إسرائيل: لإبعاد ترامب عن “الدولتين”…حلمي موسى
وفّر المؤتمر الديبلوماسي السنوي الذي تعقده صحيفة «جيروزليم بوست» في القدس المحتلة، فرصةً لعرض السجالات ونقاط الخلاف والتوجّهات الإسرائيلية في عهد ما بعد أوباما .
وفيما شدد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو على أن بالوسع تحقيق حلّ مع الفلسطينيين عبر الدول العربية، أقرّ وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان «بأننا أخفقنا في خلق سياسة مشتركة مع الولايات المتحدة».
غير أن درة تاج الحديث كانت لوزير التعليم ورئيس «البيت اليهودي» نفتالي بينت الذي طالب بإبعاد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب عن حل الدولتين.
وكان المؤتمر الديبلوماسي لصحيفة «جيروزليم بوست» قد عقد أمس في القدس لدراسة انتخاب ترامب ووجهة العالم الغربي في المستقبل القريب وأثر ذلك على إسرائيل.
وهذه هي المرة السادسة على التوالي التي يعقد فيها هذا المؤتمر الذي بات يجمع كل القيادات السياسية الإسرائيلية فضلاً عن مئات الديبلوماسيين.
ويهدف المؤتمر إلى تعزيز السياسة الخارجية الإسرائيلية عبر تحديد الميول العامة للتوجهات الدولية. وشارك فيه عدد كبير من المسؤولين الإسرائيليين، أبرزهم نتنياهو وليبرمان، فضلاً عن زعماء المعارضة أمثال يائير لبيد وتسيبي ليفني.
وفي مستهل خطابه قال نتنياهو «أود خلق أسطورة عن نفسي. إذا كنتم تقرأون الصحف الأخرى، فقد تأخذون انطباعاً بأنني شخص متشائم، ومشيع للمخاوف، لذلك فإنني فرح لأنكم تجلسون هنا لأن ما سأقوله سيذهلكم، أنا متفائل. أنا مليء بالأمل بشأن إسرائيل، بشأن المنطقة، بل وبشأن الأمم المتحدة، فإسرائيل تعيش في وسط ثورة تاريخية في مكانتها بين الأمم، وهناك تغيير اقتصادي عالمي وسريع، وهناك ثورة معلومات تكنولوجية ونحن في مركزها. هناك فرص أمنية كثيرة وهذا يغير الطريقة التي تتعامل بها أمم معنا ونحن معها».
وأشار نتنياهو إلى الصراع العربي – الإسرائيلي، فقال «إنني على استعداد للذهاب في أي وقت للقاء أبو مازن في أي دولة تدعونا للقاء. وكل دولة تشعر أنها قريبة من حل النزاع، وحينها نتلقى الرد من السلطة الفلسطينية بأن الوقت ليس مناسباً. كلهم يفهمون أن إسرائيل ليست العقبة أمام السلام. من يفهم هذا أفضل من سواهم؟ الدول العربية. ونحن سنقلب المعادلة: سنصل إلى الدول العربية ومن هناك إلى الفلسطينيين».
وتحدّث ليبرمان فقال إن «رئيس الحكومة تحدث الآن، موضحاً أنه متفائل، وأنا شخص واقعي، من ناحيتي ينبغي الانتظار، لقد أخفقنا في خلق سياسة مشتركة مع الولايات المتحدة بشأن يهودا والسامرة (الضفة الغربية) وأنا أقترح انتظار إدارة ترامب والتباحث معها في هذه المسألة. الأمر حرج ويجب عدم خلق عناوين في هذا الشأن ومنح الإدارة الأميركية الجديدة الوقت لبلورة مقاربة جديدة للموضوع الفلسطيني وليهودا والسامرة».
أما نائبة وزير الخارجية، تسيبي حوتبولي، فطالبت بتحطيم «أسطورة الاحتلال، فهذا التعبير ليس صحيحاً قانونياً وليس صحيحاً تاريخياً، وقد أصاب رئيس الحكومة عندما وصف إخلاء اليهود بأنه تطهير عرقي، لأن زمن طرد اليهود انتهى. طوال سنوات كان الاحتلال سبب عدم وجود سلام هنا، ولكن هذا لا يعبر عن الواقع. ليس هناك احتلال في غزة، ولا جنود ولا مستوطنات. كل من وعدنا بأن تتحول غزة إلى سنغافورة، يجد أن سنغافورة لا تبدو هكذا. القصة ليست الاحتلال».
بدوره، قال وزير التعليم، نفتالي بينت، الذي يعرض سياسة أشد وضوحاً من سياسة نتنياهو ويطالب بضمّ الضفة الغربية إلى إسرائيل، إنه بدلاً من السعي لحل النزاع، من الواجب «العمل على إدارته» وتحسين الوضع الاقتصادي للفلسطينيين.
وتساءل «ماذا نفعل بمليوني فلسطيني؟ ينبغي التطلّع إلى إدارة النزاع». وأضاف بينت أن على إسرائيل أن «تعطي حكماً ذاتياً كاملاً للفلسطينيين مع منحهم حقوق تنقل مطلقة، ومناطق سياحة حرة ومن دون معابر حدودية. يجب أن ننفذ مشروع مارشال ليهودا والسامرة، لليهود والعرب على حد سواء. وسيكون مذهلاً إن كان بوسع أحمد من جنين أن ينهض في السادسة صباحاً وليس في الخامسة كي يصل للعمل في تل أبيب في الساعة السابعة والنصف. حان الوقت لإعادة التفكير في كل شيء».
من جهتها، ردّت وزيرة الخارجية السابقة تسيبي ليفني من «المعسكر الصهيوني» في المؤتمر على بينت قائلة «من المستحيل إدارة النزاع، من دون تنازلات. النزاع هو من سيديرنا»، موضحةً أن «أي اتفاق سلام سيتم التوصل إليه لن يقرر أي الروايتين على حق وأيهما على باطل. لحظة أن نركز الصراع في جبل الهيكل (الحرم القدسي) فإننا نحوله إلى صراع ديني والنزاعات الدينية غير قابلة للحل».
وشددت ليفني على أن «الأمر الصائب لإسرائيل هو أن نفهم أن حل الدولتين هو جوهر مصلحتنا. ينبغي العمل مع العالم ومع الفلسطينيين من أجل إحياء العملية السلمية».
أما السفير الأميركي في تل أبيب دان شابيرو فقال «قررت أخذ الإلهام من أصدقائي الإسرائيليين والتحدث بصراحة. وكما شدد الرئيس أوباما في لقائه مع ترامب، فإن الأولوية هي الانتقال السلس بين الإدارتين. والفترة الانتقالية ستكون قصيرة وأوباما لا يزال مشغولا حتى آخر يوم في المنصب بأموره بما فيها السياسة الخارجية مع تشديد على تعزيز العلاقات مع حليفتنا إسرائيل. ويمكن توقع أن تواصل الإدارة العمل بجهد في الدفاع عن إسرائيل». وأضاف «إننا ملتزمون بتحقيق السلام بين إسرائيل وجاراتها بما في ذلك المفاوضات من أجل دولتين لشعبين. والآن نحن نواصل توجهاتنا وفق تقرير الرباعية الدولية من الصيف الأخير».
واتهم زعيم «هناك مستقبل» يائير لبيد الأسرة الدولية بدعم المنظمات الإرهابية والقتلة عملياً، قائلاً إن «المنظمات الإرهابية تعلمت لغة وقاموس منظمات حقوق الإنسان»، معرباً عن غضبه من الانتقادات العالمية ضد إسرائيل.
(السفير)