مصر: المجتمع والاقتصاد على شفا الهاوية: د. افرايم هراره
قط اسود مر مؤخرا بين مصر والسعودية. صحيح أن سخاء السعودية تجاه مصر كان بارزا في العامين الاخيرين حيث قامت باعطاء 25 مليار دولار لنظام السيسي، لكن رفض مصر المشاركة في التحالف السني بقيادة السعودية، الذي يحارب في اليمن، وتصويتها مع قرار روسيا حول سوريا، خلافا لرغبة السعودية التي تخشى من السيطرة الشيعية الايرانية على المنطقة، كل ذلك أدى الى تحطيم الأدوات بين الدولتين. ولم تتأخر النتيجة، فقد قررت شركة أرامكو في بداية تشرين الاول وقف تزويد النفط بأسعار رخيصة لمصر. حتى لو أعلنت مصر أن الحديث يدور عن خلافات تجارية، فمن الواضح أن الحديث يدور عن عقوبات.
ان وضع مصر الاقتصادي سيء. نقص العملة دفع الحكومة في الاسبوع الماضي الى اتخاذ خطوة دراماتيكية: في اعقاب ضغط صندوق النقد الدولي الذي تطلب منه مصر مساعدة تبلغ 11 مليار دولار، قام بخفض سعر الجنيه المصري بنسبة 50 في المئة. مصدر الدخل التقليدي الهام لمصر هو السياحة، وقد سقط مع سقوط الطائرة الروسية في سيناء قبل سنة. حيث قامت روسيا بالغاء رحلاتها الى مصر وقامت بريطانيا بالغاء رحلاتها الى شرم الشيخ. والنتيجة كانت كارثة للسياحة: فحوالي نصف السياح فقط وصلوا من هاتين الدولتين.
الاشارة الابرز هي سعر السكر: اذا كان سعر السكر في الصيف 5 جنيهات مصرية، فالسعر اليوم هو 11 جنيه. وقد أعلن السيسي: “نحن مخنوقون، لكننا سنخرج من هذا”. ولكن الشعب غير مقتنع بوعود السلطة. ولم يقم السيسي بتنظيف السلطة من الفساد وهو يقوم بتعزيز حكمه بواسطة الامتيازات التي يمنحها للطبقات القوية. القطاع الاكثر اشتعالا هو الشباب المصريون حيث لم يحصلوا على الاهتمام اللائق، والاسوأ من ذلك – تم اتخاذ قرارات تميز ضدهم – مثلا الشباب الذين اقاموا حزب “عاطلين عن العمل مع شهادة ماجستير” احتجاجا على الغاء قانون كان يمنح للاكاديميين الاولوية في الحصول على العمل في القطاع العام. عادت المحسوبية ومعطيات البطالة في اوساط الشباب وصلت الى مستوى مرتفع. المعطى الرسمي يتحدث عن 27 في المئة، لكن التقديرات تقول إن ذلك هو 40 في المئة.
وسائل الاعلام الغربية هللت للربيع العربي، لكنها قامت باخفاء المعطيات الاساسية: 75 في المئة من المصريين يؤيدون الشريعة والقانون الاسلامي كقانون للدولة. 85 في المئة منهم يؤيدون قتل من يترك الاسلام. وهم يعترفون بنهضة الحركات الدينية: الاخوان المسلمون، حركة النور السلفية، والحركات التي أقسمت بولائها للدولة الاسلامية، خصوصا في سيناء.
حملة الاحتجاج المخطط لها قد تؤدي الى عصيان مدني واسع. تحاول السلطة محاربة الظاهرة بالقوة وهي تتهم جهات اجنبية بالانقلاب. ومشكوك فيه أن استخدام قوة الشرطة والقوة العسكرية ستكون كافية من اجل كبح السكان: الذين هم جائعون للخبز ولا يخشون كثيرا من اسقاط نظام الحكم.
اسرائيل اليوم