الصحافة الاسرائيلية هي صحافة مجندة: جدعون ليفي
يبدو هذا من الخارج هكذا: الديمقراطية الاسرائيلية توجد في ذروة معركة مصيرية. وعلى الجدول – مستقبل البث الحكومي، الذي هو روحها. أنقذوها، أيها الاخوة: البث الحكومي – مستقل، شجاع، حر، نوعي ويؤدي رسالته – يتعرض لخطر الاندثار. قوي، مؤثر وله شعبية، ويحتمل أن يسقط في أيدي سيئة. في اليوم الذي سيسقط فيه في أيدي بنيامين نتنياهو ستكون هذه نهاية حرية الصحافة.
الحقيقة هي: البث الحكومي في اسرائيل لم يسبق له أن أدى رسالته، فقد أهميته منذ أن بدأت الصحافة التجارية بالازدهار. الصحافة التي تقرر في اسرائيل هي تجارية، وهي حرة نسبيا، وهي الاكثر تقصيرا في دورها وذلك بارادتها، فيها يكمن الخطر على الديمقراطية وحرية التعبير، هي التي تقوم بغسل الأدمغة، وتتملق الجمهور الواسع وتركض وراء نسبة الانتشار، سواء مع نتنياهو أو بدونه. وهي ايضا المتعاونة الكبيرة مع الاحتلال، وتقوم بتبييض اغلبية جرائمه. صحيح أن تدخل رئيس الحكومة في اقامة اتحاد البث هو تدخل خطير، لكن من يخشى على حرية الصحافة يفضل أن يهتم بوسائل الاعلام المؤثرة أكثر. هناك يتم تشويش الوعي والتحريض وحرف الانظار والاخفاء والافساد.
البث الحكومي هو بث هامشي. القناة الاولى نائية، صوت اسرائيل هي محطة حكومية بالمعنى السيء للكلمة، ومن التلفاز التربوي بقي المبنى، وقوة صوت الجيش تتجسد في كونها المدرسة الاكثر إفسادا في اسرائيل. ربة المحطة العسكرية أجيال من الصحفيين من نوع واحد، ممن انتهجوا طريق التوازن. والصفات السيئة لوسائل الاعلام مصدرها صوت الجيش. والآن يريد نتنياهو كم الافواه التي مغلقة أصلا. ايضا الاتحاد الجديد، برج حرية التعبير القادمة قام ببنائه اثنان من خريجي صوت الجيش، اللذان لم يسبق لهما أن كانا صحفيين شجاعين. يقول نتنياهو إنه يجب إقالتهما بعد كل التشريع والعقود، وهذا شيء خطير بحد ذاته، لكن الاتحاد الذي نويا اقامته لم يقلب خارطة الصحافة رأسا على عقب. المزيد من نفس الشيء مع بعض التحسينات البسيطة.
وسائل الاعلام في اسرائيل مجندة، والرقيب الاساسي فيها هو جمهورها، الذي تعبده. إنها وسائل اعلام تعتقد أن دورها هو إرضاء المستهلكين وتسليتهم واضحاكهم، المهم عدم إغضابهم، إنها تُركز على قول ما يريدون معرفته. والمهم عدم قول ما لا يريدون معرفته. لا حاجة الى أي تدخل للسلطة من اجل ضمان وجود وسائل اعلام خائفة كهذه. وبارادتها الذاتية هي متعسكرة – والجمهور يرغب في ذلك. بارادتها الذاتية، هي لا تغطي تقريبا الساحة الخلفية القبيحة لاسرائيل، من الاحتلال وحتى طالبي اللجوء. الجمهور لا يريد أن يعرف لماذا نقوم باقلاقه.
ليست هناك حاجة الى أي نتنياهو من اجل اقناع وسائل الاعلام التجارية بتبني الحكم الذاتي المخيف للرواية المسيطرة. وليست هناك حاجة الى أي ضغط من اجل القيام بدور الوساطة الكاذبة بين الاجهزة العسكرية والجمهور. وليس نتنياهو هو من وضع صورة الفلسطينيين غير الانسانية في وسائل الاعلام والتخويف والتحريض ضدهم. وليس دافيد بيتان هو الذي حدد أن نشرة الاخبار في القناة الثانية تظهر كما هي. الدمج بين القليل من الاخبار وكثير من الدعاية والتسلية والاستهلاك.
ليست الحكومة هي التي وضعت برنامج “عوفداه” الذي قام باجراء “تحقيق” بهذا القدر من الانحطاط عن “تعايش”. لقد اختار الصحفيون ذلك بارادتهم، الامر الذي يزيد من خطورة الوضع. لا تقوموا برواية القصص عن الرقابة والضغط، لا أحد يفرض على “يديعوت احرونوت”، “اسرائيل اليوم” و”معاريف” الظهور مثل “في المعسكر”. في اسبوع سيء بشكل خاص، لا أحد أجبر هذه الصحف على أن تتحول الى هذا المستوى الثقافي المتدني.
الصراع من اجل البث الحكومي هام. فهو بعيد عن أن يكون صراع حقيقي على وسائل الاعلام، كما يحاولون تصوير ذلك من اجل الاظهار وكأن هناك وسائل اعلام متضامنة ومحاربة. تريدون الصراع من اجل صورة وسائل الاعلام؟ توجهوا الى القناة الثانية.
هآرتس