هل رحّلت إدارة أوباما ملف الحرب السورية إلى الإدارة الجديدة؟ حميدي العبدالله
تعتقد جهات عديدة أنّ مماطلة إدارة أوباما وتنصّلها من تنفيذ التفاهمات مع روسيا، ولا سيما تفاهمات 9 أيلول، هدفها الأساسي ترحيل الملف السوري إلى الإدارة الأميركية الجديدة لما ينطوي عليه هذا الملف من تعقيدات وأخطار لا قدرة لهذه الإدارة على تحمّلها.
ويستنتج هذا البعض أنّ جميع الاتصالات والبحث عن حلول، موقتة أو دائمة، بين روسيا والولايات المتحدة لم يعد لها من معنى، وهي أقرب إلى حملة العلاقات العامة منها إلى أيّ شيء آخر، وبالتالي فإنّ الكلمة الآن للميدان.
فهل هذه التوقعات صحيحة، وهل لم يعد بالإمكان استئناف جهود حقيقية لاحتواء الأوضاع القائمة الآن في سورية تشارك فيها الولايات المتحدة وروسيا؟
الإدارة الأميركية الجديدة لن تتسلّم مهامها قبل 18 كانون الثاني عام 2017، أيّ بعد شهرين ونصف من الآن وبمعزل عن التقديرات التي تتحدث عن أنّ تشكيل الإدارة الجديدة ودراسة ملفات القضايا الملحة قد تستغرق أكثر من شهرين آخرين كي يصار إلى اتخاذ قرارات بشأنها، وعلى فرض أنّ المسألة السورية كانت من القضايا الملحة والاستثنائية التي لا تنتظر التأجيل شهرين إضافيين، فإنّ الشهرين المقبلين قد يقودان إلى نشوء أوضاع وحدوث تطورات يصعب على إدارة أوباما تجاهلها، وبالتالي تنفيذ رغبتها وتطلعها إلى ترحيل ملف الحرب السورية إلى الإدارة الجديدة.
مثلاً، اليوم الجيش السوري وحلفاؤه وعلى رأسهم روسيا، مصمّمون على حسم الوضع في مدينة حلب. والمعطيات الميدانية القائمة الآن، إن لجهة حشود الجيش السوري وحلفائه، أو لجهة مستوى الإسناد الجوي الروسي، يؤكد أنّ الحسم في أحياء حلب الشرقية وبعض أريافها الشرقي والجنوبي والغربي أمر قد يحصل في غضون الشهرين المقبلين، ويمكن أن يترتب على عملية الحسم هذه مع ما يتوقع أن يرافقها من احتكاكات، وتحديداً مع تركيا حليفة الولايات المتحدة، ما يجعل المسألة السورية غير قابلة للترحيل بسلاسة إلى الإدارة الجديدة، بل إنّ ثمة أوضاعاً قد تتطلب قرارات الآن، ولا يمكن تأجيلها لفترة تطول أكثر من شهرين.
هكذا يمكن الاستنتاج أنّ مسألة ترحيل ملف القضية السورية إلى الإدارة الأميركية الجديدة ليس وقفاً على إدارة أوباما، بل إنّ التطورات قد ترغم الإدارة الحالية على اتخاذ قرارات صعبة لا تنتظر التأجيل.
(البناء)