مقالات مختارة

ترامب ووعوده الانتخابية علي الشرقي

 

خاص من واشنطن

دخلت الولايات المتحدة الأميركية في مرحلة جديدة ,بعد فوز دونالد ترامب بسدة الرئاسه,حيث وللمرة الأولى منذ حوالي ثلاثة عقود ,يدخل البيت الأبيض مرشح من خارج النخبة السياسية المتمثلة ,داخل الحزبين الديموقراطي والجمهوري.

ان وجه التشابه يبدو واضحاً , بين فوز ترامب الحالي , وفوز رونالد ريغان في ثمانينات القرن الماضي.فكلي الرجلين جاءا في ظروف سياسية و إقتصادية متشابهة الى حد بعيد وسط نقمة شعبية عارمة , ضد الطبقة السياسية الحاكمة في واشنطن لفشلها في حل مشكلة البطالة ,وفي تحفيز الإقتصاد الذي إنكمش بشكل حاد إبان ولاية جيمي كارتر.

وكما إستغل ريغان غضب الأميركيين ضد الحزب الديمقراطي الحاكم الذي عزوا سوء أوضاعهم الإقتصادية , الى سياساته , عندما خاطب الناخبين بقوله الشهير”هل انتم أفضل حالا الأن مما كنتم عليه قبل اريع سنوات”. كذلك إستغل دونالد ترامب قلة توافر فرص العمل للذين خسروا وظائفهم فى المناطق , التي يعتمد إقنصادها بالدرجة الأولى على صناعة السيارات مثل (ميشيغن و اوهايو) كما أولئك الذين أغلقت أبواب المصانع في وجوههم (بنسيلفانيا وويسكنسن), يضاف الى ذلك شريحة لا يستهان بها من الذين يسكنون المناطق النائية ,وهم من ذوي الدخل المحدود إذ ان جلهم من المزارعين , هذه الشريحة التي كانت تشعر بأنها مهمشة بشكل كبير داخل المجنمع الأميركي’ أيقظها دونالد ترامب واعداً إياها أنه على عكس أسلافه من الرؤساء ,سوف لن تكون من الأن فصاعداً خارج الدورة الإقتصادية.

لم يبالي معظم من تقدم ذكرهم بأدنى المواصفات المطلوبه في المرشح للرئاسة لجهة تبوئه لآي منصب عام, وتمتعه بالحد الأدنى من الخبرة السياسية , وهما بالتأكيد ليسا موجودان لدى ترامب,مما دل على مدى عدم الرضا عن النخبة السياسية , وبالتالي المقامرة بالمجيء بمرشح من خارج النادي السياسي ’ مع ما يمثله ذلك من مخاطر سوف لن تكون عواقبها ليس فقط على الصعيد الداخلي , إنما أيضا على الصعيد الخارجي خصوصاً إذا ما فشل الرئيس الموعود بممارسة الحكم , مهما كانت الظروف ولأي سبب كان .

قال الناخبون ألأميركيون كلمتهم ,وفاز دونالد ترامب بالرئاسة ’والسؤال الأن هو : كيف ستكون فترة حكمه ’ وهل سينجح في تحقيق معظم وعوده الإنتخابية ؟ للإجابة على هذا السؤال لا بد من المرور سريعا على بعض ما ورد على لسان المرشح دونالد ترامب آنذاك.  

اولا:على الصعيد الإقتصادي الداخلي ’وعد ترامب ناخبيه بالعمل على عودة الوظائف ’التي خسروها خصوصا في قطاع إنتاج السيارات ’ بفعل إنتقال بعض المعامل الى المكسيك والصين وغيرهما, ملوحاً بفرض عقوبات على الشركات التي تعتزم نقل معامل إنتاجها لخارج الولايات المتحدة , كما على تلك التي نقلتها سابقاً.

قد يبدو الأمر سهلاً ولكن عواقب مثل هكذا خطوة قد تدفع بشركات إنتاج السيارات الى رفع أسعار منتجاتها داخل السوق الأميركية ’للتعويض عن الضرائب الجديدة ’ والى تسريح المزيد من العاملين لديها في الداخل وذلك للضغط على إدارة ترامب لمنعها من المضي في المواجهة. والخاسر الأكبر في الحالتين هو المواطن الأميركي.                                                                            

ثانياً: على الصعيد الإقتصادي الخارجي ’ وعد ترامب بالتصدي لما وصفه بالتلاعب بقيمة اليوان الذي تقوم به الصين من اجل أٌلإفادة أٌلإقتصادية أمام الدولار الأميركي’ كما وعد بفرض رسوم ضريبية ’مرتفعة على البضائع الصينية من اجل حماية المنتجات المحليه .إن المستفيد الأول من توافر المنتجات الصينية بأسعار زهيدة في الأسواق الأميركية هي الطبقة الفقيرة التي وعدها ترامب بتحسين ظروفها المعيشية .               ثالثاً: على الصعيد الداخلي وفي قضية الهجرة غير الشرعية تعهد ترامب ببناء جدار عازل مع المكسيك,                   وبالعمل على ترحيل الألاف من المقيمين غير الشرعيين , وذلك في محاولة لإرضاء الغالبية من الأميركيين الذين يتهمون المهاجرين غير الشرعيين بالإستيلاء على وظائفهم .

وبغض النظر عن صحة هذا الإدعاء فإن احداً لا ينكر المساهمة الهامة للمهاجرين داخل المجتمع الأميركي على مر العقود وبدون مهاجرين جدد لايمكن إستمرار مايسمى بفرادة التجربة الأميركية .                                                                                رابعاً: دعا ترامب الى منع دخول المسلمين الى الولايات المتحدة حتى إشعار آخر ’ والى مراقبة المسلمين المقيمين في داخلها بحجة منع تسلل من وصفهم بالراديكاليين المسلمين.

ليس مفاجئاً أن تتم الدعوة الى إتهام فئة من الشعب الأميركي باللاوطنية وعدم الإنتماء ’ فقد حصل ذلك قبلا مع اليابانيين الأميركيين’ وقبلهم مع الإيرلنديين الكاثوليك ’ كذلك مع المهاجرين الإيطاليين الجدد آنذاك. تاريخ حافل بالعنصرية ضد الأقليات الأثنية سوف يشهد تصاعداً ملحوظاً ’ مما يعمق الشرخ بين مكونات المجتمع الأميركي ’ويؤسس لإنغلاق الإثنيات المستهدفه ’ داخل مناطق تواجدها لمواجهة إستهدافها .

قد يقول البعض ان لا خوف على الحريات المدنية للمواطنين مهما كانت أصولهم أو دياناتهم ’ لأن الدستور يحمي جميع المواطنين (؟). دلت الأحداث الأخيرة في السنوات الماضية ,لجهة القتل المتعمد للأفارقة الأميركيين على عدم صحة هذا ألإدعاء’ ونظرة سريعة على أبرز المرشحين الذين وردت أسماءهم لتولي وزارة العدل في عهد دونالد ترامب لا يوحي بالتفاؤل بإمكانية تحقيق العدالة . اخيراً يمكن القول ان في وسع الرئيس الجديد أن يكون’ رئيساً لكل ألأميركيين إذا اراد ذلك’ ولكن هل يستطيع أن يضرب بوعوده الإنتخابية بعرض الحائط ’كما هي في حالة ترامب ,من المبكر التنبوء بذلك ’ ولكن طبيعة هذا الرجل الذي يغير رأيه مراراً ’ وحجم المسؤولية الملقاة على عاتقه قد تدفعانه للقيام بذلك , أضف الى ذلك موقف المشرعين في الكونغرس من كل تلك المسائل ولابد من الإشارة الى أن احدى أهم وعود ترامب الإنتخابية المتمثلة بالدعوة لإلغاء قانون الرعاية الصحية ’ قد يكون الآوفر حظاً بتحقيقة للمعارضة الشديدة التي يواجهها هذا القانون.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى