الموصل: هذا ما جناه أردوغان حميدي العبدالله
المواقف الاستفزازية، والتصريحات العنترية التي أطلقها أردوغان عشية معركة الموصل ارتدّت عليه وعلى تركيا سلباً. فلو لم تكن مواقفه التي تفوح منها رائحة الفتنة المذهبية التي سئمها الشعب العراقي، وإصراره على تجاهل الحكومة العراقية الشرعية والتشديد على أنه سيكون طرفاً مباشراً في معركة الموصل التي أحرجت حلفاءه الأميركيين، لما كان هذا الموقف المتشدّد للحكومة العراقية إزاء أيّ مشاركة تركية في عملية الموصل.
لقد أدّت التصريحات غير الحصيفة التي أدلى بها الرئيس التركي إلى توحيد غالبية العراقيين في وجه هذا التدخل السافر، الأمر الذي ساهم مع الموقف الشعبي في تشدّد موقف الحكومة العراقية، وإعلان رئيسها حيدر العبادي الرفض القاطع لأيّ مشاركة تركية في معركة الموصل، بل أكثر من ذلك تحذير القيادات التركية من مغبة أيّ تورّط، واستخدم للمرة الأولى تعابير لم يعتد على استخدامها عندما قال إنّ القوات التركية إذا ما قرّرت دخول الأراضي العراقية لن تخرج منها سالمة.
الحصيلة الفعلية هي أنّ معركة الموصل قد بدأت، وقد تمّ حشد القوة الكافية لربحها، وبالتالي سقطت تحذيرات أردوغان من أنّ الحكومة العراقية غير قادرة بمفردها وبقدراتها الذاتية على تحرير الموصل، وقد بدأت المعركة من دون أيّ مشاركة تركية على أيّ نحو كان، وبالتالي فإنّ ما جنته تصريحات أردوغان العنترية ومواقفه غير المسؤولة، خسارة لتركيا لنفوذها في العراق وتعرّض مصالحها الاقتصادية لخطر حقيقي، ذلك أنه في ظلّ أجواء العداء القائمة حالياً، سواء على المستوى الرسمي أو على المستوى الشعبي، سيكون من الصعب على الشركات التركية أن تحافظ على حصة خاصة بها على غرار ما كانت عليه الحال عندما كانت تركيا تعتمد سياسة أخرى إزاء العراق وسورية والدول العربية.
اليوم باتت مصالح تركية ونفوذها محصورين في منطقة شمال العراق، أيّ في المنطقة التي تعرف بإقليم كردستان. بديهي القول إنّ العلاقة مع هذه المنطقة هي علاقة إشكالية وهي عبء على البارزاني كما هي عبء على أردوغان، وذلك لأنّ غالبية أكراد العراق تتعاطف مع أكراد تركيا، في حين أنّ غالبية الأتراك لا تكنّ الودّ للأكراد لا في تركيا ولا في العراق ولا في سورية، وتخشى من أنّ الأكراد يعملون على إقامة دولة كردية سيؤدّي قيامها إلى اقتطاع أجزاء واسعة من تركية، وهي الأجزاء الواقعة جنوب وشرق تركيا، وهي مناطق غنية بالمياه التي هي نفط تركيا.
(البناء)