هل تعرقل واشنطن استكمال تحرير الموصل؟ حميدي العبدالله
قبل أيام أعلن الناطق باسم قوات التحالف الأميركي أنّ معركة تحرير الموصل قد توقفت لمدة 48 ساعة. ولكن الحكومة العراقية، ورئيس الحكومة حيدر العبادي بوصفه القائد الأعلى للقوات المسلحة العراقية، نفى أن يكون أيّ توقف قد حصل في معركة الموصل.
جاء الإعلان الأميركي بعد صدور توجيهات من العبادي لقوات الحشد الشعبي بالتحرك إلى جبهة غرب الموصل لتحقيق هدفين أساسيين، إضافة إلى الإسهام في تحرير الموصل. الهدف الأول، تحرير مدينة تلعفر ذات الغالبية الشيعية التي شرّد تنظيم داعش سكانها وقتل العشرات منهم. والهدف الثاني الحؤول دون تنقل قوات داعش بين سورية والعراق.
قرار زجّ الحشد الشعبي في معركة تحرير الموصل على هذه الجبهة على وجه الخصوص أفسد خطط الولايات المتحدة الرامية إلى تسهيل انسحاب داعش من الموصل باتجاه سورية، وتحديداً باتجاه مدينة الرقة، وكان ضابط أميركي كبير قد مهّد لعملية الانسحاب هذه من خلال القول إنّ قيادات داعش تتجه الآن نحو سورية. معروف أنّ وزارة الدفاع الروسية أكدت وجود مخطط أميركي يرمي إلى تسهيل انتقال داعش من الموصل إلى سورية، واللافت أنّ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أدلى بتصريحات أكد فيها أنه سيتدخل ضدّ الحشد الشعبي بذريعة حماية التركمان في تلعفر، بل أكثر من ذلك قال إنه لن يسمح للحشد الشعبي بالمشاركة في معركة الموصل.
لقد كانت الولايات المتحدة بحاجة ماسة إلى إطلاق معركة الموصل قبل موعد الانتخابات الأميركية لدعم معركة هيلاري كلينتون، لكن لا يبدو أنّ ما تحقق حتى الآن يمكن أن يصبّ في التوقيت والحسابات التي عملت عليها واشنطن. مشاركة الحشد الشعبي في معركة الموصل، وعدم موافقة الحكومة العراقية على أيّ مشاركة من أيّ نوع كان للقوات التركية في هذه المعركة جعل معركة الموصل تسير باتجاه لا يتطابق مع الرؤية والحسابات الأميركية، أيّ أنّ تحرير الموصل قد لا يصبّ في مصلحة تعزيز النفوذ والوصاية الأميركية على الحكومة العراقية، لأنّ القوى التي ستحرّر الموصل لا تختلف عن القوى التي حررت سابقاً تكريت والرمادي والفلوجة، وهذا ما لا تريده الولايات المتحدة التي تأمل أن تتحوّل الموصل بعد معركة تحريرها إلى منطقة نفوذ أميركي حصري يعزز تأثير الوصاية الأميركية على الحكومة العراقية. ولأنّ مجريات تحرير الموصل لم تصبّ في الحسابات الأميركية، باتت هناك خشية من أن تعمد واشنطن إلى وقف هذه العملية، وبالتالي تأتي تصريحات الناطق العسكري باسم التحالف الأميركي حول وقفها لمدة محدودة، وكذلك تصعيد الرئيس التركي في هذا السياق.
لكن معركة الموصل قد انطلقت ولن تستطيع أيّ قوة وقفها قبل اقتلاع داعش منها، لأنّ وقفها سوف يشكل انتكاسة كبيرة للحكومة العراقية، وسيحرج الأميركيين ويؤكد عدم جديتهم في مكافحة الإرهاب.
(البناء)