بقلم غالب قنديل

نصرالله : تسوية لبنانية ونصر سوري

غالب قنديل

في جميع خطبه ومواقفه وخياراته يواصل السيد حسن نصرالله البناء على قاعدة صلبة من التقاليد والمفاهيم في الممارسة السياسية راكمتها المقاومة بالتضحيات الكبيرة وبالتواضع الجم وبالإيثار والوفاء ما يمكن اختصاره بعبارة الأخلاقيات الرفيعة في السياسة وهي في لبنان مدرسة جديدة تناقض كل ما عرف عن ارتباط السياسة بالتحايل والكذب والتنصل من الالتزامات والتقلب في المواقف والخيارات.

بهذا الرصيد المعنوي الكبير وبالثقل النوعي لقائد المقاومة في الحياة الوطنية أطل السيد على مفترق الاستحقاق الرئاسي ليشبك المعادلة المركبة المشحونة بالتعقيدات وليوفر فرصة انتخاب الحليف والشريك الكبير للمقاومة العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية وفقا لما التزم به كما كشف مؤخرا قبل حرب تموز 2006 التي توجت عون في وجدان المقاومين كبطل وطني اتخذ الموقف الصلب وغامر ضد التهديدات التي لم توفر حياته وعائلته بينما كان كثيرون يتآمرون على حزب الله حول مائدة عوكر وكان الرئيس نبيه بري آنذاك يقود معركة التفاوض السياسي الصعب بتفويض مطلق من السيد نصرالله وفي وجهه كانت وزيرة خارجية الولايات المتحدة التي قادت العدوان وخططت له ووفرت له كل السلاح والذخائر والتمويل والغطاء السياسي وحشدت رهطا من الحكومات العربية والإقليمية خلف كيان العدو بشتى الوسائل الإعلامية والمخابراتية التي كانت سكاكين في ظهر المقاومة.

يكاد السامع ان يغمط الشهداء من قادة المقاومة ومناضليها على حرارة ما يقوله السيد عنهم في الوداع الذي يتحول من لحظة حزن وبكاء إلى محطة افتخار بما راكموه من بطولات وإنجازات لم تكن معروفة من قبل الوداع وينبري الأبناء في عمر البراعم يعاهدون : إنها حركة اجيال لاتعرف التعب ويضيف السيد : لن نعود من سورية إلا بعد إنجاز النصر الحاسم مجددا التواضع في تقدير حجم مشاركة الحزب في القتال إلى جانب الجيش العربي السوري وباقي الشركاء ولاسيما القوة العظمى الروسية وإيران الوفية.

مقدمات الانتصار في سورية تتزاحم انطلاقا من حلب ومعانيه ستكون كبيرة وكثيرة وتأثيراته ضخمة ونوعية دوليا وإقليميا لأن سورية تغير العالم … وستأتي الأيام لمن ينتظر ببشائر التحولات التاريخية الكبرى في اوان لم يعد بعيدا فدينامية القتال ضد الإرهاب والحلف الاستعماري الرجعي الذي يدعمه سوف تولد تداعيات متسارعة على أرض سورية لصالح دولتها الوطنية وحلفائها الكبار وحزب الله الإقليمي سيكون بين الحصادين الذين يعود إليهم فائض مساهمتهم بالدماء والشهداء والتضحيات الجزيلة التي سمحت للبنان بحماية وحصانة قوية ضد الإرهاب والتكفير إلى درجة ان السير إلى انتخاب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بات أمرا راهنا وقريبا … إنه وعد نصرالله يتحقق فنواب كتلة الوفاء ذاهبون إلى الجلسة ولو سمح القانون سيشهرون اوراقهم عليها اسم الجنرال قبل أن يضعوها في الصناديق .

موقف حزب الله الداعم لانتخاب مرشحه العماد ميشال عون ينطلق بتضحية كبيرة هي قبول الحريري في رئاسة الحكومة وفقا للتفاهم بين التيار والمستقبل ومن غير ان يفرط الحزب بحلفائه الآخرين وفي المقدمة الرئيس نبيه بري وحركة امل ورئيس تيار المردة الوزير سليمان فرنجية إلى كل من الحزب القومي وحزب البعث فالسيد يشدد على نقطتين منهجيتين : ندية العلاقة مع الحلفاء وعدم ممارسة الضغط عليهم لمراجعة مواقفهم بل ترك القرار لهم وحث التيار الوطني الحر على توسيع دائرة التفاهمات بمبادرات ولقاءات يمهد لها حزب الله بجهود مباشرة اتجاه جميع الشركاء المعنيين .

يرسم السيد معادلته الواضحة : دعم التسوية التي تضمن للجنرال رئاسة الجمهورية وهو فيها ضمانة للبنان بأسره وللمقاومة معا فبعد انتخاب الرئيس ميشال عون وقسمه لن يكون في بعبدا من يطعن المقاومة ويتواطأ عليها ولاعودة من سورية إلا بالنصر الحاسم وهو بذلك يبلغ الواهمين ان انخراط المقاومة ودورها الحاسم في المعركة ضد الإرهاب التكفيري على مستوى المنطقة وليس في لبنان فحسب امر وخيار لا يقبل المساومة ولن يحصلوا عليه بمقايضة رئاسية كما لم يحصلوا عليه بكل الضغوط الإرهابية والسياسية ومقابل السير بانتخاب مرشح الحزب للرئاسة الأولى هو قبول الحزب بالشيخ سعد الحريري في رئاسة الحكومة ولا شيء آخر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى