الجيش «يسحب» أمير داعش من «عقر داره»: ترسيخ معادلة الضرب «خلف خطوط العدو» رضوان مرتضى
غيّر الجيش استراتيجيته في مواجهة الإرهاب. لم يعد ينتظر الإرهابيين ريثما يصلون إلى «المناطق الآمنة». الخطة تقضي بتحديد الرأس وضربه حيث هو. عملية توقيف «أمير داعش في عرسال» أمس لم تكن الأولى، بل الثالثة التي تُعلَن في غضون 4 أشهر
طاولت يدُ الجيش رأس تنظيم «الدولة الإسلامية» في عرسال. أمير الجماعة المتشددة أحمد يوسف أمون الملقب بـ»الشيخ» سقط بالضربة القاضية. سُحِب من قلب خيمته.
وبعد اشتباك مسلّح، أُصيب في قدمه، فيما أُطبِق على باقي أفراد مجموعته. «ضربة معلم» سجّلها عناصر فوج المكافحة في المؤسسة العسكرية. وبحسب المصادر الأمنية، بدأ الإعداد للعملية منذ عدة أسابيع. وبعدما رصدت وحدة خاصة من الجيش حركة أمون، أعدّت العدة ثم أطبقت عليه في المكان والزمان اللذين لا يمكن أن يتوقعهما. وعلمت «الأخبار» أن المجموعة نفسها التي أشرفت على رصد «أمير الدولة في عين الحلوة» عماد ياسين واختطفته في عملية احترافية، هي نفسها المسؤولة عن عملية توقيف أمون. وكما انطلقت هذه المجموعة في مهمة خاصة إلى عين الحلوة، قصدت عرسال للغاية نفسها. وكانت «الغنيمة» أميرين بالطريقة نفسها. العملية الأمنية التي تسجل في خانة إنجازات الجيش الاستثنائية، تكشف عن قرار مختلف لدى قيادة الجيش، بدأت نتائجه تظهر منذ أشهر: «لن ننتظر الإرهاب ليضرب، ولا لإرسال خلاياه إلى المناطق الآمنة، بل سنقصده في عقر داره».
أسلوب العمل هذا لم يُستخدَم حصراً لتوقيف أمون وياسين. فقبلهما، تمكن الجيش في عملية مماثلة في شهر آب الماضي من توقيف القيادي البارز في داعش المدعو طارق الفليطي وقتل سامح البريدي، في عرسال أيضاً. أُنجزت هذه العملية بالاحترافية نفسها. حُدِّد الهدف ثم استُهدف في أرضه ووسط مجموعته. كذلك نفّذت قوات خاصة من الجيش أكثر من عملية في جرود عرسال، لم تُعلَن لأسباب شتى. وأتت هذه العمليات نتيجةً لقرار اتُّخِذ منذ نحو 7 أشهر، بإعادة تفعيل العمل «خلف خطوط العدو». فمنذ عام 2013، كانت الأجهزة الأمنية تلاحق الخلايا التي تنفّذ عمليات «داخل الأراضي اللبنانية الآمنة»، سواء بعد التنفيذ أو قبله. أما العمل «في المناطق الخارجة عن سلطة الدولة»، فقد توقّف مطلع عام 2013، بعد استشهاد الرائد بيار بشعلاني والمعاون إبراهيم زهرمان عندما حاولت قوة من الجيش توقيف القيادي الإسلامي خالد حجيري من قلب عرسال ووقعت في كمين للجموعات المسلحة.
أمون مسؤول عن انتحاريي القاع وجهّز سيارتين مفخختين لتفجيرهما في الضاحية
ومنذ ذلك الحين، جمّد الجيش هذا النوع من العمليات ليعيد استئنافها في الأشهر الأخيرة، بعدما باتت هناك قناعة راسخة لدى قيادة الجيش بأن «هذه العمليات النوعية ضرورة قصوى لإنهاك العدو».
عملية التوقيف انطلقت في تمام السادسة من صباح أمس، في منطقة في الجرود العرسالية تُعرف بوادي الأرانب. وبعدما تيقنت قوة الرصد من وجود الهدف في خيمته، وبعد إحصاء المجموعة المحيطة به وتحديد نوعية أسلحتها وعتادها، تلقت قوة «المكافحة» أوامرها ببدء التنفيذ، فيما كانت المنطقة المحيطة بالهدف تخضع للرصد، مع وجود قوات إضافية من الجيش قادرة على التدخل في حال استقدام المجموعات المسلحة قوات إسناد إذا ما طال أمد العملية. بعد الإطباق على الخيمة التي كان أمون موجوداً فيها، حدث اشتباك كانت قوة الدهم قد تحسّبت له، في ظل وجود أوامر صارمة من قيادة العملية بضرورة توقيفه حياً، لكي تُستثمَر المعلومات الموجودة في حوزته. أصيب أمون في إحدى رجليه، وتمكن الجيش من توقيفه ونقله بطوافة عسكرية إلى أحد المستشفيات. وكشفت قيادة الجيش أن الموقوفين في العملية هم كل من أحمد يوسف أمون الملقب بـ«أبو يوسف» وبـ«الشيخ»، عصام صديق، عبد الرحمن الغاوي، محمد الغاوي، حسام العكلة، عكرمة عيوش، تهامة عيوش، عدنان فاضل، عبد اللطيف صديق، محمد أمون وعلي أمون.
وقد صادر الجيش خلال العملية كميات كبيرة من الأسلحة والأحزمة الناسفة والأعتدة العسكرية. وتكشف المصادر الأمنية أنّ أمون متورط في العمليات التي طاولت دوريات الجيش عبر استهداف مباشر أو نتيجة زرع عبوات ناسفة وتفجيرها بدورياته، والمشاركة في إعداد السيارات المفخخة وتجهيزها وتفجيرها، ولا سيما في الضاحية الجنوبية لبيروت. وذكر الجيش أنّ الموقوف أمون مسؤول عن إطلاق الصواريخ على بلدات بقاعية في عام 2014، وأحد المخططين لعمليات الخطف التي طاولت مواطنين لبنانيين وسوريين في عرسال.
وذكرت المصادر الأمنية أنّ أمون كان قد جهّز سيارتين مفخختين لإرسالهما إلى ضاحية بيروت. وكشفت أنّه مسؤول عن إعداد الانتحاريين الخمسة الذين حاولوا التسلل عبر بلدة القاع وقدّم لهم تسهيلات لوجستية، قبل أن يؤدي خلل في التخطيط إلى إفشال العملية.
وقد أثنى على عملية الجيش رئيس الجمهورية ميشال عون، والرئيس المكلف تأليف الحكومة سعد الحريري، فيما أصدر حزب الله بياناً هنأ الجيش فيه بالعملية، معتبراً أنها «تأكيد لدور المؤسسة العسكرية الأساسي في حماية الحدود وتخليصها من الإرهابيين». وعبّر الحزب عن أمله بأن يكون لهذه العملية ومثيلاتها «الأثر الأكبر في إعادة» جنود الجيش المخطوفين (منذ آب 2014) إلى أهاليهم.
(الاخبار)