إنتخاب عون البداية… وساحة الجهاد الحكومة وقانون الإنتخاب محمد بلوط
دخل العماد ميشال عون امس نادي رؤساء الجمهورية بعد شغور رئاسي دام حوالى السنتين ونصف السنة. لكن انتخابه يعتبر البداية وليس النهاية، كما عبر الرئيس بري في جلسة القسم.
هي بداية محفوفة بالمخاطر والصعوبات اكان على صعيد انتظار اعادة تشكيل او تنظيم المؤسسات الدستورية، او على صعيد اقرار قانون جديد الانتخابات يضمن التمثيل العادل، ويؤسس لمرحلة سياسية جديدة.
هل صحيح ان انتخاب الرئيس عون «صنع في لبنان» ام ان الولادة جاءت بعد مداخلات دولية واقليمية؟
تقول مراجع مطلعة ان ما حصل بعد سنتين ونصف من الانتظار ليس امرا عاديا ولا بفعل الصناعة اللبنانية، فاصابع بعض الجهات الدولية واضحة في انضاج هذه الطبخة الرئاسية التي بدأ العمل لها منذ ما لا يقل عن ثلاثة اشهر او اكثر.
ولا تستبعد المراجع ان يكون للادارة الاميركية دور في تسهيل مرور الاستحقاق في هذا الوقت بالذات، آخذة بعين الاعتبار عوامل اقليمية ومحلية مساعدة ومساندة بلورت عملية ترشيح العماد عون بتوافق كتل نيابية يتجاوز الاصطفاف السياس التقليدي على مدى اكثر من عشر سنوات.
ووفقا للمعلومات فان طهران التي ركزت من البداية على ترك الخيار للبنانيين، لم تكن معارضة للخيار المؤيد لعون خصوصا ان حليفه حزب الله بقي على تمسكه بهذا الخيار بعد ترشيح الحليف الاخر سليمان فرنجية.
وسارعت المملكة العربية السعودية، التي كانت حذرة في البداية، الى الالتحاق بتأييد الخيار المستجد سعياً الى الاحتفاظ بدور لها ليس في الاستحقاق الرئاسي فحسب بل في المرحلة المقبلة ايضا. ولذلك حرصت على ايفاد الوزير ثامر السبهان وقيامه بجولة موسعة على كل القيادات والاطراف في 8 و14 آذار على السواء.
واذا كان الاستحقاق الرئاسي قد انجز امس وفق اللعبة الديموقراطية، فان الجهاد الاكبر كما قال الرئيس بري سيكون حافلا في المستقبل بدءاً من تكليف رئيس الحكومة الجديد، مرورا بالتشكيل، وانتهاء باعادة وضع قانون الانتخابات على طاولة النقاش في سباق مع الوقت قبل ان يدهمنا الاستحقاق الانتخابي النيابي.
ووفقا للاجواء السائدة حتى الان فان التكليف ذاهب للرئيس سعد الحريري، لكن تشكيل الحكومة دونه صعوبات ترتبط بتوزيع الحقائب والاسماء وفق القاعدة اللبنانية المعروفة وكما عبر عشية جلسة انتخاب رئيس الجمهورية فان الرئيس بري، الذي صوت بورقة بيضاء التزاما برغبة مرشحه سليمان فرنجية، لن يعارض على طريقة «قوم لأقعد محلّك»، بل سيعارض عندما يكون هناك واجب للمعارضة.
من هنا، فان رئيس المجلس ينتظر استشارات التشكيل فاذا ما وجد ان العروض مقبولة شارك في الحكومة والا فانه سيبقى خارجها.
ومما لا شك فيه ان نتيجة التصويت أمس اظهرت بوضوح ان حجم التأييد للمرشح فرنجيه بالورقة البيضاء (36) لم يكن قليلا او ضعيفا، هذا عدا معارضة الكتائب والاوراق اللاغية او التي لم تحمل اسم العماد عون (8).
وفي الحسابات السياسية فان هذا العدد يشكل رصيداً مهماً للنائب فرنجيه رغم كل التوافقات والمصالح المتقاطعة التي قضت بانتخاب العماد عون وفوزه في الدورة الثانية بـ83 صوتاً.
ويعني هذا ان فرنجيه حجز لنفسه مركزاً متقدماً في نادي المرشحين لرئاسة الجمهورية، وقطع الطريق سلفاً على بعض الحالمين بكرسي الرئاسة الاولى حتى إشعار آخر.
وعلى عكس ما يحاول البعض تفسيره فان الرئيس بري سيتعامل مع المرحلة المقبلة بروح التعاون المتوازن وليس بروح المقاطعة، لا بل انه رفض عروض البعض ممن انتخبوا العماد عون لاحقا ان يقاطع جلسة الانتخاب وبالتالي ان يطيّر النصاب، وكان جوابه دائماً «ليس نبيه بري من يطيّر النصاب او يقاطع جلسة انتخاب الرئيس».
ومما لا شك فيه ان معركة تشكيل الحكومة لن تكون سهلة، فالرئيس بري وما يمثل سيتعامل مع هذه المعركة المهمة وفق الاصول التي تراعي وتضمن حقوق هذا التمثيل وحقوق من معه.
اما في خصوص قانون الانتخاب فقد اعلن صراحة في كلمته في جلسة القسم أمس «ان الاولوية تنطلق من التفاهم على قانون عصري للانتخابات، وهذا لا يتحقق الا باعتماد النسبية والتأكيد على الكوتا النسائية ومشاركة الشباب في الاقتراع».
(الديار)