أوبك: هل من بعد سياسي للخلاف على حصص الإنتاج :حميدي العبدالله
تتركز الخلافات بشأن خفض مستوى إنتاج أوبك من أجل رفع أسعار النفط عن سعره الحالي حول مطلب كلّ من إيران والعراق زيادة حصصهما الإنتاجية لتتناسب مع المستوى الذي كانت عليه قبل تعرّضهما للعقوبات من قبل الحكومات الغربية .
طهران وبغداد تعتبران أنّ هذا حق طبيعي لهما وليس من حق أيّ دولة إقناعهما بالعدول عن ذلك تحت أيّ ذريعة كانت، وإلا وكأنهما قبلا استمرار العقوبات المفروضة عليهما حتى بعد رفعها من قبل الجهات التي فرضت هذه العقوبات.
لكن الدول المنتجة الأخرى التي استفادت من تراجع حصة إيران والعراق، وفي مقدّمة هذه الدول المملكة العربية السعودية، ترفض منح إيران والعراق حق زيادة إنتاجهما، ويبدو أنّ هذه المعارضة تفسّرها أسباب اقتصادية وأسباب سياسية.
الأسباب الاقتصادية، أنّ الحفاظ على أسعار النفط عند مستواها الحالي يتطلب من المملكة العربية السعودية خفض إنتاجها بنسب توازي ارتفاع إنتاج إيران والعراق. وإذا كانت دول أوبك ترغب في تحسين أسعار النفط، فعليها جميعها، باستثناء العراق. وإيران، خفض إنتاجها الذي زاد في السابق للتعويض عن خفض الإنتاج الإيراني والعراقي بسبب العقوبات. وغنيّ عن البيان أنّ كلّ ذلك سيؤثر سلباً على عائدات السعودية والدول الأخرى المطالبة بخفض إنتاجها، ولهذا عارضت السعودية بقوة السماح لإيران والعراق بزيادة إنتاجها وطالبت جميع أعضاء أوبك التجميد عند مستوى الإنتاج الحالي، وهذا ما رفضته وترفضه طهران وبغداد.
أما الأسباب السياسية فهي أيضاً معروفة لدرجة أنّ المسؤولين الإيرانيين وجهوا اتهامات في مراحل سابقة للسعودية، وقالوا إنها زادت إنتاجها من أجل خفض أسعار النفط لخلق أزمات لإيران عندما كانت الولايات المتحدة والحكومات الغربية تفرض العقوبات على إيران قبل التوصل إلى اتفاق حول ملف إيران النووي.
بهذا المعنى، هناك بعد سياسي يفسّر الخلاف بين أعضاء أوبك حول سياسة تجميد الإنتاج.
لكن في هذا الصراع الجميع خاسر، السعودية تخسر جراء انخفاض الأسعار نتيجة زيادة الإنتاج، وإيران هي الأخرى تخسر، لأنّ ما تربحه عبر زيادة إنتاجها تخسره عبر تراجع أسعار النفط نتيجة لهذه الزيادة.
نظرياً يجب أن يقود ذلك إلى تفاهم بين طهران والرياض على تسوية تفضي في نهاية المطاف إلى اتفاق على نسب التجميد، بما يساعد على رفع أسعار النفط. أما إذا استمرت الخلافات على ما هي عليه الآن. فسوف تواصل أسعار النفط انخفاضها، وذلك سيقود لا محالة إلى تراجع عائدات الدول المنتجة، بما فيها إيران والسعودية.
هل تتغلب المصالح المشتركة على العداوات السياسية وتنجح أوبك في اجتماعها المقبل بوضع حدّ للأزمة؟ سؤال تصعب الإجابة عليه.
(البناء)