مسيرة جديدة لإنقاذ الوطن
غالب قنديل
ينطلق عهد الرئيس العماد ميشال عون في مناخ يتطلع عبره اللبنانيون الى عملية انقاذ شاملة تطال كل شيء وإن توقع الناس ذلك في عهد العماد ميشال عون فلأنه منذ دخوله الحياة السياسية رفع راية التغيير ورفض الواقع التقليدي المهترئ والمتهتك ورفض جميع الخزعبلات الطائفية التي انتجها النظام اللبناني منذ زمن الانتداب وما بعده في الاربعينات من القرن الماضي وذلك ما جعل العماد ميشال عون ظاهرة استثنائية في الواقع السياسي اللبناني يتحرك بتيار شعبي راديكالي وله اصداء ملء الوطن فلا يحده انتماء طائفي ولا عرف العصبيات في سلوكه السياسي.
ضغط النظام التقليدي الطائفي بكليته ضد العماد ميشال عون وتلاقت الاضداد في اعتراض مسيرته منذ عودته الى لبنان وكان حليفه الاول والاساسي هو المقاومة وحزبها والسيد حسن نصرالله كما قال امس رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل من ساحة الشهداء حين اكد ان موقف حزب الله من ترشيح العماد عون كان تثبيتا لتقليد سياسي جديد هو المصداقية ولم يكن عرفانا بجميل فالموقف الذي اتخذه التيار الوطني الحر في حرب تموز 2006 كان برا بواجب وطني وبمبدأ استقلالي وسيادي ولم يكن تعاطفا فحسب مع حزب الله ودوره المقاوم والبطولي في الدفاع عن الوطن.
خلال ممارسته لدوره كتكتل نيابي ممثل بوزراء في الحكومة وناشط داخل البرلمان اعترضت مسيرة التيار الوطني الحر سائر قوى التقليد التي تحصنت بجميع منوعات الاثارة الطائفية وسعت الى كبح هذا التيار ومنعه من تعديل التوازنات.
اليوم تتطلب الامور نظرة واقعية بفعل ما يواجه انطلاقة العهد من تعقيدات فالأزمة الاقتصادية عميقة وليس لحلها مفتاح سحري لا في قصر بعبدا ولا في ساحة النجمة ولا في مجلس الوزراء بل المطلوب خطة شاملة بأهداف متدرجة تستطيع ان تعطل فعل القوى المعرقلة التي تنتمي الى اقتصاد ريعي راكمت عبره ارباحا خيالية وربوية على حساب الانتاج واليوم شكوى متواصلة من تمادي الفساد والفوضى والمحسوبية في الادارة وهذا ذاته يستدعي برنامجا للإصلاح الشامل والجذري في الادارة اللبنانية فإضافة الى محسوبيات نظام 43 التي عاشت دهرا وانتجت تقاليدا وبؤرا للخراب. وبعد الطائف اضيف في السلوك السياسي امر جديد جمع بين المحسوبية والزبائنية ونمط الادارة الموازية وشللا كبيرا لمؤسسات الرقابة ففي الدولة اللبنانية لا يوجد نظام تسلسلي اداري واحد بل ان لكل مؤسسة بذاتها نظام رتبها ورواتبها الخاص وفي الدولة اللبنانية علقت سلسلة الرتب والرواتب الجديدة التي كان التيار الوطني الحر وتكتله النيابي في طليعة المبادرين لإقرارها عندما اعترضها تكتل المستقبل داخل المجلس النيابي وهذا يحتاج الى معالجة شاملة وجذرية تقيم هيكلية ادارية حديثة وسلسلة رتب ورواتب مرتبطة بها بشكل تصبح فيها الدرجات والرتب والعطايا مقترنة بالإنجاز الاداري وبالديناميكية في تلبية المصلحة العامة وخدمتها وليس معيارا لدرجة القرب من هذا الوزير او ذاك المسؤول والعمل في خدمة مصالحه ونزواته وما يتوسط به لفلان وعلان من النافذين واصحاب المال.
يمكن ان نضيف عشرات المشاكل والظواهر التي تستدعي علاجا الا ان امرا اساسيا سيواجه العهد الجديد من الان الى الاشهر المقبلة وهو يمثل مضمون ما يمكن ان نسميه المرحلة الانتقالية للعهد وهذا الامر هو بالتحديد قانون الانتخاب وتعيين موعد الانتخابات النيابية التي كان تكتل الاصلاح والتغيير في مقدمة المتمسكين بها والرافضين لتعطيلها فالانتخابات ضرورية جدا لإطلاق عملية تجديد الحياة السياسية بعد طول تعفن وتحجر وانتظار وتمديد مخالف للدستور لولاية المجلس بغرض منع الاحتكام الى الإدارة الشعبية.
ان الرصيد الاساسي لانطلاقة العهد هو شخصية الزعامة الوطنية التي يمثلها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورصيد هذه الشخصية من الطروحات التغييرية وتحدي الامر الواقع ورفض التقليد يدعو الى التفاؤل والاندفاعة الشعبية المحيطة بفخامة الرئيس تمثل محفزا مهما لكن الامر يحتاج عملا مع سائر الاطراف والكتل المتطلعة الى التغيير والاصلاح ولن تكون الرحلة سهلة ولذلك يجب ان تتضافر كل الجهود الى جانب رئيس الجمهورية لتحقيق الغاية المنشودة اي اقرار قانون انتخابات يعتمد النظام النسبي ويضرب موعدا للبنان مع عهد جديد من الحداثة والتقدم والتطور فالمجلس المنتخب على اساس النسبية سيكون سلاحا ماضيا في وجه التعفن والبلادة وسيواكب بالضرورة ارادة الاصلاح الصلبة والمتينة لدى فخامة الرئيس ميشال عون.
من الطبيعي الدعوة الى خفض سقف التوقعات ولكن من الطبيعي ايضا ان نتوقع الانجازات فالرئيس ميشال عون شخصية ثورية لا تقبل الرضوخ للظروف وهذا الزعيم المخضرم صاحب الارادة الفولاذية والموقف الصلب يملك الكثير من العزم في تحدي الصعوبات ويمتلك جدولا للأولويات.
المطلوب من كل المتطلعين الى الاصلاح والى التغيير في واقع البلد السياسي والاقتصادي والاجتماعي ان يتحلقوا حول رئاسة الجمهورية ويشبكوا الايدي ويضموا الجهود فمعركة اعادة بناء لبنان بدأت بانتخاب الرئيس ميشال عون .