمساعدة القوات الانغولية المدعومة من السوفييت. وفي عام 1977 أرسل قوات أخرى إلى اثيوبيا لدعم نظام الرئيس الماركسي مانغستو هيلا مريام.

ظل كاسترو يستنهض شعبه في مجابهة المصاعب الاقتصادية التي تواجهها بلاده والتصدي للعقوبات والحظر الاقتصادي والحصار الأميركي والغربي وتمكنت كوبا من بناء اقتصاد مستقر رغم الستار الحديدي الأميركي والغربي.

اثر انهيار المعسكر الاشتراكي عام 1991 على اوضاع كوبا الاقتصادية إلا أنها تمكنت من التقليل من اثاره بالاعتماد على الذات وبتطوير مزاياها الاقتصادية الخاصة في الزراعة والصناعات الخفيفة والتقنيات الطبية المتطورة التي تميزت بتفوق استثنائي.

ألهم النموذج الكوبي العديد من الحركات الثورية في اميركا اللاتينية وتحولت هافانا إلى موئل للقادة الذين يناضلون لتحرير بلادهم في القارة الأميركية وقدمت كوبا الدعم للساندينيين في نيكارغوا ولكل القوى التحررية والمناضلة في القارة واستطاعت بعد انتخاب هوغو شافيز في فنزويلا ولولا في البرازيل ان تعقد شراكات قوية عابرة للحدود داخل القارة الأميركية مع الحكومات الحرة التي قوضت هيمنة الولايات المتحدة في ما كانت تعتبره حدائقها الخلفية.

اتخذت كوبا مكانة بارزة في جبهة مناهضة الاستعمار على الصعيد العالمي وكان الزعيم فيدل كاسترو من كبار مناصري القضية الفلسطينية وحركات التحرر في الوطن العربي وربطت كاسترو علاقات صداقة متينة بزعماء تقدميين كالرئيس جمال عبد الناصر والرئيس حافظ الأسد والرئيسين الجزائريين احمد بن بلا وهواري بومدين وامين عام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الدكتور جورج حبش وكان كاسترو رمزا امميا للنضال ضد الإمبريالية وللاستقلال الوطني في العالم الثالث.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى