بقلم غالب قنديل

فوز ترامب : مؤشرات سياسية وإعلامية

غالب قنديل

سيقال الكثير عن نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية وفوز الرئيس دونالد ترامب في حصيلة سباق محموم مع زعيمة حزب الحرب الوزيرة هيلاري كلينتون ومن المهم انطلاقا من النتائج ومن خطاب الرئيس المنتخب ان نسجل اهم المؤشرات والعناوين السياسية والإعلامية لهذه الحصيلة .

اولا يؤكد مضمون خطاب ترامب الافتتاحي لولايته الرئاسية لائحة الأولويات الداخلية والخارجية فهو أعلن ان الإصلاح الاقتصادي وترميم البنية التحتية الأميركية وإعادة بنائها سيكون محور اهتمامه وتحدث عن خطة شاملة لإحياء الاقتصاد الأميركي كان قد عرض تفاصيلها في حملته انطلاقا من اعتراضاته على اتفاقيات التجارة الحرة وتعبيره عن نزعة حمائية .

في السياسة الخارجية وجه ترامب رسالة تعاون ويد ممدودة للدول الأخرى وسعيا إلى التسويات بدلا من إثارة الأزمات كما قال مذكرا بحجم المشاركين في حملته من جنرالات الجيش السابقين ( مئة وعشرين ) بما يقدم صورة عن دعم في المؤسسة العسكرية لتوجهاته الداعية لوقف حروب التدخلات والغزوات العسكرية التي شكل انتقادها ورفضها عنوانا بارزا لحملته الانتخابية.

اكد ترامب في خطابه على هذه الخطوط في سياسته الخارجية ومن المبكر تكوين صورة واقعية عن هذه السياسة وهو ما سوف تتكفل به المرحلة المقبلة .

ثانيا نزعة الإنكفاء الإمبراطوري الطاغية على التوجهات السياسية لدونالد ترامب هي تعبير عن كلفة حروب التدخل وانعكاسها على الاقتصاد الأميركي وهو ما يطلق عليه تسمية السياسة الانعزالية الخارجية في تحديد سلم الأولويات .

ما طرحه ترامب خلال حملته الانتخابية حول سورية كان في معادلة ان الأولوية لمحاربة داعش واعترف بدور الدولة السورية والرئيس بشار الأسد في قيادة المعركة ضد الإرهاب وعلينا ان ننتظر ارتسام سياسة ترامب في هذا المجال على خلفية دعوته للتفاهم مع روسيا والصين حول القضايا المختلف حولها وفي صلبها الموضوع السوري وبالتالي من المبكر إصدار حكم نهائي في توقع نهج الإدراة الأميركية الجديدة قبل الربيع المقبل.

ثالثا لقد أسقط الناخبون الأميركيون رهان الحكومات الإقليمية التابعة لاسيما السعودية وقطر وتركيا على فوز زعيمة الحرب هيلاري كلينتون لتصعيد العدوان الاستعماري على سورية ولاشك ان الرئيس ترامب سيدشن مرحلة جديدة من السياسات وإدارة العلاقات في المنطقة وهذا يشمل وجهة التعامل مع إيران والاتفاق النووي الذي انتقده المرشح ترامب ومصر التي شدد على استعادة حرارة التحالف معها بدلا من نهج اوباما الداعم والمتبني للأخوان المسلمين والسعودية وقطر التي دعا ترامب لتدفيعها كلفة الحماية العسكرية الأميركية وربما نلاحظ مسافة واضحة بين الكلام الانتخابي والقرار الفعلي فترامب بات رئيسا لإمبراطورية استعمارية تدير حروبا فاشلة في المنطقة وتغرقها ازمات كثيرة وتواجه مأزقا خطيرا في سعيها لتاكيد هيمنتها السياسية والاقتصادية والعسكرية وستظل في دائرة السؤال الخيارات الواقعية لترامب تحت سقف تحاشي التورط في حروب وتدخلات عسكرية جديدة.

رابعا سقطت في هذه الانتخابات الأميركية خرافة الإعلام الحر بعد تورط كبريات الإمبراطوريات الإعلامية الأميركية بناء على توجهات مالكيها ومجموعات التمويل والشركات المالية الكبرى في وول ستريت بحملة منحازة سياسيا ضد مرشح الحزب الجمهوري وممارستها للتسويق المفرط لهيلاري كلينتون مقابل الدعاية المضادة لمنافسها التي هدفت لتشويه صورته وتميزت بالتكتم على نقاط قوته وعلى المواقع التي حصد فيها تأييدا كبيرا لم ينطلق بالتأكيد في يوم التصويت .

سقطت أيضا خرافة استطلاعات الرأي التي كانت بمعظمها تؤكد فوز كلينتون وخابت في صناديق الاقتراع وبالتالي فتلك الخرافات المهيمنة على عقول الكثير من المحللين تهاوت كليا وتكشفت عن وهم افتراضي راكمته الدعاية الأميركية الكاذبة عن حيادية الإعلام الأميركي وعن موضوعية استطلاعات الراي حيث ظهرت هيمنة القوى المالية المالكة والمرتبطة بشبكة مصالح اقتصادية وسياسية بعيدا عن المهنية وقيم الحرية والموضوعية في الإعلام والاستبيان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى