مقالات مختارة

ماذا وراء الصفقة؟: بن كسبيت

 

الصورة التي تتضح من قضية الغواصات تثير تساؤلات خطيرة جدا، سلسلة من «الصدف» وتضارب المصالح التي تستدعي تحقيقا شرطيا. واليكم تسلسل الأمور بالترتيب الزمني:

في سلاح البحرية تشكلت في بداية العقد الماضي مديرية لمشروع يسمى «ساعر 5 جيل 2». وكان الهدف تخطيط السفينة الحربية التالية لسلاح البحرية، لتعمل أيضا في وظائف حراسة، دورية وقتال، وتكون كبيرة، ثقيلة ومتطورة أكثر من سفن الصواريخ الحالية.

كان في المديرية بين 20 إلى 30 شخص. وعلى رأسها وقف ضابط برتبة عقيد، تحته غير قليل من المقدمين، الرواد وغيرهم من الضباط. وكانت النية هي لشراء السفن من شركة أمريكية (فحصت امكانية «لوكهايد مارتن ورث أون» ضمن شركات اخرى). وانكب رجال المديرية على التخطيط، العروض والخيارات المختلفة، سافروا عشرات عديدة من المرات إلى الولايات المتحدة وبلوروا السفينة المستقبلية لسلاح البحرية. وكان الاستثمار المالي في هذه المديرية هائلا.

«فجأة»، يروي احد الضباط الذين شاركوا في العملية، «في محيط 2009 أو 2010 ببساطة أغلقوا المديرية بقرار مفاجيء، بين ليلة وضحاها، دون تحذير مسبق ودون تفسير، وضاع كل الاستثمار هباء». في وقت لاحق تبين أن احدا ما في مكان ما قرر هجر الخيار الأمريكي. «نتوجه إلى الالمان»، قالت محافل مخولة. أي المان؟ «تيسنكروف»، بالطبع. حوض السفن في كيل الذي يبيع لإسرائيل أيضا غواصات «دولفين».

جاء قرار اغلاق مديرية «ساعر 5 جيل 2» بعد وقت غير طويل من تغيير الحكم في إسرائيل، حين عاد بنيامين نتنياهو إلى مكتب رئيس الوزراء في القدس. وينبغي أن يضاف هنا بأنه عند شراء السفن في الولايات المتحدة فإن الامر يتم بأموال المساعدات الأمريكية. هذه الأموال شفافة، محددة و «ملونة». امكانية اللعب فيها بالعلاوات، السمسرة والارباح الخفية للوسطاء ومساعديهم أدنى بكثير من إمكانية عمل ذلك عند الحديث عن شراء أمني من دول اخرى مثل المانيا.

في الحالة الالمانية يدور الحديث عن مال إسرائيلي صرف، يأتي بالشيكل، يحول إلى اليورو في مستوى شفافية أدنى بكثير. هذه مساحة يعشعش فيها الوكلاء، الوسطاء ومحاموهم. قابل للوصول وسهل أكثر.

في نفس الوقت إلى هذا الحد او ذاك، يحصل شيء ما مفاجيء أيضا في حوض السفن نفسه. «رجال «تيسنكروف» يقررون إقالة الوسيط الإسرائيلي القديم، الذي كان رجال الارتباط مع إسرائيل على مدى السنين التي بيعت فيها الغواصات الخمسة. الرجل، شايكا بركات، إبن 82 اليوم، ضابط سابق كبير في سلاح الجو، أحد الاشخاص الاكثر تقديرا في جهاز الامن على أجياله. لم تكن ابدا شكاوى ضد أدائة من أي من الاطراف، وصفقات الغواصات بين إسرائيل وألمانيا نفذت وتمت برضى الجميع.

لماذا استبدل فجأة شايكا بركات؟ من بادر إلى ابعاده عن الجهاز ومن بادر إلى جلب ميكي غانور من اللامكان؟ «كان منطقيا أن يؤتى بدلا من بركات بوكيل خبير مع سجل ووصولات لصفقات مشابهة»، قال لـ «معاريف» مصدر ضالع في القضية، «ولكنهم جلبوا غانور، الذي كان وكيل عقارات في شرق اوروبا، ولم يعمل في المجال في السنوات الاخيرة. أحد لم يفهم هذا».

اليوم يمكن البدء بالفهم. غانور جلب معه دافيد شمرون. حتى الاسبوع الماضي عمل شمرون مع غانور من تحت الرادار. وكما كشفنا هنا يوم الخميس الماضي، عمل المحامي شمرون مع غانور أيضا على الغواصة السادسة، التي اتخذ القرار بشرائها بخلاف موقف الجيش الإسرائيلي وموقف سلاح البحرية. وبخلاف ما فكرنا ونشرنا حتى الان ليس ايهود باراك هو الذي بادر إلى الغواصة السادسة، بل بنيامين نتنياهو. وقد اكتملت الان هذه الصفقة ويفترض بهذه الغواصة أن تصل بعد أكثر من سنة.

ولكن كل هذا لم يكفِ. فقد كشفت «معاريف» منذ تشرين الاول القرار بشراء ثلاث غواصات أخرى. وزير الدفاع السابق موشيه بوغي يعلون عارض، وبالتالي أزاحوه. الوزير الحالي، الذي صورته مع الوكيل ميخائيل غانور تزين المواقع المختلفة، لا يعارض. ومرت هذه الصفقة هي أيضا من تحت الرادار، تقريبا بلا نقاش جماهيري و «على رأس» الجيش الذي لم يكن مطلعا معظم الطريق.

وبين هذا وذاك تمكنت إسرائيل من شراء أربع سفن حراسة لدى الالمان في مشروع ورث مشروع «ساعر 5 جيل 2» في بداية هذا المقال.

اضافة إلى ذلك طرح اقتراح لشراء سفينتين مضادتين للغواصات، عرقله الجيش الإسرائيلي وسلاح البحرية. كما بذل جهد من ميكي غانور والمحامي شمرون لخصخصة أحواض سفن سلاح البحرية وكذا المنظومة اللوجستية التي بنيت حول الغواصات، في صالح ذاك حوض السفن الالماني.

ونشر أمس يوسي يهوشع في «يديعوت احرونوت» النبرة المهددة التي توجه بها المحامي شمرون لرجال الهستدروت الذين عارضوا الخصخصة. وكشف رفيف دروكر امس النقاب عن أن المحامي شمرون، بخلاف نفيه الاسبوع الماضي بأنه كان على اتصالات مع محافل رسمية في الحكم الإسرائيلي عن الغواصات/السفن. وتوجه للمستشار القانوني في وزارة الدفاع، المحامي أحاز بن آري، اشتكى بان الدولة تجرأت على الخروج في عطاء دولي في كل ما يتعلق بسفن الحراسة. وعقدب شمرون: «هذا كان مجرد سؤال».

كشفت «معاريف» يوم الخميس الماضي النقاب عن ان العميد احتياط أفريئيل بار يوسيف مرتبط هو أيضا بقضية الغواصات ونبش في الموضوع على مدى السنين. بار يوسيف، الذي اعتقل الاسبوع الماضي للاشتباه بتلقي رشوة تتعلق بصفقة تسييل الغاز الطبيعي، هو صديق قريب من الوكيل ميكي غانور. وعلمت «معاريف» بان بار يوسيف نفسه زار حوض سفن «تيسنكروف» أكثر من مرة، بما في ذلك بصفته مسؤول كبير في مجلس الامن القومي.

المحامي جاك حن، الذي يمثل بار يوسيف، رد أمس باسمه فقال: «بار يوسيف زار حوض السفن مرة واحدة في إطار منصبه في مجلس الامن القومي، في زيارة رسمية موثقة في اثناء احتفال تدشين احدى الغواصات في العام 2011 أو 2012. زيارات أخرى إلى حوض السفن جرت حين كان يخدم في سلاح البحرية، في إطار منصبه».

ونشرت صحيفة ألمانية أمس بان الوسيط الإسرائيلي ميكي غانور، الذي مثله المحامي شمرون، سيجترف حتى 125 مليون شيكل على صفقة الغواصات. ورد غانور نفسه أمس لأول مرة ودحرج روايته حول تسلسل محاولة خصخصة أحواض السفن في صالح حوض السفن الالماني. وعلى حد قوله، فإن من بادر إلى الخطوة هو سلاح البحرية الإسرائيلي وليس هو أو المحامي شمرون.

وحسب وثائق وصور اليوميات التي نقلت «لمعاريف» فقد بادر إلى خطوة الخصخصة العميد يوسي اشكنازي، رئيس حوض سفن بحري، بعد أن عين في المنصب في نهاية 2015. وبعد أن التقى به نقل سلاح البحرية نموذج طلب لتلقي معلومات رسمية إلى حوض السفن الالماني، بهدف الشروع في اتصالات لنقل كل عمل حوض السفن إلى الالمان واغلاق أو التقليص الشديد لحجم العمل في حوض السفن الإسرائيلي. كل شيء حصل بمبادرة الإسرائيليين، يقول غانور لمقربيه، ويعرض معلومات مفصلة عن سلسلة طويلة من اللقاءات بينه، مع كبار «تيسنكروف»، في منشأة سلاح البحرية مع كبار رجالات السلاح.

معاريف

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى